يبذل النظام الإماراتي في هذه الفترة جهودا حثيثة لترويج إعلاميا للشيخ نائب رئيس النظام محمد بن زايد بعد أن ساق نظامه إلى هاوية التطبيع مع الكيان الصهيوني، ليظهره بمظهر القائد الحكيم الذي بلغ بسياسته الآفاق رغم جرائمه في اليمن وغيرها من الدول العربية.
وبالرغم أنه لا يعرف عن مشائخ وأمراء الخليج كثيرا، ولا يُعلم عن شخصياتهم إلا القليل… بيد إن النظام الإماراتي يروج عبر وسائل إعلامه وغيرها من خلال برامج و “ريبورتاجات” طويلة أو قصيرة تظهر محمد بن زايد بمظهر القطب السياسي والاقتصادي والعسكري المنفتح الذي يمتلك خلفية عن كل شيء بما فيها الفنون العسكرية والشعر والأدب والرياضة والصحة والبيئة ولا يعرف البذخ في حياته، ويميل إلى البساطة في كل شيء، وهو لا يعيش في قصور فاخرة، ولا يمتلك أي يخت، أو يقتني سيارات فارهة، ويرتدي ساعة يد أقل من عادية” بحسب مزاعم مقربين من النظام.
وفي الآونة الأخيرة يتحدث النظام الإماراتي عبر وسائل إعلام مختلفة أن رئيس الإمارات الشيخ خليفة بن زايد، اصدر مرسوما يلغي قانونا صدر عام 1972 بشأن مقاطعة الكيان الإسرائيلي.
وبحسب الوسائل الإعلامية تلك فإن هذه الخطوة، التي جاءت بعد الإعلان عن معاهدة سلام بين الإمارات والكيان الإسرائيلي أبرمها محمد بن زايد في وقت سابق من الشهر الحالي، تهدف التطبيع مع هذا الكيان.
وبموجب المرسوم يمكن للأفراد والشركات الإماراتية عقد اتفاقيات مع هيئات أو أفراد مقيمين في الكيان الإسرائيلي أو منتمين إليها بجنسيتهم أو يعملون لحسابها أو لمصلحتها أينما كانوا، وذلك على الصعيد التجاري أو العمليات المالية أو أي تعامل آخر.
كما يسمح بدخول أو تبادل أو حيازة البضائع والسلع والمنتجات الإسرائيلية بكافة أنواعها والاتجار بها.
ويأتي هذا المرسوم في الوقت الذي تخطط فيه شركة العال الإسرائيلية للطيران لتسيير أول رحلة جوية إسرائيلية مباشرة بين مطار بن غوريون في تل أبيب ومطار أبوظبي، لنقل وفد إسرائيلي وأمريكي.
كما تسوق وسائل الإعلام الإماراتية في اتجاه آخر بأن محمد بن زايد يقدّم بلاده على أنّها مكان “للتسامح” بين الأديان المختلفة تسمح بممارسة الشعائر الدينية المسيحية في العديد من الكنائس، كما هو الحال في غالبية الدول الخليجية الأخرى. ودعا البابا فرنسيس لزيارة بلاده. ولبى الحبر الأعظم الدعوة في فبراير 2019 في أول زيارة لبابا إلى شبه الجزيرة العربية، مهد الاسلام. وأقام قداسا هناك، كما أنه الملهم بمساهمته في تطوير القوات المسلحة للإمارات، من حيث التخطيط الاستراتيجي والتدريب والهيكل التنظيمي وتعزيز القدرات الدفاعية للدولة بأن توجيهاته المباشرة والقيادية، ساهمت في جعل القوات المسلحة الإماراتية مؤسسة رائدة تحظى بتقدير عدد كبير من المؤسسات العسكرية الدولية.
وتظهر وسائل الإعلام المحلية التابعة للنظام الإماراتي محمد بن زايد على أنه السياسي المحنك والمشرع الفذ والاقتصادي المثالي الذي يتصرف بطريقة منطقية، ويمتلك معلومات كاملة، ونموذجية، ويسعى لتعظيم المنفعة … للدولة. كما أن صاحب البذل الكثير من الجهود لتعزيز المعايير التعليمية في أبوظبي للوصول بها إلى أفضل وأرقى المستويات والمعايير الدولية،فهو الأكاديمي صاحب المشاريع الاستراتيجية الأكاديمية المتواجدة في الإمارة .
وتواصل تلك المواقع المدونات حديثها عن محمد بن زايد بأنه صاحب مبادرات عالمية، وبأنه أطلق باسم صندوق “بلوغ آخر ميل” بالتعاون مع “مؤسسة بيل ومليندا غيتس” لجمع 100 مليون دولار، بهدف القضاء على الأمراض المعدية في المجتمعات الأكثر فقراً حول العالم.
كما تروج وسائل الإعلام بأن محمد بن زايد يستضيف كل عام نخبة من العلماء و رجال الدين والمفكرين والمثقفين والخبراء والمبدعين من مختلف أنحاء العالم، لطرح آرائهم وتجاربهم النظرية والعلمية والتطبيقية حول مختلف المواضيع العامة والقضايا الحيوية ذات الصلة بتطورات العصر ومتطلباته واستشراف آفاق المستقبل في رحاب مجلس عامر أضحى ملتقىً فكرياً لمختلف وجهات النظر وتبني الحوار وتبادل الرأي لغة للحضارة وسمو الهدف.
