بين الاستيلاء على المؤسسات العسكرية السودانية والارتزاق في اليمن والقيام بإنزال الفوضى العارمة بساحات القتال في الداخل والخارج، قامت مليشيات “الجنجويد” المدعومة من قبل الحكومة السودانية بالكثير من الانتهاكات والجرائم الإنسانية والوحشية بحق سكان إقليم دارفور الأصليين وتُعتبر “الجنجويد” من القبائل العربية الوافدة التي استقرت منذ فترة طويلة في منطقة دارفور السودانية والتي تداخلت وانصهرت مع بعض القبائل الإفريقية كـ”الزغاوة” و”البرتي” وهذه المليشيات الدموية لا تتبنى أي توجه فكري أو سياسي، فهي عبارة عن تنظيم مسلح يعمل لمصلحة القبائل العربية والحكومة السودانية.
وحول هذا السياق أفادت الكثير من وكالات الأنباء العالمية التي انطلقت إلى السودان وشقّت صحراءها الوعرة بأن هذه المليشيات المدعومة من قبل حكومة “البشير”، تسببت في إصابة إقليم دارفور بالمجاعة وانتشار الأوبئة وتشرد مئات الآلاف من السكان ولم تراعِ أهمية الإنسان ولم تعطِ وزناً أو قيمة لمئات الآلاف من السكان الذين لا حول لهم ولا قوة في هذا الإقليم الفقير.
وهنا يقول “محمد آدم إدريس”، أمين تنظيم جيش تحرير السودان: “إن يوم مرور قوات “الجنجويد” على قرية يُعتبر يومها الأخير في الوجود وذلك لأن هذه المليشيات ستقوم بإبادة جماعية لسكان تلك القرية” وتابع: “يُفاجأ أهل القرية بحشود غفيرة تقتحم قريتهم وتبدأ بدخول المنازل، فتقتل وتنهب كل شيء، حتى البطاطين والملابس، ثم تقوم بحرق المنازل المنهوبة”.
من جهته يؤكد “غالب طيفور”، القيادي في الحزب الاتحادي السوداني، بأن هذه المليشيات ارتكبت جرائم دموية في السودان وما حادثة اغتيال طلبة انتفاضة سبتمبر 2013، إلا مثالاً بسيطاً على جرائمهم تلك ولفت إلى أن أبشع جريمة قامت بها تلك المليشيات، هي جريمة مركز اليوناميد “بعثة الاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة في دارفور” في منطقة “خور أبشي” عام 2014، ففي تلك الحادثة شعر أهالي “خور أبشي” بأن قوات “الجنجويد” قد تداهم قراهم ولهذا ذهبوا واحتموا بالمركز الأممي، وبنوا لهم أكواخاً حول المعسكر، معتقدين أن مظلتهم الدولية سوف تحصّنهم ولكن قوات “الجنجويد” قتلت كل الأشخاص الذين كانوا في ذلك المركز بمن فيهم أعضاء البعثة الأممية.
وفي سياق متصل تحدثت العديد من المصادر الإخبارية عن أن قوات “الجنجويد” تمدّدت بسرعة في المشهد السياسي السوداني في أقل من عامين واقترن اسمها بالقوات المسلحة السودانية، وتمتعت بميزات تفوّقت من خلالها على الجيش السوداني، بما في ذلك العتاد العسكري والمرتبات، وتجدر الإشارة هنا إلى أن الحكومة السودانية قامت في العام 2014، بتوحيد جميع فصائل هذه المليشيات وأطلقت عليها “قوات الدعم السريع” وبعد حدوث الكثير من التوترات داخل المنظومة العسكرية السودانية ورفضها بأن تكون تلك المليشيات جزءاً منه، باعتبارها مليشيات فوضوية لا ترتكز على عقيدة قتالية، قامت حكومة “البشير” بتقنين وضعها وأدخلتها تحت المسؤولية المباشرة لجهاز الأمن السوداني مع إيكال مهام إقليمية ودولية لهذه القوات الهمجية التي يدعي النظام السوداني بأنها تنشط حالياً في مكافحة الاتجار بالبشر على الحدود مع ليبيا، لتصبح هذه القوات رقماً صعباً في المعادلة السودانية والإقليمية والدولية معاً.