مع اكتمال تنفيذ صفقة تبادل الأسرى المتّفق عليها في مونترو السويسرية، تتّجه الأنظار إلى جولة تفاوض جديدة سرعان ما بدأ التحضير لها، في ظلّ توقعات بأن تشمل عدداً أكبر من الأسرى، بمَن فيهم القيادات الموالية لعبد ربه هادي، والتي لم يفرَج عنها في المرحلة الأولى.
صنعاء | استقبلت العاصمة اليمنية صنعاء، أمس، 200 أسير نُقلوا إليها على متن طائرتين تابعتين لـ«اللجنة الدولية للصليب الأحمر»، ليصل عدد الأسرى المُفرَج عنهم إلى 671، 70% منهم من أسرى الجيش واللجان الشعبية و30% منهم مختطفون ومعتقلون من قِبَل قوى العدوان ولا علاقة لهم بملفّ أسرى الحرب.
وفي المقابل، أفرجت حكومة صنعاء، في المجمل، عن 352 أسيراً من القوات الموالية للرئيس المنتهية ولايته عبد ربه منصور هادي، والميليشيات الموالية للإمارات في الساحل الغربي، وميليشيات «حزب الإصلاح» (إخوان) في محافظة مأرب، لتكتمل بذلك صفقة تبادل الأسرى المتّفق عليها في مشاورات مونترو السويسرية أواخر الشهر الماضي، بنجاح.
نجاح هذه الصفقة ربّما يقود إلى مفاوضات جديدة حول ملف الأسرى برعاية أممية. وفي هذا الإطار، جدّدت صنعاء استعدادها الكامل للمضيّ في تنفيذ «اتفاق استوكهولم» المُوقّع في 13 كانون الأول/ ديسمبر 2018، والذي يشمل الإفراج عن 16 ألف أسير من الطرفين، مُكرّرة دعوتها الأطراف المرتبطة بتحالف العدوان إلى التعامل مع هذا الملفّ تعاملاً إنسانياً بعيداً من التسييس.
وعلى رغم إبلاغ «لجنة شؤون الأسرى»، مكتب المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث، استعدادها لعقد مفاوضات جديدة، إلا أن رئيس اللجنة، عبد القادر المرتضى، أكد، في تصريح صحافي أمس، أنه «حتى الآن لا توجد أيّ صفقة جديدة»، لكنه توقع «توسيع نطاق» الصفقة الأخيرة، لافتاً إلى أن «الأمم المتحدة ستُحدّد مكان الاجتماع المقبل وزمانه».
وأمِل في «أن تتكلّل المساعي الجديدة بالنجاح، وأن تكون الصفقة المقبلة أكبر»، مبدياً «استعدادنا لتقديم كشوفات تتضمّن أسماء جميع الأسرى والمعتقلين، على أن يقوم كلّ طرف باختيار مَن يريد إخراجهم».
في المقابل، أفادت مصادر مقرّبة من حكومة هادي، «الأخبار»، بأن «لجنة شؤون الأسرى» التابعة لتلك الحكومة تلقّت اتصالات مكثّفة من مكتب المبعوث الأممي، تصبّ في مصلحة عقد جولة جديدة من المفاوضات، مشيرة إلى أن «هناك ترتيبات يجريها مكتب غريفيث لعقد هذه الجولة قبل انتهاء العام الجاري» ، على أن «تشمل التفاوض حول الإفراج عن شقيق هادي اللواء ناصر منصور، وقائد المنطقة العسكرية الثالثة الموالية له اللواء فيصل رجب، والقيادي في حزب الإصلاح محمد قحطان، والذين لم تشملهم المرحلة الأولى من الاتفاق، والتي انتهت أمس الجمعة».
من جهتها، أكدت «اللجنة الدولية للصليب الأحمر»، في تغريدة على «تويتر»، إطلاق سراح 1056 أسيراً من الطرفين، نُقلوا عبر خمس طائرات تابعة لها، بالتعاون مع «الهلال الأحمر اليمني» و«الهلال الأحمر السعودي»، مُعبّرة عن «أملها في أن يكون هذا النجاح خطوة أولى… نحو إطلاق سراح المزيد من الأسرى».
تعرّض أسرى الجيش واللجان لتعذيب وحشي في السجون السعودية وتلك التابعة لـ«التحالف»
وكان الأسرى المفرَج عنهم (من طرف القوى التابعة للتحالف) أمس، وعددهم 200 (مقابل 150 أطلقتهم صنعاء)، قابعين في معتقلات ميليشيات موالية للإمارات في الساحل الغربي وفي محافظتَي لحج وعدن، وقد تعرّضوا هناك لأصناف متعدّدة ووحشية من التعذيب النفسي والجسدي، وفق شهاداتهم أثناء وصولهم إلى مطار صنعاء الدولي.
وبالمثل، تحدث مدير مكتب رئاسة الجمهورية في صنعاء، أحمد حامد، عن تعرّض أسرى الجيش واللجان الشعبية لضغوط نفسية وتضليل في ما يتعلّق بالأخبار الميدانية والمستجدات.
وأشار، في كلمة عقب وصول الدفعة الأخيرة أمس إلى مطار صنعاء، إلى أن «قوى العدوان أصرّت على إخراج أسرى لدينا لا صلة لهم بمعايير الصفقة، لكننا قبلنا بذلك حرصاً على إنجاح التبادل»، واعداً بـ«بذل كل المساعي لإنهاء هذا الملف الإنساني الصرف».
وأعلن حامد «تكريم كلّ الأسرى المُفرَج عنهم، من دون استثناء، ومنحهم رعاية خاصة، وصرف مكافآت مالية لكلّ منهم، وتزويج غير المتزوّجين بعرس جماعي، وتبنّي معالجة المرضى والمصابين».
مظاهر التعذيب الذي تعرّض له أسرى الجيش واللجان كانت لافتة أثناء وصول عدد منهم محمولين على الأكتاف، وآخرين معوّقين إعاقة كاملة جرّاء التعذيب في سجون السعودية، وتحديداً في سجن خميس مشيط. يضاف إلى ذلك أن سبعة من الأسرى الذين شملتهم صفقة التبادل عادوا جثامين، بعدما فارقوا الحياة من جرّاء التعذيب في السجون السعودية، وفقاً للطبيب الشرعي.
كما عاد عدد من الأسرى المفرَج عنهم من سجون «الإصلاح» في مأرب مقعَدين، أو مصابين بالفشل الكلوي. ومن المتوقع أن تُصدر «لجنة شؤون الأسرى» في صنعاء، بعد اكتمال الإجراءات الطبية، بياناً تُفنّد فيه أصناف التعذيب الذي تعرّض له الأسرى المفرَج عنهم.