مقالات وتحليلات (وكالة الصحافة اليمنية)
كشفت صنعاء مؤخرا عددا من الوثائق الموسومة بـ”سري للغاية”، بعضها صادرة عن السفارة الأمريكية بصنعاء في فترة ما قبل ثورة 21 سبتمبر- ٢٠١٤، الثورة التي أسقطت نظام العمالة والوصاية السعودية على الشعب اليمني المدعوم أميركيا والتي نمر بذكراها السادسة.
الوثائق السرية كشفتها امس الاربعاء 23 سبتمبر 2020، “قناة المسيرة” التي افادت بانها حصلت على عدد من الوثائق الموسومة بـ”سري للغاية”، بعضها صادرة عن السفارة الأمريكية بصنعاء وأخرى عن ما يسمى بـ”جهاز الأمن القومي” في فترة ما قبل ثورة 21 سبتمبر- ٢٠١٤.
الذي يهمنا هنا هو التدخل الاميركي السافر الوقح في سيادة البلدان العربية وعموم بلدان العالم، لضمان المصالح الاميركية وضمان بقاء عملاء لها يرعون ويحرسون تلك المصالح الاستحواذية التي اقلها نهب ثروات تلك الدول بصورة ظاهرها رسمي شرعي وحقيقتها سرقة ولو على حساب دماء ملايين البشر كما حصل ذلك في دفع صدام لحرب ضروس ضد جمهورية ايران الاسلامية الفتية في اوج ثورتها التي انتصرت فيها على عميل اميركي لارجاع الشاه او من شاكله الى سدة الحكم وضمان المصالح الاميركية او كما يحصل اليوم في اليمن حيث شن عملاء اميركا وبدفع صهيواميركي حربا ضروس نمر اليوم في عامها السادس بعد ان أحرقت الاخضر واليابس وكل البنى التحتية في هذا البلد الذي يطفو على بحر من النفظ يمتد تحت البحر الاحمر الى الساحل الشرقي لقارة افريقيا.
من الوثائق السرية الصادرة عن السفارة الأمريكية قبل الثورة اليمنية، ما يفضح مدى التدخل الاميركي في شؤون وسيادة الدول التي تزعم انها مستقلة وحرة في اتخاذ القرار السيادي، تدخل سافر طال حتى الملفات الامنية والعسكرية لتلك الدول والحكومات العميلة، اذ تضمنت احدى الوثائق توجيهات من السفير الأسبق جيرالد فايرستيان للرئاسة اليمنية آنذاك، بنقل ما يسمى “وحدات مكافحة الإرهاب” من وزارة الداخلية إلى الدفاع.
ومن التوجيهات الامنية العسكرية الاميركية لحكومة اليمن المنحلة قبل الثورة الصادرة عن السفارة الأمريكية، الاقتصار على وحدات رمزية في داخل اليمن لتكوين قوات أمن للحدود اليمنية البرية والبحرية، وفي بعض الوثائق وجهت السفارة بسرعة إصدار قرارات رئاسية (سيادية عسكرية أمنية) بتعيين عدد من القادة العسكريين في مناصب مختلفة بينها قائد جديد لقوات العمليات الخاصة، ونائب له، ونائب لرئيس هيئة الأركان العامة.
من جهة اخرى، فان الوثائق الصادرة عن جهاز الأمن القومي في النظام السابق تكشف استمرار تدمير منظومات الدفاع الجوي وعلى رأسها صواريخ ستريلا (الروسي الصنع وهو عبارة نظام صاروخي قصير المدى من الجيل الأول مضاد للطائرات، ويكون محمولا على الكتف ويهدف تدمير الأهداف الجوية دون الصوتية…)، وكذا تدمير صواريخ سام (الروسية الصنع المقاومة للطائرات، تستهدف الطائرات المنخفضة إلى متوسطة المدى ذاتية الحركة)، بل الاكثر من ذلك ان جمع وإتلاف صواريخ “سام” وجمع صواريخ “ستريلا” جرى بتنسيق وإشراف أمريكي كامل.
