مقالات وتحليلات (وكالة الصحافة اليمنية)
عقب الهجوم الحادّ الذي شنّه رئيس استخبارات النظام السعوديّ السابق، بندر بن سلطان، الأسبوع الماضي، على موقف القيادات الفلسطينيّة من اتفاق “الاستسلام الخليجيّ”، واعتبار المدافعين عن القضيّة الفلسطينيّة “فاشلون”، وأنّ القيادة الفلسطينيّة تدفع ثمن مراهنتها على الطرف الخاسر، حاول بن سلطان في تغريدة عبر تويتر، الاثنين الماضي، امتصاص غضب الشعب الفلسطينيّ بعد تصريحاته الناريّة التي اعتُبرت رداً واضحاً من الرياض على الانتقادات اللاذعة التي وجهتها القيادات الفلسطينيّة لاتفاق العار الذي وقعته البحرين والإمارات مع العدو الصهيونيّ الغاصب بموافقة سعوديّة.
تبرير فاشل
ادّعى رئيس استخبارات النظام السعوديّ السابق، الذي أمضى ثلث حياته سفيراً لبلاده في واشنطن، بندر بن سلطان بن عبد العزيز، وقوفه في صف الشعب الفلسطينيّ، بعد الغضب الفلسطينيّ والعربيّ من تصريحاته المعادية للقضيّة الفلسطينيّة، ومهاجمته القادة الفلسطينيين، وقال إنّه لا يسمح بتفسير تصريحاته على “هوى من له هوى” أو أصحاب النوايا السيئة، وفق زعمه.
وفي الوقت الذي عبّر فيه بن سلطان عن احترامه وتقديره للشعب الفلسطينيّ، أوضح أنّ ما وصفهم بـ “الأهل و الإخوان” الفلسطينيين، هم المتضررون الأوائل مما أسماها “إخفاقات القيادات الفلسطينيّة”، متناسيّاً التصريحات الوقحة التي أدلى بها على قناة “العبريّة” التابعة لنظامه الوهابيّ، والتي كشفت الغضب السعوديّ العارم من تصريحات المسؤولين الفلسطينيين ضد اتفاقات التطبيع الهادفة إلى تصفيّة قضيتهم، وكأنّ حكام المملكة كانوا ينتظرون ترحيباً فلسطينيّاً بدخول المنامة وأبوظبي إلى حظيرة التطبيع مع العدو الصهيونيّ الغاشم.
ومن الجدير بالذكر، أنّ المسؤول السعوديّ اعتبر انتقادات القيادات الفلسطينيّة لاتفاق الخيانة بأنّها تجرؤ بـ “الكلام الهجين” على دول أسماها بالـ “شقيقة”، لكنها انحازت إلى صف العدو ضد أصحاب الأرض والمقدسات، في الوقت الذي تسعى فيه الرياض إلى تعزيز علاقاتها مع العدو الصهيونيّ.
ومن المثير للاهتمام أنّ ابن أخ الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز، الذي شغل منصب رئيس استخبارات النظام السعوديّ بين عامي 2012 و2014، تطرّق إلى “الأُخوة مع الفلسطينيين”، لكنه أسهب في مقابلته الأسبوع المنصرم في الحديث عمّا أسماه الدعم الذي قدمته بلاده على مدى عقود للقضيّة الفلسطينيّة، فيما دعا الشعب الفلسطينيّ حينها لأن يتذكر دعم المملكة ومساعدتها، ما اعتبره الفلسطينيون إهانة واضحة للشعب الفلسطينيّ وقضيّته وقياداته.
من ناحية أخرى، ردّ الفلسطينيون على تصريحات بن سلطان، بتنديد رسميّ وشعبيّ واسع، حيث أشارت حركة المقاومة الإسلاميّة “حماس”، أنّ تصريحاته المؤسفة لا تخدم إلا الاحتلال الصهيونيّ، فيما ذكرت منظمة التحرير الفلسطينيّة، أنّ من يريد من العرب تقديم أوراق اعتماد لأمريكا أو غيرها، أو يريد أن يمهّد للتطبيع مع العدو يمكنه فعل ذلك دون التشهير بالشعب الفلسطينيّ ونضاله الأسطوريّ.
نوايا قذرة
كشفت تصريحات بندر بن سلطان عن الرغبة السعوديّة العارمة للتطبيع مع الصهاينة، ما ينفي مزاعم الرياض بأنّها لن تتبع نهج البحرين والإمارات في الدخول إلى حظيرة التطبيع دون حل للقضيّة الفلسطينيّة، فيما اختارت الكشف عن نهجها القذر وإعلان تأيّيدها الرسميّ لاتفاق العار الإماراتيّ – البحرينيّ الموقع مع تل أبيب.
ومع ازدياد التوقعات في الكثير من التقارير الإعلاميّة العربيّة والدولية حول إمكانيّة تطبيع العلاقات السعوديّة – الصهيونيّة، والتي أيّدتها تصريحات للرئيس الأمريكيّ دونالد ترامب، انقلبت سياسة الإعلام السعوديّ، بشكل كامل تجاه القضيّة الفلسطينيّة، وأصبحت تُشيد بشكل فاضح، باتفاقات الاستسلام التي أبرمتها بعض الدول الخليجيّة مع عدو العرب، دون حق قراءة بنودها.
ورغم أنّ طموحات النظام السعوديّ في التطبيع مع العدو الصهيونيّ تصطدم بالرفض الشعبيّ العارم، لاعتبارات إنسانيّة وأخلاقيّة ودينيّة، تحاول القيادات السعوديّة ترويج أفكار سلبيّة تجاه الفلسطينيين وقياداتهم عبر إعلامهم المتحيز والمُضَلل، لتهيئة الجو العام داخل بلاد الحرمين لتقبل “مسألة التطبيع”، التي ستجعل حكام السعودية منافسين شرسين لحكام الإمارات “عاصمة الخيانة في الخليج”، بما يُرضي واشنطن وكيانها الصهيونيّ.
في النهاية، فشل بندر بن سلطان في محاولة امتصاص غضب الشعب الفلسطينيّ، بعد التصريحات العدوانيّة ضدّه والإهانات الموجّهة لقضيّته وقياداته الذين يحظون بشعبيّة واسعة واحترام كبير بين الفلسطينيين، فيما أثبتت السعوديّة من جديد عبر مسؤوليها الذين يوصفون بأنّهم أصحاب تاريخ سياسيّ، عدم قدرتها على أن تكون الحضن العربيّ الدافئ للعرب والمسلمين.
(المصدر : الوقت التحليلي)