تحقيق: وكالة الصحافة اليمنية//
أراد العملاء والخونة، وكثيرين منهم كانوا يتسنمون مناصب رفيعة وعليا، أن يجعلوا اليمن، وجهة للتطبيع مع إسرائيل، لكن مشيئة الله، التي ألهمت المخلصين من أبناء اليمن، كان لها رأي أخر، رأي يصب في مصلحة اليمن الأرض والإنسان، واليمن التي تتمسك بمبادئها وهويتها الدينية والوطنية باعتزاز.
وقبل أيام، كانت الوثائق التي فضحت علاقة نظام الرئيس الأسبق علي عبدالله صالح، مع الكيان الصهيوني، صادمة للشعب اليمني، الذي يرى إسرائيل مجرد كيان مغتصب للأراضي الفلسطينية والمقدسات الإسلامية فيها، ويرفض بشدة أي تقارب معه، لأن ذلك يخالف مبادئه وعقيدته الدينية.
“وكالة الصحافة اليمنية” حاولت أخذ عينات من واجهات النظر حول ما كشفته الوثائق من تطبيع كان يجري على قدم وساق، وما جاء في سطور تلك الوثائق من حقائق خطيرة جداً.
قطع الطريق على التطبيع
يرى الزبيري إن” ثورة 21 سبتمبر قوضت محاولات التطبيع وقطعت الطريق أمام فرض مسارات لليمن خارج ودون وسطاء”.
يؤكد وزير الثرو السمكية، والأمين العام المساعد لحزب البعث العربي الاشتراكي محمد الزبيري، إن “الكيان الصهيوني كان يعمل على تطبيع العلاقات التجارية مع اليمن لتحويل البلد إلى سوق مفتوح لبضائعهم بشكل مباشر ودون وسطاء”.
وكشف الأمين العام المساعد لحزب البعث العربي الاشتراكي، عن ضغوط كانت تواجهها اليمن من البنك الدولي لفرض تدخلات أمريكية تستند إلى حاجة البلد للنقد الأجنبي وهذه إحدى وسائل تحكم الخارج بقرار اليمن.
حقيقة صادمة
يقول السياسي اليمني البارز عبدالله سلام الحكيمي:” الحقيقة إن العلاقة السرية بين علي عبدالله صالح وإسرائيل كانت قديمة جداً، وليست الإمارات من ساعد على إقامتها، بالعكس فصالح حينما أوصل إلى الحكم كان محطة تواصل بين إسرائيل والإمارات والبحرين واسهمت إسرائيل في الربط بين الثلاثة وغيرهم، لتنفيذ أجندتها في المنطقة عبر خدماتهم جميعاً.
الكيان الصهيوني يطرق أبواب اليمن
الباحث الاجتماعي، عباس علي، قال لـ”وكالة الصحافة اليمنية” بمرارة:” لم أكن أتصور في يوم ما، أن يتجرأ الكيان الصهيوني على طرق أبواب اليمن، ومحاولة التطبيع مع اليمنيين، لكن ذلك حصل للأسف، وقد كان صادماً جداً”.
وأضاف علي:” نحن اليمنيين أمة عظمية، لم تخذل أبداً قضايا الأمتين العربية والإسلامية، ولطالما انتصرت للقضية الفلسطينية ولكل حق اغتصبه أعداء الأمة”.
ونوه الباحث الاجتماعي اليمني إلى أن للوثائق التي كشفت عن تطبيع كان يطبخ على نار هادئة خلال حكم الرئيس الأسبق علي عبدالله صالح، أثراً ايجابياً على اليمنيين.
وتابع: ” رغم أن الوثائق كانت صادمة، لكنها كشفت حقيقة نظام حكم اليمن طيلة ثلاثة عقود وازيد بالمؤامرات والتبعية”.
وأكد علي أن ” الشعب اليمني متمسك بالوقوف إلى جانب قضايا الأمة بثبات وشجاعة، ولن يبخل عليها لا بالمال أو الرجال”.
أكدت الصحفية، بيروت حمود، إن “المعركة في اليمن اليوم هي معركة مصيرية، والوقوف في وجه العدوان هو وقوف في وجه المخطّطات الإسرائيلية”.
وقالت حمود، في تقرير لها نشرته في صحيفة “الأخبار اللبنانية” يوم 7 أكتوبر الجاري، إنه “بوضوحٍ غير قابل للتأويل، ربط المتحدّث باسم القوات المسلحة اليمنية، يحيى سريع، قبل يومين، إن العدوان الذي تقوده السعودية منذ خمسة أعوام على بلاده، بإسرائيل”.
وأضاف التقرير” لعلّ في كلام العميد اليمني، هذه المرّة، ما هو أبعد بكثير من قراءة المؤشّرات الدالّة على اتباع جيش آل سعود، وحلفائهم، استراتيجيات عسكرية ابتكرها جيش العدو الإسرائيلي خلال حروبه على الفلسطينيين وشعوب المنطقة، عمادها إبادة المدنيين العزّل، وسحق عمران بلادهم وحضارتهم، ونسف كلّ الأوجه الضامنة للحياة الكريمة لهم، بشكلٍ ممنهج ومستمر كما تفعل السعودية باليمنيين؛ إذ أعلن سريع امتلاك القوات اليمنية أدلّة على المشاركة العسكرية الإسرائيلية في العدوان على اليمن، مؤكداً أنه “سيُكشف عنها في الوقت المناسب”.