افراغ اليمن من قدراته الدفاعية مطلب اميركي اسرائيلي احترازي من مستقبل غامض يحيط بحكومة اليمن العميلة السابقة، وذلك ما اشار اليه رئيس وفد صنعاء في المفاوضات السياسية المتحدث باسم “أنصار الله” محمد عبد السلام بقوله، ان “اليمن في بداية العدوان لم يكن يمتلك قدرة تحديد إحداثية لموقع معين ولا القدرة على تصنيع طائرة مسيرة وصاروخ واحد”، ومع ذلك امتص الشعب اليمني صدمة الحرب، “واليوم الأقسام العسكرية من القوة الصاروخية والدفاع الجوي والطيران المسير وغيرها، باتت تبني الكثير من القدرات”.
الوثائق الصادرة عن جهاز الأمن القومي اليمني السابق تظهر أن الجانب الأمريكي وجه نشاطه في مسارات محددة تخدم مصالح الأمن القومي الأمريكي دون اكتراث بمصالح اليمن، فلا مصالح للدول والحكومات العميلة التابعة للغرب، التبعية التي تعني في اهم مدلولاتها انها تابعة بصورة وباخرى للكيان الاسرائيلي وضمان مصالحه الامنية التوسعية، ذلك ما نشاهده اليوم بالعين المجردة من امتداد اذراع الاسرائيلي الى اليمن بمساعدة الامارات المحتلة لهذا البلد الحيوي المهم.
وذلك ما اشار اليه أيضا وأكده المتحدث عبد السلام الثلاثاء الماضي، من ان الأمريكيين والنظامين السعودي والإماراتي ذهبوا إلى خيار الحرب على اليمن، “لأنهم أدركوا أن اليمن يذهب إلى الاستقلال”، ومؤكدا أن الكيان “الإسرائيلي” مشارك في الحرب بأموال السعودية والإمارات، مضيفا ان “الأمريكيين أدركوا أنهم لا يستطيعون السيطرة على قيادة ثورة 21 سبتمبر أو أن يركبوا موجتها”.
عبد السلام اشار لتواجد الاميركيين في اليمن قبل الثورة قائلا: “قبل ثورة 21 سبتمبر كان يتواجد أكثر من 120 جندي مارينز أمريكي داخل السفارة الأمريكية في صنعاء، وكان لهم جناح خاص في المطار، إضافة لسيطرتهم على قاعدة العند”، غير ان “ثورة 21 سبتمبر عمّدت بالدم واليوم هي أكثر قوة وصلابة وحضورا”.
وذلك ما يخافه الاميركان وتخافه “اسرائيل” وذيولهم عملاؤهم بالمنطقة الذين نفذوا مقابل احتفاظهم بمناصبهم العنكبوتية، اجندة اميركا والكيان الاسرائيلي في تدمير البلدان التي تشكل تهديدا بقوة ابنائها لو تحررت من السيطرة الاميركية وأمسكت بزمام بلدانها ومقدراتها ونقصد (اليمن والعراق وسريا)، من خلال تحريك عناصرهم الارهابية وتسليحها وتمويلها كما حدث في العراق وسوريا او من خلال التدخل لعسكري الحربي المباشر كما في اليمن.
يبقى ان نشير وكما لوح لذلك المتحدث عبد السلام، الى ان الاستقلال عن التبعية للاميركي وعن الوصاية السعودية لن يتحقق الا بالكفاح والصمود وذلك ما اشار اليه بقوله: ان “صمود اليمن خلال 6 سنوات من العدوان مدرسة عسكرية وسياسية وشعبية وتاريخية ستتحدث عنها الأجيال بكل تفاصيلها”، وان “السعودية اليوم في ورطة، وشعبنا رغم الأزمة إلا أنه في الموقف المشرف، وموقف شعبنا إلى جانب فلسطين ورفضه لـإسرائيل” والاستكبار الأمريكي دليل على الكرامة التي يملكها”، وأنه “لولا ثورة 21 سبتمبر لكان الأمريكيون عملوا على جعل اليمن من الدول المطبعة مع العدو الإسرائيلي”..
(قناة العالم)