تحقيق: وكالة الصحافة اليمنية//
كلف النظام السعودي، أحد أسوء أفراد العائلة الحاكمة، وهو بندر بن سلطان، سيئ الصيت، بمهمة التمهيد للإعلان الرسمي للتطبيع مع إسرائيل، ولكن من بوابة توجيه النقد للقيادات الفلسطينية والشعب الفلسطيني، وقد أدى المهمة بطريقة قذرة، لم يتورع فيها من كيل الشتائم للفلسطينيين حد وصفهم بـ”الواطيين”، وهو لفظ لا يستخدم إطلاقاً في مفردات السياسة أو العمل الدبلوماسي.
وبندر بن سلطان هذا، هو نفسه من ارتبط اسمه بصفقة اليمامة الشهيرة، وقبض رشاوى بمئات الملايين من الجنيهات الاسترلينية لتمرير صفقة أسلحة مشبوهة لبلده.
والسعودية، مثلها مثل الإمارات والبحرين اللتان سبقاتها في توقيع اتفاقا التطبيع مع إسرائيل، اتخذت من شتم الفلسطينيين وسيلة لتبرير اتفاقها المرتقب مع الكيان الصهيوني.
ولم تدخر السعودين والإمارات والبحرين، أي فرصة للنيل من الفلسطينيين شعباً وحكومة، وحتى التاريخ الفلسطيني لم يسلم من قيادات ومثقفي البلدان الثلاثة، فراحوا يمعنون طعناً وتشكيكاً وتكذيباً في تاريخ فلسطين والمقدسات الإسلامية فيها.
حملات تشكيك وطنية وتاريخية
يقول المهتم بالتاريخ الفلسطيني، عبدالله سعيد، كانت حملات التشكيك بتاريخ فلسطين بمثابة طعنات غدر لم تكن متوقعة من أنظمة ونخب تدعي أنها عروبية وإسلامية، لكن ذلك حصل بكل “وقاحة”.
وأضاف: الحملات كانت ممنهجة، ولم تقتصر على الإعلام، بل خصصت مسلسلات اجتماعية لتشويه فلسطين وتاريخها، وتقديم الكيان الصهيوني كما لو أنه حمامة سلام.
وأضاف سعيد :لم يحدث أن تطاول أحد على فلسطين، كونها قضية العرب والمسلمين الأولى، والإيمان بها وبقضيتها العادلة من المسلمات.
اللافت أن التعليق على تصريحات “بندر” “الصفيقة” ضد الفلسطينيين، واجهت نقداً لاذعاً من صحف ووسائل إعلام عالمية، في التزمت أغلب وسائل الإعلام العربي الصمت، وبعضها ناقش الأمر على استحياء، في حين أن البعض الآخر راحت تشيد بالأمير الفاسد، وصراحته.
مشرف العلاقات السرية مع إسرائيل
ونقلت صحيفة “نيويورك تايمز” عن شخص مطلع على العلاقة بأن بندر هو الذي أشرف على العلاقات السرية مع إسرائيل.
وعلقت الصحيفة أن بندر لم يكن ليحصل على مساحة واسعة في قناة “العربية” في دبي لو لم تحصل رسالته على مباركة من ولي العهد محمد بن سلمان.
وقال الأمير بندر إن تصريحاته هي رد على ما قالته القيادة الفلسطينية عن توقيع اتفاقيات تطبيع بين الإمارات والبحرين مع إسرائيل في حديقة البيت الأبيض الشهر الماضي. ولم تشمل الاتفاقيات الموقعة على الموضوع الفلسطيني الذي ربط حله بتطبيع الدول العربية علاقاتها مع إسرائيل.
وذكرت الصحيفة أن شجب بندر للقيادة الفلسطينية يأتي وسط تحول في علاقات إسرائيل مع الدول العربية التي تنظر للدولة العبرية كشريك تجاري وفي المواجهة مع إيران أكثر من كونها مغتصبة للأرض الفلسطينية.
وأشارت الصحيفة إلى إن السعودية التي لم تقم بعد علاقات دبلوماسية مع إسرائيل قد خففت من لهجتها في السنوات الماضية مما يعبد الطريق أمام التطبيع. وكجزء من هذا التحول تصريحات محمد بن سلمان الذي قال إن من حق إسرائيل والفلسطينيين الوجود على أراضيهم.
وكشفت “نيويورك تايمز” أن المملكة منحت الضوء الأخضر للإمارات والبحرين لفتح علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، فيما رحب الإعلام الذي تسيطر عليه الدولة بالتطبيع ونشرت تقارير عن إسرائيل واليهود في الشرق الأوسط لم يكن يسمح بنشرها في الماضي.
