تقرير: وكالة الصحافة اليمنية
عادت الصحافة الأمريكية إلى كشف فضائح البيت الأبيض بعد عقود من الهيمنة التي فرضتها الإدارة الأمريكية على السياسات الإعلامية في البلد الأكثر حرية في عيون العالم.
ووصف مراقبون عهد الرئيس الحالي للولايات المتحدة الأمريكية “دونالد ترامب” بأنه يعيد إلى المشهد اليومي عهد الرئيس السابق “ريتشارد نيكسون” الذي أطاحت به الفضائح التي كشفتها الصحافة آنذاك.
ونشرت صحيفة “نيويورك تايمز” الأسبوع الماضي فضيحة جديدة تثبت أن شركة “كامبريدج أناليتيكا” البريطانية، التي عملت لصالح الحملة الانتخابية لترامب، اخترقت بشكل غير قانوني حسابات 50 مليون مستخدم لفيس بوك وتلقت بيانات عنهم من العالم ألكسندر كوغان، الذي طور برنامجا لتطبيق “هذه حياتك الرقمية” (this is your digital life) استخدمها الباحثون لتقديم التفضيلات السياسية للناخبين الأمر الذي انعكس لصالح حملة ترامب الانتخابية.
كل يوم فضيحة
ليست هذه هي الفضيحة الأولى للرئيس الذي لم يكمل عامه الثاني منذ دخوله إلى البيت الأبيض بل كانت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية قد نشرت مقالا للصحفي ” أليكس هورتون” قال فيه أن الأسابيع القليلة الماضية شهدت اقتتالا داخل الإدارة الأمريكية، وتصويتا في الكونغرس، واستقالات، وعزل مسؤولين كبار وفوضى داخل المؤسسة التعليمية، ما جعله موسما متوترا وغامضا في الوقت ذاته، ويكشف كل يوم عن فضائح مثيرة للدهشة ولحظات تغير العالم.
واشتركت العديد من الصحف الأمريكية أشهرها “نيويورك تايمز و واشنطن بوست” في فضح البيت الأبيض وممارسات الرئيس غير القانونية، بما فيها التدخل السافر في شؤون الدول الأخرى، حيث كشفت “ذا بوست” وفق تسجيلات مسربة مطلع أغسطس المنصرم عن محادثتين لترامب أجراهما بعد توليه المنصب، إحداهما مع الرئيس المكسيكي إنريك بينا نيتو، والأخرى مع رئيس الوزراء الأسترالي مالكوم تيرنبل، وبدا ترامب في المكالمتين عدوانيا.
السيطرة على “لإف بي آي”
إلى ذلك وصف المراقبون أن قرار ترامب بشأن عزل مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي “أف بي آي” جيمس كومي، في مايو من العام 2017 محاولة للسيطرة على “أف بي آي” حتى يؤمن نظامه من السقوط واللحاق بـ”نيكسون”، فجيمس كان يقود تحقيقا للتأكد من دور روسيا في التدخل في الانتخابات الأمريكية.. وهو ما أكده بعد ذلك طلب ترامب من مدير الاستخبارات القومية دانيال كوتس، ومدير وكالة الأمن القومي الأدميرال مايكل روجرز، المساعدة لوقف تحقيق “أف بي آي” في القضية نفسها، وحثهما على نفي أي تصادم بين حملته والروس عام 2016.. لكن سرعان ما انكشف ذلك عندما نشرت “واشنطن بوست” تقريرا كشفت فيه رسائل إلكترونية مسربة تبرهن أن ترامب رحب بمساعدة محامية روسية في محاولة لإعاقة حملة هيلاري كلينتون الانتخابية.
ترامب نيكسون
في سبعينيات القرن الماضي شهدت الصحافة الأمريكية نقلة نوعية عندما وقعت في أيدي الصحفيين بـ”نيويورك تايمز” و “واشنطن بوست” وثائق “البنتاجون” عن دراسة طالب بإجرائها وزير الدفاع الأميركي آنذاك (روبرت ماكنامارا) وجمعت بعد ذلك في “سبعة آلاف” صفحة والتي عرفت فيما بعد بـ”أوراق البنتاغون” التي كشفت الجهد الحربي الأميركي في فيتنام، وبينت مقدار التشاؤم والاعتراف بعدم قدرة أميركا على الانتصار بتلك الحرب التي امتدت من 1961 إلى 1972.
وبعد ربح الصحيفتين للقضية المرفوعة عليهما من الرئيس “ريتشارد نيكسون” عمل الصحفي (بوب ودورد) من صحيفة “واشنطن بوست” على الفضيحة التي أسقطت الرئيس “نيكسون”، بعد كشف تورط الرئيس في التجسس على مكاتب الحزب الديمقراطي المنافس له أثناء حملة التجديد الانتخابية، فيما عرف بعد ذلك بفضيحة “ووترجيت” التي قدم نيكسون استقالته على إثرها.
تلك الحقبة من الزمن تعود اليوم وبحلتها الجديدة على يد الرئيس الحالي (دونالد ترامب) الذي لا يختلف كثيرا عن (نيكسون)، وكان لكتاب (النار والغضب) الذي كتبه الصحفي في (نيويورك تايمز) “مايكل وولف” عن شخصية ترامب منذ حملته الانتخابيّة إلى غاية دخوله البيت الأبيض الأثر الكبير في اضطراب الإدارة الأمريكية مما جعل احتمال سقوط ولاية ترامب لن تطول.
(النار والغضب): الشؤون العربية
وكان أهم ما تضمنه (النار والغضب) علاقة قرار نقل السفارة الأمريكية إلى القدس واعتبار القدس عاصمة للكيان الصهيوني فضلا عن فضح الهدف من ترشح ترامب للسلطة وعلاقة فوزه بروسيا علاوة على علاقة البيت الأبيض بولي العهد السعودي الحالي “محمد بن سلمان” والمساعي التي بذلها ترامب لوصول “بن سلمان” إلى رأس السلطة في المملكة.
ولم تكتف الصحف الأمريكية بالفضائح السياسية للرئيس ترامب بل عملت على نشر فضائحه الشخصية، ومن بينها العلاقات الجنسية التي أقامها مع مشاهير الولايات المتحدة الأمريكية.
ولا يزال كل يوم جديد يأتي بمفاجآت وفضائح جديدة لترامب، تكفلت الصحف بنشرها الأمر الذي قد يجعل من نهايته مشابهة لنهاية الرئيس نيكسون الذي أحبت الناس أن تكرهه.