تحقيق خاص: وكالة الصحافة اليمنية//ِ
منذ سبعينيات القرن الماضي، شهدت الزراعة في اليمن تراجعاً كبيراً.. رغم أن اليمنيين كانوا يحققون اكتفاءاً ذاتياً من المنتجات الزراعية في سنوات سبقت سبعينات وستينيات القرن لماضي.
وعلى مدى عقود طويلة تدنت مساهمة الناتج الزراعي في الدخل المحلي الإجمالي إلى 13% برغم أن المجتمع اليمني مجتمع زراعي ويعمل في هذا القطاع 53% من قوة العمل، كما يعتمد 50% من اليمنيين على عوائد الإنتاج الزراعي.
في العام 2016، بدأت حكومة الانقاذ الوطني في التوجه لإنعاش العملية الزراعية في البلد، وسخرت لها كل الإمكانيات المتاحة، بهدف الوصول إلى “الاكتفاء الذاتي”، وهاهي الآن في العام 2020 تحصد ثمار توجهه ذاك بشكل يبشر بالخير.
وتبدو مهمة انقاذ الزراعة في اليمن، لكنها ليست مستحيلة إطلاقاً، خاصة إذا ما توافرت الظروف المهيئة والإرادة الوطنية للقيادة السياسية في البلاد.
يقول وزير الزراعة الري المهندس عبدالملك الثور، إن اليمن يزرع مليون هكتار في السنة منها 60 بالمائة
تستحوذ عليها الحبوب بمختلف أنواعها، وأن نسبة المساحة المزروعة ترتفع في أوقات الأمطار إلى
مليون وأربعة ألف هكتار تذهب أغلب هذه الزيادة في زراعة الحبوب.
وتوقع الوزير أن ترتفع هذه النسبة في السنوات المقبلة مع تحسن مواسم الأمطار ما يتطلب التركيز على
توسيع التسويق للإنتاج الوفير الذي سينجم عن زيادة الغلة والمساحة والاهتمام المتواصل بفتح أسواق جديدة
للمحصول.
ويشدد وزير الزراعة في حكومة الانقاذ على الحاج لتطوير وتحسين القطاع الزراعي في اليمن، أصبحت ملحة لتوفير الغذاء والتخفيف من معاناة المواطنين جراء استمرار العدوان والحصار.
ولا تتوقف المؤتمرات المتهمة بالزراعة في اليمن والهادفة إلى تحقيق “الأمن الغذائي”.
ويؤكد الوزير الثور أهمية مضاعفة الجهود لتعزيز برامج وتوجهات الوزارة في رفع إنتاجية الوحدة الواحدة
من المحاصيل الزراعية وتحقيق معدلات ايجابية في مجال الأمن الغذائي، والتركيز على تنفيذ الخطط والبرامج وفقاً لما تضمنته المرحلة الأولى من الرؤية الوطنية.
عمل تكاملي
يرى نائب وزير الزراعة والري الدكتور رضوان الرباعي، أن العمل التكاملي مهمة لتجاوز التحديات الماثلة أمام جهود ومسارات التنمية الزراعية خاصة في ظل الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد جراء العدوان وحصاره البري والبحري والجوي.
ويشدد الرباعي على أهمية التوجه للقطاع الزراعي والإنتاج وتحقيق الاكتفاء الذاتي وتخفيض نفقات الاستيراد الذي يكبد الدولة مبالغ كبيرة والعمل على معالجة مشاكل السدود والالتزام بالتصاميم والدراسات البيئية والجيولوجية أثناء تنفيذ منشآت مائية جديدة تفادياً للأضرار جراء تدفق السيول وارتفاع منسوب المياه فيها.
ومطلع الشهر الجاري، دشنت وزارة الزراعة زراعة 30 ألف شتلة “بن” بمحافظة صنعاء بدعم من منظمة “واي 30” في حراز.