وأشارت الصحيفة إلى تصريحات بندر التي من فيها على الفلسطينيين بأن الدعم السعودي ظل بطريق واحد وهو أن القيادة الفلسطينية تأخذ المال السعودي وتتجاهل النصيحة و”أعتقد أن من حق الشعب الفلسطيني معرفة الحقائق التي لم تناقش أو ظلت مخفية”.
وبدا الأمير بندر ناقدا للفلسطينيين الذين فروا أو أجبروا على مغادرة بيوتهم أثناء حرب 1948 زاعما أن القيادة السعودية ألحت عليهم البقاء وعرضت عليهم السلاح والمال. وواصل يوم الثلاثاء صراخه عن الفلسطينيين قائلا: “ليست مشكلتنا أن الله أعطاهم قادة فاشلين”. وانتقد مسؤول فلسطيني، طلب عدم الكشف عن اسمه، تصريحات بندر بن سلطان قائلا إن اللاجئين الفلسطينيين فروا من كل الحروب من أجل حماية أرواحهم.
وقال مارتن إنديك المسؤول عن ملف الشرق الأوسط في إدارة بيل كلينتون وعمل عن قرب مع بندر بن سلطان إن الأمير لم يغفر للفلسطينيين وقوفهم مع صدام حسين بعد احتلاله الكويت. و”بالنسبة لبندر فهذه خيانة حقيقية ولم يتحمل اتهامهم الإمارات بالخيانة”.
وشك إنديك أن تكون المقابلة مقدمة لتطبيع قريب للسعودية مع إسرائيل. وأضاف: “لكن بندر هو ممثل للحرس القديم في العائلة المالكة بالسعودية” وكلامه “إشارة عن وجود مناخ مؤيد لهذه الخطوة” حالة قررت القيادة المضي بها.
عريقات وشجاعة الرد
وامتلك صائب عريقات، أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية شجاعة الرد على تصريحات بندر بن سلطان المسيئة.
وقال عريقات إن “من يريد من العرب تقديم أوراق اعتماد لواشنطن أو غيرها، أو يريد أن يمهد للتطبيع مع إسرائيل، يمكنه فعل ذلك دون التشهير بالشعب الفلسطيني ونضاله الأسطوري”.
ونشر عريقات مجموعة من التغريدات على تويتر بعد هجوم أمين مجلس الأمن الوطني السعودي السابق، الأمير بندر بن سلطان آل سعود، على القيادة الفلسطينية.
وقال عريقات:” باستطاعة أي دولة أن تقول مصالحي تتطلب التطبيع مع اسرائيل”، مشيراً إلى أن” لديه من وثائق اللقاءات التي حصلت مع الإدارات الأمريكية المتعاقبة ما يكشف الحقيقة كاملة، ليس أنصاف الحقائق أو اقتباس من انتقلوا إلى الرفيق الأعلى ولا يستطيعون الرد”.
وأضاف عريقات في تغريدة أخرى “القيادة الفلسطينية فاشلة ويجب تغييرها، والشعب الفلسطيني جاحد وناكر للجميل وحاقد.
لماذا؟ لأنه رفض أن يكون المسجد الاقصى والقدس تحت السيادة الاسرائيلية، لأنه رفض الاستيطان والضم، ولأنه يدافع عن عروبة أرضه ومقدساته شعب قدم مئات الآلاف من الشهداء والجرحى ومليون أسير، ثم يتهم بالخيانة”.
يحللون لأنفسهم ويحرمون على غيرهم
وقال الكاتب الفلسطيني علي الصالح، إن «الأشقاء» في الخليج يحللون لأنفسهم ما يحرمونه على الفلسطينيين، يتدخلون بشؤونهم، كما يحلو لهم، لكنهم لا يسمحون لهم، ليس بالتدخل في شؤونهم وحسب، بل التعبير عن رفضهم لتدخلاتهم. يتهمون الفلسطينيين ببيع أراضيهم والتخلي عن قضيتهم والعيش في الخارج بنعيم. يشككون بالتاريخ النضالي للشعب الفلسطيني المتواصل، من دون كلل منذ أكثر من قرن، يقولون إن قضية فلسطين لم تعد تعنيهم وإن اليهود أولى بفلسطين من الفلسطينيين.
