عسكري | وكالة الصحافة اليمنية //
تقرير: رشيد الحداد
تقترب قوات صنعاء، شيئاً فشيئاً، من مدينة مأرب، بعد سيطرتها على عشر مديريات في المحافظة من أصل 14 مديرية، وتمكّنها من معظم مساحة مديريتَين أخريَين، لتتبقى لها بذلك مديريّتا جبل مراد ومأرب.
وفيما بدأت حكومة هادي إشهار ورقة النازحين لوقف تقدّم الجيش واللجان، يبدو أن ثمّة توجّهاً لدى صنعاء لإطباق الحصار على المدينة، تمهيداً لتسلّمها من دون قتال
وصلت طلائع قوات صنعاء، مسنودةً برجال القبائل، يوم أمس، إلى ضواحي مدينة الجوبة، مركز مديرية حريب، آخر مديريات مأرب الجنوبية.
وجاء التقدّم الأخير بعدما نجحت وساطات قبلية في التوصّل إلى اتفاق بين حركة «أنصار الله» وبعض قبائل مديرية رحبة جنوبي مدينة مأرب، والتي سقطت بشكل كامل يوم الإثنين، على إثر تمكُّن الجيش واللجان الشعبية من السيطرة على منطقة الصدارة الاستراتيجية، نقطة العبور المهمّة نحو مدينة الجوبة، فضلاً عن منطقة الكولة، آخر مناطق مديرية رحبة.
وأفادت مصادر محلية، «الأخبار»، بأن اشتباكات عنيفة تدور بين قوات صنعاء مسنودةً بعدد كبير من القبائل، والقوات الموالية للرئيس المنتهية ولايته عبد ربه منصور هادي، وذلك في منطقة المناقل الواقعة بالقرب من الجوبة، مضيفة إن الجيش واللجان تمكّنا من نقل المعركة إلى منطقة السائلة الواقعة على بعد 8 كلم من الجوبة، مُتّجهةً نحو منطقة حيد حريز، والتي تليها منطقة الضبعية، أولى المناطق المحيطة بمدينة الجوبة.
وأشارت إلى أن قوات هادي عمدت، مساء الإثنين، إلى قطع خطّ المناقل – الجوبة بعوازل ترابية، مُستخدمةً جرّافات عسكرية لإعاقة تقدّم قوات صنعاء نحو الجوبة.
وبحسب مراقبين عسكريين، فإن تقدّم الجيش واللجان إلى ما بعد منطقة الصدارة يتيح لهما هامشاً واسعاً للتحرّك نحو مدينة مأرب من الجنوب، عبر مديرية جبل مراد.
ويوضح هؤلاء أن معركة تحرير مدينة مأرب بدأت بسقوط الصدارة، الخطّ الدفاعي الأول عن المدينة من الجبهة الجنوبية، وهو ما يمنح قوات صنعاء سيطرة نارية على خطوط الإمداد الرئيسة ما بين محافظتَي شبوة ومأرب، والتي تستخدمها ميليشيات حزب «الإصلاح» في نقل تعزيزات عسكرية بشكل شبه يومي بين المحافظتين.
كما يبيّن الخبراء أن سقوط الجبهة الجنوبية لمأرب يعني السيطرة على أهمّ وأقوى مواقع قوات هادي وميليشيات «الإصلاح» في سدّ مأرب وسلسلة جبال البلق والطلعة الحمراء.
بالتوازي مع ذلك، اشتدّت المواجهات، خلال اليومين الماضيين، بين الجيش واللجان من جهة، وقوات هادي من جهة أخرى، في جبهتَي العلم والصبايغ شمالي منطقة صافر النفطية وجنوبي مديرية وادي عبيدة.
ووفقاً لمصادر قبلية، فقد دفعت الحكومة الموالية لتحالف العدوان، أول من أمس، بـ»اللواء 107» المكلّف حماية المنشآت النفطية في منطقة صافر للمشاركة في القتال في الجبهتَين المذكورتَين، حيث حاولت القوات الجديدة الانتقال من الدفاع إلى الهجوم بعد سقوط منطقة قرن أغراب الاستراتيجية تحت سيطرة قوات صنعاء.
وأشارت المصادر إلى أن قوات هادي نَفّذت، خلال الأيام القليلة الماضية، محاولة تقدّم واسعة، انتهت بمقتل العشرات من عناصرها، ومنهم قيادات عسكرية كبيرة، على يد الجيش واللجان اللذين تصدّيا لمحاولة التقدّم وأفشلاها.
