تقرير: رشيد الحداد
للمرّة الأولى منذ عام 2018، تَمكّنت قوات صنعاء من فكّ الحصار عن مدينة الدريهمي جنوبي غربي مدينة الحديدة، بسيطرتها على منطقة الجارحة في محيط المدينة. جاء ذلك بعدما صدّت تلك القوات هجمات متتالية للقوات الموالية للإمارات، حاولت من خلالها الأخيرة تحفيف الضغط العسكري عن مدينة مأرب
في محاولة لتخفيف الضغط العسكري الذي تفرضه قوات صنعاء على مدينة مأرب، صَعّدت الميليشيات الموالية للإمارات خلال الأيام الماضية في الساحل الغربي للبلاد، متجاوزةً “اتفاق استوكهولم” في شأن الحديدة، والموقّع بين الطرفَين برعاية الأمم المتحدة أواخر عام 2018.
التصعيد الذي بدأ الجمعة بهجوم على مدينة الدريهمي جنوبي غربي مدينة الحديدة، سرعان ما أشعل معظم جبهات الساحل، لتأتي نتائجه صادمة لمطلِقيه.
وشنّ ما يُعرف بـ”لواء ذياب العلقمي”، التابع للميليشيات الموالية لأبو ظبي، هجوماً على المدينة من ناحيتَي الشرق والغرب، استهلّه بقصف مكثّف على الأحياء السكنية.
إلا أن الهجوم، الذي استمرّ أكثر من 36 ساعة، وحاولت خلاله تلك الميليشيات التوغّل في وسط الدريهمي فجر السبت، انتهى إلى تنفيذ قوات الجيش واللجان الشعبية عملية التفاف، تمكّنت في خلالها من محاصرة المهاجِمين، وتدمير ثماني عربات جند بِمَن فيها، وخمس عربات مصفّحة، و”اغتنام” ما تبقّى من أسلحة حديثة ومعدّات ثقيلة، بعدما فَرّ العشرات من عناصر الميليشيات.
بذلك، فرضت قوات صنعاء سيطرتها على كامل مدينة الدريهمي، ومناطق جديدة شرقيّها كقرية الكوعي وخطّ الطايف غرباً، فيما فشلت قوات نجل شقيق الرئيس السابق، طارق محمد عبد الله صالح، في فكّ الحصار عن “لواء العلقمي”.
وعلى رغم تلك الخسائر الكبيرة، جدّدت الميليشيات الموالية للإمارات محاولاتها التصعيد في عدد من جبهات الساحل، وتحديداً في جبهتَي بيت الفقيه ومدينة حيس الساحلية.
ووفقاً لمصادر محلية في الحديدة، فإن “المواجهات امتدّت على نطاق واسع لإعاقة أيّ تقدّم لقوات الجيش واللجان صوب مناطق جديدة”.
إلا أن “الميليشيات انتقلت من حالة الهجوم إلى الدفاع، فيما لم تستطع صدّ ردّ قوات صنعاء”، بحسب المصادر، التي أشارت إلى أن قوات طارق صالح حاولت التقدّم شرقي مدينة حيس بعد هزيمة الدريهمي، إلا أن محاولتها تلك، التي استمرّت لأكثر من 24 ساعة، لم تفلح في إحراز أيّ تقدّم عسكري على الأرض، لتخسر العشرات من عناصرها في المواجهات التي اندلعت فجر الأحد، واستمرّت حتى ساعات متأخرة من اليوم نفسه.
هذه التطوّرات جدّدت الانقسامات في صفوف الميليشيات الموالية للإمارات؛ إذ اتهمت “ألوية العمالقة” الجنوبية و”المقاومة التهامية”، القوات التابعة لطارق صالح، بـ”خيانة لواء ذياب العلقمي، والدفع به إلى محرقة الدريهمي لتصفيته”.
كذلك، اتّهمتها بالانسحاب من مواقعها في الجهة الشرقية لمدينة الدريهمي، وترك “العلقمي” من دون غطاء ناري أو حماية خلفية”.
جاء هذا في وقت اعترفت فيه أوساط موالية لـ”التحالف” بتمكّن قوات صنعاء من السيطرة على مواقع ثلاثة ألوية موالية للإمارات في الساحل الغربي، هي: ألوية “العلقمي” و”الوحش” و”مراد المعلم”.
ويأتي التصعيد على جبهات الساحل الغربي بتوجيهاتٍ من ضبّاط إماراتيين كانوا قد وصلوا إلى محافظة مأرب قبل أسبوع للمشاركة في إدارة العمليات العسكرية في المحافظة.
ويرى مراقبون عسكريون أن عملية الدريهمي جاءت لإرباك الجيش واللجان الشعبية في مأرب، لكنها كشفت عن استعدادات عسكرية كبيرة لدى قوات صنعاء في محيط مدينة الحديدة، مشيرين إلى أن عملية جسّ النبض هذه أكدت أن القدرات العسكرية للجيش واللجان في الساحل الغربي باتت أكبر مما كانت عليه في أيّ وقت مضى.
المصدر: جريدة “الأخبار” اللبنانية.