تقرير: رشيد الحداد
يبدو أن المساعي اليمنية والإقليمية لإحلال السلام في مأرب لم تصمد طويلاً أمام محاولات السعودية استعادة زمام المبادرة في هذه الجبهة.
وهي محاولات حفّزها، على ما يظهر، اتفاق الوكلاء المحلّيين لـ»التحالف» على تنفيذ الشقّ العسكري من «اتفاق الرياض»، الأمر الذي انعكس تصعيداً على الأرض، سرعان ما واجهته صنعاء بتصعيد أكبر
من عدّة محاور عسكرية، عادت المواجهات إلى محيط مدينة مأرب، إذ استغلّت القوات الموالية للرئيس المنتهية ولايته، عبد ربه منصور هادي، التهدئة غير المعلَنة هناك، لإعادة ترتيب صفوفها والاستعداد لتصعيد جديد، فيما واجهت قوات صنعاء تلك الاستعدادات، التي تَمثّلت في إرسال مزيد من التعزيزات إلى ميليشيات حزب «الإصلاح» (الإخوان) في جبهة جبل مراد، وأخرى إلى المخدرة، ومحاولة إشعال جبهة صرواح غرب مأرب، بالتصعيد الكبير، لتستعر المعارك بين الطرفين منذ فجر السبت من ثلاثة محاور في نطاق محيط مدينة مأرب، ومحور رابع في نطاق محافظة الجوف.
وعلى رغم اتّساع رقعة العمليات العسكرية، حَقّقت قوات الجيش واللجان الشعبية مكاسب كبيرة على الأرض.
وبحسب مصدر عسكري في مأرب تَحدّث إلى «الأخبار»، فقد تَمكّنت قوات صنعاء من استكمال السيطرة على مديرية صرواح، وإحراز تقدّم كبير في الجبهة الغربية لمأرب، تَمثّل في السيطرة على خطّ الإمداد الخاص بمعسكر الماس في مدغل غرب مركز المحافظة، بعدما أحكمت سيطرتها على مناطق الجوة والمديد ونبعة وخيوزة شرق مديرية مدغل، وتَمكّنت من السيطرة على مركز الاستخبارات العسكرية في منطقة ساهر غرب مدينة مأرب أيضاً.
وجاءت هذه التطوّرات بعد تصعيد جوي كثيف شهدته جبهات مأرب خلال اليومين الماضيين، حيث شنّت طائرات تحالف العدوان أكثر من 50 غارة، مُحاوِلة وقف تقدّم الجيش واللجان.
وبحسب المصادر العسكرية، فقد قُتل عدد من كبار قيادات قوات هادي في المواجهات الأخيرة، ومنهم مبخوت ناجي كعلان ونجم الدين الشدادي في الجبهة الغربية للمدينة، فيما تَمكّنت قوات صنعاء من السيطرة الكاملة على جبهة المخدرة في صرواح، كما حَقّقت تقدّماً كبيراً في الجبهة الجنوبية، واستطاعت السيطرة على منطقتَي حيد آل أحمد والأوشال، في حين تَقدّمت نحو جبل مراد المطلّ على مدينة مأرب في أعقاب المواجهات التي شهدتها جبهة جبل مراد جنوبي المدينة. وبحسب التوقعات، فإن هذه المعارك، التي تُعدّ الأعنف ويَستخدم فيها الطرفان مختلف أنواع الأسلحة، تتّجه نحو الاستمرار.
وبالتوازي مع تقدّمها في المحورين الغربي والجنوبي لمدينة مأرب، تَقدّمت قوات صنعاء، أيضاً، مساء السبت وفجر الأحد، في الجبهة الشرقية، حيث حَقّقت، بحسب مصادر قبلية، تقدّماً كبيراً على الأرض بعد مواجهات عنيفة استمرّت لأكثر من عشر ساعات.
ووفقاً للمصادر، فقد تَمكّن الجيش واللجان من التقدّم باتجاه العلم من اتجاه النضود، وسيطرا كلياً على ثلُثي الجبهة هناك، والعديد من المواقع في جبهة قناو وقيسين، وتحديداً بالقرب من الخطّ الدولي الرابط بين مدينة مأرب ومنطقة العبر، وصولاً إلى منطقة العلم الأبيض القريبة من قاعدة الرويك العسكرية شرق صافر.
ووفقاً للمعلومات التي حصلت عليها «الأخبار»، فإن «مواجهات الأحد التي شهدتها جبهة العلم أدّت إلى سقوط مناطق مليفوفة والسدّ وأبو شد شرقي النضود شمال مأرب تحت سيطرة الجيش واللجان.
نفّذت قوات صنعاء عمليتين عسكريتين ضدّ أهداف سعودية في غضون يومين
وتزامناً مع هذا التصعيد، نَفّذ سلاح الجو المسيّر والقوة الصاروخية، مساء السبت، عملية مشتركة استهدفت اجتماعاً لقيادات عسكرية سعودية ويمنية في قاعدة الرويك العسكرية.
وجاءت العملية بعد أن نجحت عملية مشتركة مماثلة، فجر السبت، في تدمير غرفة عمليات «التحالف» وأبراج الاتصالات العسكرية في معسكر تداوين الواقع بالقرب من منطقة صافر النفطية.
وفي محافظة الجوف، أحبطت قوات صنعاء محاولة اختراق جديدة لقوات هادي في صحراء اليتمة. وقالت مصادر عسكرية إن الجيش واللجان أحبطا هجوماً باتجاه منطقة الخنجر شرق مديرية خب والشعف، وكَبّدا مُنفّذيه خسائر فادحة في الأرواح، موضحة أن من بين القتلى رئيس عمليات الكتيبة الأولى في «اللواء الأول – حرس حدود»، المُقدّم إبراهيم محسن حاتم.
وتأتي هذه التطوّرات توازياً مع اتفاق حكومة هادي و»المجلس الانتقالي الجنوبي» الموالي للإمارات، في العاصمة السعودية الرياض، الجمعة، على تنفيذ الشق العسكري من «اتفاق الرياض»، والذي ينصّ على نقل قوات «الإصلاح» في أبين وشبوة وحضرموت إلى مأرب والجوف، مقابل إخراج قوات «الانتقالي» في عدن إلى الضالع.
كما تأتي عقب تصعيد الطائرات السعودية غاراتها على عدد من مديريات مأرب، وتعمّد الرياض إفشال المساعي المحلية والإقليمية لإحلال السلام في مأرب.
ولذلك، كان ردّ صنعاء واضحاً باستهداف «مطار أبها الدولي» جنوب السعودية، بعد ساعات من هجوم مماثل استهدف «قاعدة الملك خالد الجوية» في خميس مشيط.
وقال المتحدّث باسم قوات صنعاء، العميد يحيى سريع، في تصريح صحافي أمس، إن سلاح الجو المسيّر قصف مركزاً حسّاساً في «مطار أبها» بطائرة محلّية الصنع من نوع «صماد 3»، في عملية تُعدّ الثانية من نوعها في غضون يومين، ردّاً على التصعيد الجويّ في مأرب والجوف.