وأضافت المصادر إن قوات هادي وميليشيات «الإصلاح» تستميت في جبهات شرق صافر النفطية، في محاولة لوقف تقدّم قوات صنعاء، والحيلولة دون سقوط حقول النفط بيدها.
وعقب فشلها في ذلك، عمدت القوات السعودية، الإثنين، إلى سحب «مدافع جهنم» الحديثة من معسكر الرويك الواقع على بعد 25 كلم غربي منطقة صافر إلى منفذ الوديعة، خشية سقوط المعسكر تحت سيطرة الجيش واللجان، وفق ما أفادت به مصادر مطّلعة في مأرب.
وبعدما لاذت قوات هادي بالفرار، تاركةً أبناء القبائل من دون سند في مديريات جنوب مأرب التي سقطت تحت سيطرة قوات صنعاء خلال الأسابيع الماضية، كَثّفت حركة «أنصار الله» الوساطات القبلية لتوقيع اتفاقيات سلام مع قبائل مديريتَي رحبة والجوبة.
وفيما تفيد مصادر قبلية بأن ثلاث قبائل من مديرية رحبة وقّعت مع قيادات عسكرية في صنعاء، السبت الماضي، اتفاقاً جَنّب مناطقها القتال، لا تزال هناك جهود مكثفة تبذلها وساطات قبلية محسوبة على صنعاء ومتحدّرة من مأرب مع زعماء قبائل في مدينة الجوبة وفي أوساط قبيلة مراد من أجل التوصّل إلى اتفاقات مماثلة.
وأوضحت المصادر أن المفاوضات تشمل مصير المركز الديني التابع للداعية الوهابي، يحيى الحجوري، والواقع بين مدينة الجوبة وجبل مراد، والذي أُنشئ بتوجيهات سعودية، وبتغطية من زعماء من قبيلة مراد.
كثّفت حكومة هادي تواصلها مع عدد من الدول للتوسّط لدى قيادة صنعاء
وفي أوّل ردّ على تلك التطوّرات، اتّهمت قوات هادي، رسمياً، القبائل التي وقّعت اتفاقاً مع قوات صنعاء في مديرية الرحبة (آل أبو عشة، آل مسلي، آل جناح، آل الصلاحي) بنهب السلاح الثقيل ومصادرته، ووَجّهت بضبط زعماء تلك القبائل.
كما اتهمت قبائل مراد، تحديداً، بالانسحاب من الجبهات والفرار من المواجهة، وهو ما قوبل باستياء واسع في أوساط تلك القبائل التي كانت، حتى قبل شهرين، من أشدّ قبائل مأرب ولاءً لتحالف العدوان.
وفي حين أعلنت قبائل مراد المأربية الموالية لـ»أنصار الله»، الشهر الماضي، تشكيل لواء عسكري من أبناء القبيلة المعروفة بمهاراتها القتالية العالية، استقبلت صنعاء، الإثنين، وفق مصادر قبلية، أكثر من 30 شيخاً من مشائخ القبائل المذكورة، حيث تمّ الاتفاق معهم على تشكيل لواءين عسكريين إضافيَين للقتال إلى جانب الجيش واللجان، وفق تأكيد نائب وزير الخارجية في حكومة صنعاء، حسين العزي، في تغريدة له في حسابه على «تويتر».
من جهتها، كثّفت حكومة هادي، التي اعترف عدد من وزرائها أخيراً بسقوط معظم مديريات مأرب تحت سيطرة قوات صنعاء، تواصلها مع عدد من الدول، ومنها قطر، للتوسّط لوقف تقدّم الجيش واللجان نحو مدينة مأرب بدعوى وجود 1,5 مليون نازح في 12 مخيّماً في محيط المدينة، فيما طالب ناشطون موالون لها بمقايضة حركة «أنصار الله» بوقف القتال هناك مقابل استمرار الالتزام بوقف إطلاق النار في محيط مدينة الحديدة.
وإلى أبعد من ذلك، ذهبت وزارة الخارجية في الحكومة الموالية لـ»التحالف» بتلميحها إلى تعليق المشاركة في «اتفاق استوكهولم»، معتبرة أن عمل بعثة الأمم المتحدة في الحديدة بات «أمراً غير مجدٍ»، علماً بأن تلك الحكومة كانت قد عَلّقت مشاركة فريقها في تنفيذ الاتفاق الأسبوع الماضي.
المصدر: جريدة “الأخبار” اللبنانية