ويسوق النظام عبر وسائل الإعلام المختلفة بأن محمد بن زايد ذو مؤهلات عاليه فهو خبير عسكري وسياسي واقتصادي وأن “جامعة تسينغهوا” الصينية منحته شهادة “بروفيسور فخرية” أعلى شهادة تمنحها الجامعة لكبار القادة، تقديراً لجهوده في دعم العلوم المتقدمة والتكنولوجيا والابتكار،وتعلم في الإمارات وثم بريطانيا وتخرج من أكاديمية ساندهيرست العسكرية البريطانية واشتمل تدريبه العسكري على عدد من الدورات في تخصصات عسكرية مختلفة.
ولم يكتفي النظام الإماراتي ووسائل إعلامه في إطلاق حملاته الإعلامية وتصوير محمد بن زايد بالقائد الملهم والمناصر لجميع القضايا الوطنية والعالمية، بل فمحمد بن زايد هو صديق الحيوانات والطيور فقد أطلق حملة لحماية الصقور والحبارى البرية والمها العربي في الإمارات، وتبرع بمبلغ مليون دولار لإحدى المبادرات التي تهدف لمنع موت الطيور البرية بسبب خطوط الكهرباء، في سياق إطلاقه مؤسسة خاصة به للحفاظ على الطيور الجارحة بتمويل قيمته 20 مليون دولار.
روجت وسائل الإعلام الإماراتية على أنه تم تسمية نوع من سحلية الخشب -Enyalioides binzayedi-تيمنًا بمحمد بن زايد تقديرًا لدوره في تأسيس صندوق خاص لحماية الأحياء، الذي قدم الدعم المالي للبعثات التي أدت إلى اكتشاف هذا النوع في حديقة كورديليرا أزول الوطنية في البيرو.
كما يسوق النظام للخارج أن محمد بن زايد من الخيرين الذين يعنون بالحاجات الإنسانية فقد أوردت بعض مواقع النظام أنه ضمن مبادراته أيضًا تبرعًا بقيمة 30 مليون دولار لصالح ’الشراكة من أجل دحر الملاريا‘ للمساعدة في مكافحة الملاريا. وبعد شهر من الإعلان عن التبرع، استضاف منتدىً عالميًا للصحة يركز على الجهود المبذولة للقضاء على الأمراض في أنحاء العالم مثل الملاريا وشلل الأطفال والعَمى النَّهري. كما قدم 55 مليون درهم لمبادرة الأمم المتحدة العالمية لمكافحة الإتجار بالبشر.
لكن في منافاة لما تروج له وسائل إعلام النظام الإماراتي عن محمد بن زايد فقد كشف تقرير ماليزي نشره موقع قناة “الجزيرة” في 9/8/2020م الكيفية التي ظلّ محمد بن زايد وأخوه الشيخ منصور “ينهبان” بها ثروة أخيهما الشيخ خليفة بن زايد رئيس دولة الإمارات. وورد خلال القضية التي تدور في المحكمة العليا بلندن، أن الشيخ خليفة “ربما” لا يعاني من أي عجز عقلي.
وكشف موقع “ساراواك ريبورت” (sarawakreport) الماليزي أن القضية في محكمة لندن كشفت للتو عن تفاصيل قد تبدو مذهلة، حيث يُزعم أن الثروة الخاصة للشيخ خليفة -الخرافي الثراء- قد انتقلت إلى أخيه الأصغر غير الشقيق الشيخ منصور، المعروف بالإنفاق الضخم على نادي مانشستر سيتي لكرة القدم.
والشيخ خليفة -كما يقول الموقع- معروف بأنه منعزل، وربما أصبح عاجزا بعد إصابته بجلطة عام 2014 إلى درجة عدم القدرة على إدارة شؤونه الشخصية، لكن أُعيد تنصيبه رئيسا للدولة العام الماضي لولاية أخرى مدتها 5 سنوات.
ويتغافل النظام الإماراتي ووسائل إعلامه أيضا دور محمد بن زايد في مسلسل الخيانة وخطة ترامب الخاصة بصفقة القرن، وتوقيع اتفاق التطبيع مع الكيان الصهيوني على حساب المقدسات والأراضي الفلسطينية ،كما يتغافل النظام الإماراتي الرفض الفلسطيني لاتفاق التطبيع بين الإمارات والكيان الصهيوني، والخيانة للقدس والأقصى والقضية الفلسطينية.
وقد أعلنت القيادة الفلسطينية في حينه في بيان رفضها واستنكارها الشديدين للإعلان الثلاثي، الأمريكي والإسرائيلي والإماراتي، المفاجئ، حول تطبيع كامل للعلاقات بين الاحتلال والإمارات، مقابل إدعاء تعليق مؤقت لمخطط ضم الإراضي الفلسطينية وبسط السيطرة عليها.
وأوضحت أن دولة الاحتلال تصر على تكريس احتلال وضم أجزاء من الأراضي الفلسطينية وبالذات مدينة القدس وانتهاك حرمة المقدسات الدينية وعلى رأسها المسجد الأقصى المبارك، كما أعلنت الفصائل الفلسطينية من جانبها في حينه رفضها لاتفاق التطبيع بين الإمارات العربية المتحدة والاحتلال الإسرائيلي.
وبالرغم من الرفض الفلسطيني الرسمي والشعبي إلا أن لسان حال النظام الإماراتي في الشأن الفلسطيني إن الفلسطينيين ما زالوا يعيشون في الماضي.
ويتغافل النظام الإماراتي كذلك جرائم الحرب التي يرتكبها في اليمن والمعتقلات والتعذيب والإخفاء القسري للرموز الوطنية والقصف العشوائي للمناطق والأحياء وقتل الأبرياء من الأطفال والنساء والشيوخ واحتلال الأراضي اليمنية و خاصة جزيرة سقطرة.