وتابع “اللافت في الحديث المتقدّم ليس امتلاك أدلّة عليه فقط، بل في أن توقيته يتزامن مع تظهير الحلف بين كيان العدو وبعض دول الخليج، وفي مقدّمتها الإمارات، وفي هذا الإطار، اعتبر سريع أن “تطبيع العلاقات بين أنظمة وسلطات دول العدوان وبين الكيان الإسرائيلي المشارك في العدوان على بلادنا يؤكد أننا بالفعل في الموقف الصحيح”، ليعود ويحذّر، بناءً على وثيقة سرّية، من خطرٍ يُهدّد الأمن القومي اليمنيّ من جرّاء مشروعٍ إسرائيلي لإعادة توطين عشرات آلاف الإسرائيليين في اليمن.
وثيقتين سريتين
تحدث التقرير عن وثيقتين سرّيتين: الأولى تحدّث عنها العميد سريع في خطابه الأخير، وهي صادرة عن سفارة دولة الإمارات في صنعاء؛ والثانية عبارة عن برقيّة مرسَلة من قِبَل جهاز الأمن القومي اليمني إلى الرئيس السابق علي عبد الله صالح.
وفي التفاصيل، تحمل الوثيقة الأولى الرقم 1/1/4-11، وهي مؤرّخة بتاريخ 3/3/2004، ومرسَلة من سفير الإمارات لدى اليمن، حمد سعيد الزعابي، إلى وكيل وزارة الخارجية الإماراتية، وفيها يفيد السفير بأنه “زار اليمن مؤخراً وفدُ هيئة التراث اليمني اليهودية، والتقى العديد من المسؤولين اليمنيين، بِمَن فيهم الرئيس علي عبد الله صالح”.
ويتابع أنه “تأتي زيارة الوفد المكوّن من يحيى مرجى من يهود إسرائيل، وإبراهيم يحيى يعقوب من حاملي الجنسية الأميركية، وسليمان جرافى، في إطار الجهود الصهيونية للتطبيع بين الدولة اليهودية واليمن”.
ويذكر أن الوفد تَقدّم بعدّة مطالب للمسؤولين اليمنيين شملت :
1- بناء متحف للتراث اليهودي في صنعاء.
2- تسوير قبر الشبزى، وهو أحد حاخامات اليهود في تعز.
3- تسوير مقابر اليهود في عدن ورادع ومختلف المناطق التي عاش فيها اليهود.
4- إعادة تجنيس 45 ألف يهودي من إسرائيل، و15 ألف أميركي يهودي بالجنسية اليمنية.
5- إنشاء معبد ومدرسة في ريدة.
ووفقاً للسفير الإماراتي، فإن “هيئة التراث اليمنية” بعثت برسالة إلى رئيس الوزراء اليمني، تطلب فيها “بناء المتحف، موضحة أهميته وأسبابه، وحتى الآن لم يرد رئيس الوزراء على الطلب منتظراً ربّما تعليمات من الرئيس”.
وللدلالة على العلاقة التي كانت تربط بين الهيئة والمسؤولين اليمنيين السابقين، ولا سيما الرئيس، تلفت الوثيقة إلى أن “الرئيس صالح وعدهم ببناء المعبد والمدرسة في ريدة، وهي البلدة التي ولد فيها أبراهام، واستطاع أن يبني فيها فيلا أثناء زياراته لليمن، كما بنى أخ له اسمه سليمان، المقيم بإسرائيل، فيلا كذلك”.
يشير التقرير إلى أنه وإضافة إلى صالح “التقى هؤلاء بنائب وزير الداخلية اليمني، اللواء مطهر المصري، الذي استقبلهم بحفاوة بالغة، ويبدو أنه على معرفة سابقة بهم، وذكر أنه سبق له أن زار إسرائيل بناءً على ترتيب منهم”، كما “التقوا قائد المنطقة الشمالية – الغربية ورئيس مصلحة الجوازات، العميد علي محسن الأحمر، وطلب منه يحيى مرجى أثناء المقابلة تجنيس أولاده وأمهم المقيمين بإسرائيل”.
وبحسب التقرير ” لا توضح الوثيقة سبب اهتمام السفير الزعابي بهذا اللقاء، وإن كان الهدف منه إطلاع وكيل وزارة الخارجية على الدور الذي يراد لصنعاء أن تلعبه في إطار ما سمّاه، التطبيع اليهودي اليمني، والذي يندرج ضمن مخطّط أكبر ترسمه الولايات المتحدة للمنطقة.