وأضاف :يلومون نتنياهو لأنه لم يخلصهم من الفلسطينيين ناكري الجميل، يستكثرون على الفلسطينيين أن يمسكوا بزمام قراراتهم، ويعتبرون ذلك خروجا عن الخط، غير مسموح به، ولكن يحق لهم الدوس على قراراتهم ومبادراتهم، يدوسون على قرارات هم اتخذوها، ولا يحترمون مبادرات هم طرحوها (مبادرة السلام العربية) ويتوقعون من الفلسطينيين عدم الاعتراض. يتخلون عن القدس والمسجد الأقصى، أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، ومسرى الرسول، ويشككون بقدسيته وحق المسلمين به. يقولون إن الحرم المكي والحرم المديني هما فقط حق للمسلمين وقبلتهم، وإن الأقصى من حق اليهود. ويستشاطون غضبا من الدعوات لنقل مسؤولية الحرمين لهيئة إسلامية دولية.
يطلبون من الفلسطينيين أن يتنازلوا عن 90% من فلسطين التاريخية مقابل ثمن بخس ويتوقعون منهم أن يشكروهم على هذا الكرم.
وذكر أنهم “يطالبون الفلسطينيين بالتخلي عن حقهم بالعودة الوارد في قرارات الامم المتحدة ذات الصلة ويحاولون احباطهم بالتأكيد على أن قرار العودة 194 غير قابل للتطبيق. ويستخفون باللاجئين الفلسطينيين الذي لا يزالون يحتفظون بمفاتيح منازلهم ليسلموها من بعدهم لابنائهم واحفادهم. يوقعون على اتفاقات تطبيعية بدون تشاور مع الفلسطينيين ويستكثرون على الفلسطينيين رفضها ووصفها بالخيانة والطعن بالظهر. يسمحون لأنفسهم بان يذهبوا إلى آخر المشوار، دفاعا عن «مصلحة» عابرة، ويهاجمون الشعب الفلسطيني لدفاعه عن قضية ووطن وتاريخ. ويتوقعون من شعب جريح بحراب أهله واشقائه أن يتعامل معهم بتعقل. يتماهون في تصريحاتهم مع الناطقين والمسؤولين الإسرائيليين، ومع عتاة المستوطنين وعبر وسائل إعلام صهيونية، ويستكثرون على الفلسطينيين أن يعقدوا اجتماعا لهم في تركيا”.
الكيان ليس بحاجة لناطقين نيابة عنه
وأفاد الصالح أن دولة الاحتلال لم تعد بحاجة إلى ناطقين باسمها، فبعض المسؤولين في نظام أبوظبي يقومون بهذا المهمة وعبر وسائل إعلام إسرائيلية على أكمل وجه ومن دون مقابل. فها هو مسؤول إماراتي يكرر وصف نتنياهو للفلسطينيين بأنهم «ما زالوا يعيشون في الماضي»، ويطالبهم بالعودة إلى المفاوضات، كيف وعلى أي أساس مش مهم.. ولم ينس المسؤول الإماراتي التأكيد على أنه في حال اندلعت حرب بين غزة والاحتلال فإن العلاقات بين بلاده وتل أبيب «لن تتأثر». وراح رجل الأعمال الإماراتي خلف البحتور إلى ما هو أبعد، بالقول لوسيلة إعلام إسرائيلية أيضا، أصبحت السبيل لتمرير الرسائل: «ثمة حجّة منطقية تقول إن الإسرائيليين متعنّتون. ولكن يمكن أيضاً قول الشيء نفسه عن الفلسطينيين، الذين لا يزالون يصرّون على حق العودة للاجئين من سوريا والأردن ولبنان وبلدان أخرى. لن يحدث ذلك أبداً، وهم يعرفون ذلك حق المعرفة».
وتابع :”سمح النظام السعودي ولأول مرة لأحد افراد الأسرة الحاكمة، بشن هجوم كاسح وغير مسبوق على القيادة الفلسطينية، التي لن ندافع عنها بأي شكل من الأشكال. وتكمن خطورة دخول الأمير بندر بن سلطان إلى أرض المعركة، وهجومه على القيادة الفلسطينية، في أنها لم تأت على لسان إعلامي يريد أن يسترزق، أو يريد تبييض وجهه أمام بن سلمان، وهم كثر، بل جاءت على لسان أمير من العيار الثقيل، تبوأ منصبي سفير لدى واشنطن ورئيس جهاز الاستخبارات. أمير يحتل ابنه وابنته منصبي السفير في أهم عاصمتين/ لندن وواشنطن. ومن هذه الزاوية تقرأ هذه التصريحات”.