تدشين زراعة شتلات البن بحسب نائب وزير الزراعة يأتي في إطار خطة وتوجهات الوزارة لتشجيع المزراعية وترجمة توجيهات المجلس السياسي الأعلى بتبني زراعة البن لاستعادة شهرته ومكانته، مشيراً إلى الأهمية الاقتصادية لمحصول البُن وما يشكله من عائد للمزارعين وخدمة الاقتصاد الوطني سيما في ظل ارتفاع أسعاره في السوق العالمي.
مشروع الرئيس الشهيد
الاهتمام والتوسع الزراعي الذي تشهده اليمن، وتحديداً المحافظات الواقعة تحت إدارة المجلس السياسي الأعلى، يأتي في إطار مشروع الرئيس الشهيد صالح الصماد “يد تحمي.. ويد تبني” ومصفوفة الرؤية الوطنية لبناء الدولة اليمنية الحديثة وما تتضمنه من مشاريع وأنشطة تسهم في خدمة المجتمع.
ومنذ ثلاثة أعوام، اتجهت الدولة اليمنية لتشجيع ودعم مزارعي القمح واستصلاح الأراضي في عديد مناطق ومحافظات واقعة كصعدة والجوف وذمار، بهدف تحقيق الاكتفاء الذاتي والأمن الغذائي.
مؤامرة ضرب الزراعة
الدول التي تدعم الحرب على اليمن، لا يمكن أن تكون صادقة في نواياها “الإنسانية” تجاه بلد تكالبت عليه،
وساهمت بطرق شتى في تدميره وقتل شعبه، ثم وبطريقة مستفزة ترسل تلك الدول منظمات تسميها بالإغاثية بعد أن تحصل لها على دعم من مختلف دول العالم مستغلة الظرف القاهر الذي يعيشه الشعب اليمني لكنها لا تعطيه سوى أقل من 10% من إجمالي ما تحصل عليه من أموال.
استهداف الأمن الغذائي
ولا تكتفي تلك الدول ومنظماتها بالمساهمة في الحرب على اليمن ونهب المساعدات التي يستحقها، لكنها أيضاً تقوم بمهمة قذرة تستهدف بها “الأمن الغذائي” في اليمن عبر ضرب الزراعة.
وفي سنوات الحرب على اليمن التي دخلت عامها السادس، كانت المنظمات الدولية العاملة في اليمن، محل شك، وقد اتهمتها السلطات في صنعاء بتنفيذ أعمال مثيرة للريبة، تهدف من خلالها القضاء على مستقبل اليمن الزراعي.
وعملت السلطات في صنعاء (المجلس السياسي الأعلى، وحكومة الانقاذ) على تعزيز الأمن الغذائي، من خلال دعم المزارعين على إنتاج وزراعة الحبوب فضلاً عن بقية المزروعات كالخضروات والفواكه، وحققت نتائج مذهلة خلال ثلاثة أعوام فقط، ولا تزال تعمل باجتهاد من أجل الوصول إلى الهدف السامي وهو “الاكتفاء الغذائي”.
جهود السلطات في صنعاء، أقلقت المنظمات الدولية العاملة في اليمن، فما كان هذه الأخيرة إلا العمل على منع وصول اليمن إلى “الاكتفاء الغذائي”، لأن معنى ذلك انتهاء وجود تلك المنظمات داخل اليمن، بالإضافة إلى حرمانها من أرباح خيالية تصل إلى مليارات الدولارات، كانت تجنيها من الشعب اليمني.
أدوار مشبوهة
كشفت مصادر مسؤولة بوزارة الزراعة في حكومة الانقاذ، عن دور مشبوه جديد تقوم به المنظمات الدولية العاملة في اليمن، بالإضافة إلى “الاختراق المجتمعي ورصد وجمع بيانات تجسسية”.
وقالت المصادر إن “المنظمات الدولية بدأت بسحب البذور والحبوب المحلية ذات الجودة العالية في عدد من
المناطق اليمنية”، بحسب الإعلام الزراعي والسمكي في العاصمة اليمنية صنعاء.
وأكدت أن “إحدى المنظمات الدولية تقوم مؤخراً مع دخول موسم الأمطار بسحب كميات كبيرة من بذور الحبوب للذرة الشامية والرفيعة، الصومي، والدخن والغرب وغيرها من المزارعين في مديريات الضالع، بأسعار باهظة”.
