فتنة الوهابية..مسلسل إجرامي بشع ممتلىء بالمغالطات التاريخية والدينية
تحقيق خاص: وكالة الصحافة اليمنية//
في معرض تبريراتها غير المقنعة لمنع قرار الحج هذا العام، وحصره في مئات الأشخاص من داخل أراضيها، ساقت السعودية، ولا تزال، عبر وسائل إعلامها المختلفة، الكثير من المغالطات التاريخية.
فعل كهذا ليس مستغرب عن المملكة التي قامت قبل نحو مائة سنة بدعم بريطاني وصهيوني من أجل مهمة واحدة، تشويه الإسلام دينياً وتاريخياً.
تبريرات لم تجد لها أسانيد تاريخية، وقد دحضها الكثير من المؤرخين والباحثين.. وجميعهم كشف إن “فتنة الوهابية” وأذيتها على الأمة الإسلامية والمسلمين وحجاج بيت الله، كانت بمثابة مسلسل إجرامي بشع، بدأه يزيد بن معاوية، ويستكمله حالياً النظام السعودي وعلى رأسه الملك سلمان وولده ولي العهد الذي يتجه إلى تحويل أرض الحرمين إلى مساحة ملاهي وترفيه واسعة.
مغالطات تخدم السياسة
ويتعجب الكاتب علي أبو الخير من تقارير سعودية تقول إن إدارة الملك عبدالعزيز البحثية وقنوات سعودية حرصت على ذكر أعوام توقف فيها الحج، وحددتها بأربعين مرة، معظمها بسبب الأوبئة والفتن؛ مثل البرد الشديد في الشام ومصر والعراق عام 417هـ، كما ذكر ابن الأثير في كتابه الكامل، ولكنها لم تتطرق إلى الأسباب السياسية التي منعت المسلمين من الحج، وهي كما نراها كثيرة وعديدة ودموية أكثر من الأوبئة وعدم الأمان في طرق الحج إلى البيت الحرام ومدينة النبي، عليه السلام.
ويضيف :إن أول ما يصادفنا هو هدم جيش يزيد بن معاوية بقيادة مسلم بن عقبة الكعبة المشرفة، بعد أن هتك المدينة المنورة وقتل رجالها وسبى نساءها، وبالتالي تم منع الحج في أعوام 70 و71 و72، وكان عبد الله بن الزبير متحصنًا داخلها.
وفي عهد عبد الملك بن مروان قام الحجاج الثقفي بهدم الكعبة مجددًا، وقتل ابن الزبير عام 73هـ، وتوقف الحج.
وبعد زوال الدولة الأموية في المشرق تعددت حواضر الخلافة في البلدان الإسلامية؛ فصارت خلافة عباسية بالمشرق، وأخرى أموية بالأندلس، ثم صارت خلافتان بالمشرق، هما الخلافة العباسية ببغداد وفاطمية بمصر والمغرب، وقد كانت المناوشات بينهما تؤثر على أداء فريضة الحج، فعند الحديث عما وقع من الحوادث في سنة 372هـ مثلًا، يقول ابن تغري بردي في كتابه “النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة”: “قيل: إنّه لم يحجّ أحد من العراق من هذه السنة إلى سنة ثمانين، بسبب الفتن والخلف بين خلفاء بني العباس وبين خلفاء مصر بني عبيد”، ويقول ابن تغري بردي أيضًا عن حوادث سنة 428: “وفيها لم يحجّ أحد من العراق، وحجّ النّاس من مصر وغيرها”، وفي حوادث سنة 650 يقول: “وفيها حج بالنّاس من بغداد بعد أن كان بطل الحج منذ عشر سنين، منذ سنة مات الخليفة المستنصر بالله”.. هذه بعض أمثلة قديمة من توقف الحج والعمرة؛ بسبب خلافات السياسيين.
مجازر شاملة
المجازر السعودية والوهابية التي أرتكبت بحق الحجاج لم تقتصر على الحجاج اليمنيين في مجزرة تنومة الشهيرة قبل نحو مائة عام، فقد نال الحجاج العراقيين والمصريين نصيباً وافراً من جرائم التحالف الإرهابي الذي سيطر على مساحة واسعة من أراضي “الحجاز ونجد” ومد نفوذه السافر على مساحات شاسعة من الأراضي اليمنيية “جيزان، عسير، نجران” وكذا أراضي المملكة الأردنية الهاشمية.
يقول الكاتب المصري، علي أبو الخير:”لو أخذنا خطًّا ممتدًّا، وعند تأسيس الدولة السعودية الأولى، سالت دماء المسلمين أنهارًا في الحجاز؛ في مكة والمدينة والطائف.. ففي سنة 1221هـ، انقطع الحج العراقي بعد مجزرة كربلاء التي قام بها الوهابيون، وأعقبه الحج الشامي في العام التالي، ويعود سبب المنع إلى اشتراط ابن سعود على أمير الحج الشامي اعتناق المعتقدات الوهابية، وكان بين الحجاج الشاميين بعض الدعاة الوهابيين، والذين اعتنقوا المذهب الوهابي بعد غزو سعود لمنطقة الشام”.
وأضاف أبو الخير “أما موكب الحج المصري، فإن ابن سعود أمر بإحراقه فور وصوله، وأمر بعد الحج أن ينادي أن لا يأتي إلى الحرمين بعد هذا العام مَن يكون حليق الذقن، وتلا المنادي في المناداة (يا أيها الذين آمنوا إنما المشركون نجس فلا يقربون المسجد الحرام بعد عامهم هذا)، أي أنه اعتبر كل المسلمين من غير الوهابيين مشركين أنجاس، وعلى إثر قرار الحظر انقطع وصول قوافل الحج من مصر والشام والعراق وإسطنبول”.
وأشار إلى أن السعوديين كانوا يرون في ما يصاحب هذه القوافل من المظاهر، ما يخالف قواعد الدين، ولا يتّفق مع مبادئ الدعوة السلفية، بالإضافة إلى أن هذه المحامل كانت تصحبها قوة عسكرية خشي منها آل سعود، ولذلك لم يسمح السعوديون لهذه القوافل بأن تصل إلى الأماكن المقدسة”.