تفاصيل لافتة
ويواصل التقرير قرأته لما جاء في الوثيقة الثانية، حيث قال: “مع ذلك، ثمّة تفاصيل لافتة تَرِد في الوثيقة الثانية ربما تُفسّر ذلك الاهتمام؛ فتحت عنوان “سرّي للغاية”، يرسل رئيس جهاز الأمن القومي اليمني، علي محمد الآنسي، إلى الرئيس صالح، برقية يعود تاريخها للعام 2007، أمّا موضوعها فهو المدعو / بروس كاشدان – المستشار الخاص لوزير الخارجية الإسرائيلي، وفيها يشير الآنسي إلى أنه “يودّ الجهاز أن يطلع فخامتكم بأن المذكور (كاشدان) زار بلادنا من 14/7/2007-16/7/2007 وأنه قد تمّت متابعة زيارته من قِبَل الجهاز بناءً على توجيهاتكم الرشيدة بتاريخ 2/2/2005 والتي تقضي بالانتباه عند تكرار زيارته إلى بلادنا”.
بحسب هذه البرقية، فإنه “خلال هذه الزيارة، عرّف المدعو/ كاشدان عن نفسه أثناء اللقاء (مع مسؤولين يمنيين بينهم أقرباء الرئيس صالح) بأنه يعمل مستشاراً خاصاً لوزير الخارجية الإسرائيلي، وأن مكان إقامته هو في دبي، وأنه يعتبر منسّقاً بين الحكومة الإسرائيلية وحكومة دبي.
كما أشار إلى أنه يتنقّل في العديد من دول المنطقة، ومنها السعودية واليمن وجيبوتي، تحت غطاء رجل أعمال، وأنه يحمل جواز سفر أميركياً.
وردّاً على استفسار حول دور كاشدان في اليمن، كان قد تَقدّم به وكيل جهاز الأمن القومي لقطاع العمليات الخارجية، العقيد عمار محمد عبد الله صالح، خلال اللقاء، أجاب الأول بأن “نشاطه في الجمهورية اليمنية لا يزال محدوداً جداً، وذلك بسبب تحفّظ الحكومة اليمنية على علاقاتها بإسرائيل، مشيراً إلى أنه قد التقى بالعديد من الشخصيات السياسية، مثل عبد الكريم الإرياني، وبعض المسؤولين في وزارة التخطيط، كما أنه التقى أيضاً بالعديد من رجال الأعمال اليمنيين”.
ويتابع التقرير “أمّا بالنسبة إلى الأهداف التي رغب كاشدان في تحقيقها من خلال زياراته المتكرّرة لليمن، فهي بحسب الوثيقة “توسيع النشاط الاقتصادي الإسرائيلي في اليمن، والذي بدوره سيدير العجلة السياسية لاحقاً”، إضافة إلى ذلك، يشير الآنسي إلى أن كاشدان “يرغب في تعزيز التعاون في مجال الأمن ومكافحة الإرهاب، وضمان أمن البحر الأحمر، وكذلك في المجال العسكري في تطوير وتحديث المعدات العسكرية وخفر السواحل، وفي المجال الزراعي والمياه”.
ويشير التقرير إلى أن جهاز الأمن القومي بالاستناد على هذه الخلفية، قدم في البرقية ذاتها، عدداً من التوصيات للرئيس؛ ومن بينها “الاكتفاء بالمقابلة التي عُقدت بين وكيل الجهاز لقطاع العمليات الخارجية وكاشدان، وعدم عقد أيّ مقابلات معه بصفته مستشار وزير الخارجية الإسرائيلي، من أيّ جهة رسمية داخل بلادنا”، إضافة إلى “حصر مسألة التعامل الإسرائيلي مع بلادنا في إطار العلاقات غير الرسمية بين المذكور والشخصيات التي تَعرّف عليها من مواطني بلادنا، ورصد هذه اللقاءات والتحركات بدقّة ومتابعتها استخبارياً وتوثيق الأدلّة المتعلقة بها أولاً بأول”.
مع ذلك، لم يكن رأي جهاز الأمن القومي اليمني حاسماً في شأن تطبيع العلاقات مع كيان العدو؛ إذ أوصى الرئيس صالح بـ”دراسة أوجه التعاون التي اقترحها المذكور من حيث إيجابياتها وسلبياتها ومدى خدمتها لصالح بلادنا وتأثيرها على مصالحها للخروج برؤية استراتيجية، وفقاً لما تقدّم، مع تحديد نقطة التواصل مع المذكور في محل إقامته شبه الدائمة في دبي، إذا ما تمّ تحديد أيّ تعاون مستقبلي حول ما ذُكر”.
وختم التقرير:”إذاً، تتقاطع الوثيقتان عند كون الإمارات لعبت دوراً مهمّاً في إطار محاولة تطبيع العلاقات بين العدوّ واليمن، والدليل على ذلك يبرز في الاهتمام الذي أبداه السفير الإماراتي لدى صنعاء بزيارة (هيئة التراث اليهودية) إلى اليمن، وفي استضافة الإمارات، كاشدان، (بطل) تطبيع العلاقات الإسرائيلية – الخليجية، على أراضيها، منذ سنوات طويلة سبقت أصلاً زيارته لليمن”.