تقرير: رشيد الحداد
بعد مشاورات استمرّت قرابة أسبوع، اتُفق في مونترو على تنفيذ أكبر صفقة تبادل منذ اندلاع العدوان على اليمن، تشمل 1081 أسيراً من أسرى طرفَي الحرب. اتفاقٌ يمثّل خطوة مهمّة على طريق إنهاء هذا الملفّ، إلا أنه يبقى مرهوناً بتنفيذه، فضلاً عمّا سيعقبه من خطوات كونه جاء دون المستوى الذي طمحت إليه قيادة صنعاء
تَوصّل الأطراف اليمنيون، في مشاورات مونترو السويسرية المنعقدة منذ أيام، إلى اتفاق على الإفراج المتبادل عمّا مجموعه 1081 أسيراً.
وعلى رغم أن الاتفاق يُعدّ خرقاً في الجدار الصلب لهذا الملفّ، إلا أنه، عملياً، أعاد تفاهمات استوكهولم، الموقّعة في 13 كانون الأول/ ديسمبر 2019 إلى المربّع الأول؛ إذ إن آلياته لم تتجاوز، حتى، المرحلة الأولى من اتفاق عمّان، الموقّع بين الطرفين منتصف شباط/ فبراير الماضي، بموجب تفاهمات استوكهولم.
مردّ ذلك إلى أنه بعدما انطلق التفاوض بين وفدَي حكومة صنعاء وحكومة الرئيس المنتهية ولايته عبد ربه منصور هادي في الـ18 من الشهر الجاري على أساس تنفيذ المرحلة الأولى من اتفاق عمّان، والقاضية باستكمال تبادل 1400 أسير من الجانبين، بينهم 900 من أسرى الجيش اليمني واللجان الشعبية و520 من أسرى الطرف الآخر بينهم سعوديون وسودانيون، تراجع العدد المتّفق عليه في ختام مشاورات مونترو إلى 681 من أسرى صنعاء، مقابل 400 من الطرف الآخر بينهم 15 سعودياً و4 سودانيين.
مع هذا، بدا المبعوث الأممي إلى اليمن، مارتن غريفيث، مبتهجاً بالاتفاق، الذي وصفه، في مؤتمر صحافي عقده أمس، بأنه «الخطوة الأهمّ منذ بدء الحرب عام 2015»، مشيراً إلى أن من أولويات الأمم المتحدة، عقب هذا الاتفاق، التحرّك بشكل حاسم لتنفيذه، والانتقال إلى التفاوض على مسائل أخرى، «في طريق الوصول إلى سلام دائم في اليمن».
على أن غريفيث تجاهل الحديث عن فشل المشاورات في تجاوز المرحلة الأولى من اتفاق عمّان، على رغم أن ذلك الفشل يؤشّر إلى عجز الأمم المتحدة عن تطبيق آلية التنفيذ المرحلي لاتفاق الأسرى الموقّع في استوكهولم، والتي تسعى إلى إنهاء معاناة 16 ألف أسير من أسرى الطرفين على أكثر من مرحلة.
والجدير ذكره، هنا، أن جولة التفاوض الرابعة التي انعقدت في مونترو تمثّل إحدى أهمّ الجولات القائمة على الآلية الجديدة التي تمّ التفاوض بشأنها لعدّة أشهر بين الطرفين، حتى وافق طرف حكومة هادي عليها، لكونها راعت ظرف تلك الحكومة الفاقدة للقرار والتأثير على العديد من الميليشيات الموالية لتحالف العدوان في المناطق الخارجة عن سيطرة قوات صنعاء.
تُستكمل التحضيرات ما بين 1 و14 تشرين الأول، على أن يكون التنفيذ في الـ15 من الشهر نفسه
وأكد مصدر في لجنة الأسرى التابعة لحكومة صنعاء، لـ»الأخبار»، أن الاتفاق الحالي مبنيّ على المرحلة الأولى فقط من اتفاق عمّان، بعد تعثّر التوصّل إلى اتفاق في شأن المرحلة الثانية من الصفقة، وهو ما أعاق الاتفاق على جولة أخرى من المفاوضات.