وأوضحت المصادر أن المنظمة تقوم بإغراء المزارعين بالأموال الطائلة، لافتة إلى أن “سعر البرميل الواحد من الدخن والذرة بأنواعها وصل إلى 120 ألف ريال يمني”.
وقامت المنظمة بشراء كميات هائلة من تلك الحبوب وسحبها من المزارعين الذين لم يترددوا حتى في إخراج كميات مخزنة لديهم منذ ما يقارب العشر سنوات، طمعاً بالأموال، وتخلوا مقابلها عن الحبوب المحلية رغم أنها ذات جودة عالية وتعطي محصولاً وفيراً.
تضليل المزارعين
استطاعت المنظمة الدولية، التي تحفظت المصادر على ذكر اسمها، سحب ثلاث قاطرات خلال الموسم الزراعي الحالي، ونقلتها من محافظة الضالع إلى أماكن مجهولة تابعة لها.
وتتعمد المنظمات الدولية التي تعُني بالزراعة وتعمل داخل اليمن، تضليل المزارعين ومنحهم بذور وحبوب معدلة وراثياً زاعمة أنها محسنة وتمتاز بزيادة الانتاجية وأكثر تحملاً لحالات الجفاف وشح الأمطار، بحسب تحذيرات أطلقتها السلطات في صنعاء، وحذرت من خلالها في مناسبات عديدة، المزارعين من بيع البذور المحلية للمنظمات لخطورة الشديدة على مستقبل المزارعين ومزارعهم.
مخططات خبيثة
المخططات الخبيثة لوأد مشروع الأمن الغذائي الاستراتيجي، جاءت بالتزامن مع تكثيف المجلس السياسي الأعلى وحكومة الانقاذ العمل عليه منذ ثلاثة أعوام، وبدأت في حصد نتائجه بصورة مبشرة وواعدة.
وكان وزير الزراعة والري في حكومة الانقاذ، المهندس عبدالملك الثور، قد قال في 20 يوليو الماضي، إن أربع من مؤسسات جماعته تتظافر لرفع مستوى الإنتاج من القمح والعمل على توسيع أنشطة إكثار البذور المحسنة.
وأكد الثور أن وزارة الزراعة تعمل على “تحقيق الأمن الغذائي لمواجهة الحصار والعدوان وتدعيم عوامل الصمود في وجه التحالف”، مشيراً إلى أن وزارته “تضع الاكتفاء الذاتي هدفاً استراتيجياً ضمن برامج عمل متنوعة”.
وقال وزير المالية، الدكتور رشيد أبو لحوم، قال أن حكومة الانقاذ تسعى لرفع مستويات الإنتاج الزراعي من إكثار البذور وتحسينها وتعميم الإرشاد الزراعي.
لافتاً إلى أن المؤسسة العامة لتنمية وإنتاج الحبوب، حصلت على “قرض يتجاوز 400 مليون ريال بغرض إكثار وتحسين الحبوب بمختلف أنواعها”.
تحدي التضاريس
تضاريس الأرض اليمنية صعبة ولا توجد أنهار وإمدادات المياه شحيحة، على الرغم من كل هذه العوامل تمكن اليمنيين القدماء من ابتكار نظام ري ومحافظة على المياه قل نظيره في العالم القديم مما مكنهم من زراعية محاصيل متنوعة حولوا صحراء الجزء الجنوبي من الجزيرة العربية إلى أراض زراعية، ومن أبرز المحاصيل الزراعية في اليمن الدخن والذرة والقمح والمانجو والموز والبابايا والبطيخ وحمضيات مثل البرتقال والليمون والكمثرى والتفاح والخوخ والعنب ويزرع في اليمن البن وبدأت تجارته حول العالم عن طريق اليمن، وانتشرت في القرن السادس العشر لتبلغ مصر وتركيا وفارس وإندونيسيا وأوروبا والأميركيتين عن طريق ميناء المخا، وكلمة (لاتينية: Coffea arabica كوفي أرابيكا ) هي مجرد كلمة أخرى للبن اليماني.