وعزا المصدر ذلك إلى أن «الملفّات التي قُدّمت من قِبَل وفد حكومة هادي تَضمّنت عشرات الأسماء الوهمية، وأخرى لدى أصحابها قضايا منظورة أمام القضاء اليمني».
وفي هذا الإطار، لفت المصدر إلى أن «حكومة هادي حاولت إفشال الاتفاق أكثر من مرّة بإصرارها على تمرير أسماء معتقلين على ذمّة قضايا جنائية وقضايا تمسّ أمن الدولة أدينوا بها»، إضافة إلى أن «هناك أسماءً سبق أن قُدّمت وتمّ الإفراج عنها وفق صفقات تبادل أسرى محلّية».
وأضاف المصدر أن «وفد الطرف الآخر كَرّس كلّ جهده في جلسات التشاور للإفراج عن الأسرى السعوديين، وكذلك شقيق الرئيس هادي اللواء ناصر المعتقل لدى صنعاء منذ مطلع العام 2015».
ووفقاً للمعلومات التي حصلت عليها «الأخبار»، فإن اتفاق مونترو تَضمّن جدولاً زمنياً لإنجاز المرحلة الأولى من صفقة تبادل الأسرى، وذلك خلال الفترة الواقعة بين 1 و14 تشرين الأول/ أكتوبر، والتي سيجري خلالها استكمال التحضيرات اللوجستية من قِبَل «اللجنة الدولية للصليب الأحمر»، والتأكّد من مطابقة قوائم الأسماء المُوقَّع عليها لهويّات الموجودين في السجون.
وعلى الأثر، يجري الانتقال إلى المرحلة الثانية التي حُدّدت في الخامس عشر من الشهر المقبل، حيث يبدأ نقل أسرى الطرفين عبر الطائرات من الرياض ومأرب إلى صنعاء والعكس، بشكل متزامن، برعاية «الصليب الأحمر» والأمم المتحدة.
وبعد الانتهاء من عملية النقل بيوم، سيجري نقل أسرى الطرفين من عدن إلى صنعاء والعكس، بشكل متزامن أيضاً، من قِبَل «الصليب الأحمر».
وفي التفاصيل التي نقلها إلى «الأخبار» مصدر حقوقي يمني في جنيف، سيُفرج عن 230 أسيراً من قوات هادي ويُنقلوا إلى مأرب، مقابل إطلاق 230 أسيراً من الجيش واللجان.
أيضاً، سيُطلق سراح 200 أسير من الجيش واللجان كانوا أُسروا في الضالع ولحج وعدن، مقابل 150 أسيراً من المحافظات الجنوبية سيجري نقلهم إلى عدن.
وبعدما كان من المفترض الإفراج عن 280 أسيراً آخر من أسرى صنعاء مقابل 280 من أسرى قوات هادي، استُبدل بالأخيرين، في اللحظات الأخيرة، 15 أسيراً سعودياً و4 سودانيين، في أعقاب تهديد الرياض بإفشال الاتفاق بالكامل.
وعلى رغم تلك الشوائب، لقيت مخرجات مونترو ارتياحاً في الأوساط الحقوقية، فيما استبشرت بها أسر الأسرى والمعتقلين. وفي صنعاء، رحّب عضو «المجلس السياسي الأعلى»، محمد علي الحوثي، بالاتفاق، مشدّداً، في منشور على صفحته على «تويتر»، على أن ما يهمّ هو التنفيذ وليس التوقيع فقط.
إلى ذلك، وعلى هامش المشاورات، اتّفق نائب المبعوث الأممي، معين شريم، مع عضو اللجنة الاقتصادية في صنعاء، هاشم المؤيد، على إنهاء الخلاف حول السفينة العائمة «صافر».
ووفقاً لمصادر مطّلعة، فإن الاتفاق يقضي بقيام الأمم المتحدة بإرسال فريق فنّي لصيانة السفينة، بمشاركة فريق فنّي تنتدبه حكومة صنعاء، على أن تعمد المنظمة الدولية، لاحقاً، إلى تفريغ شحنة النفط المخزونة في «صافر» في سفينة أخرى، ومن ثمّ نقلها إلى ميناء الحديدة.
المصدر: جريدة “الأخبار” اللبنانية.