استطلاع// عمرو عبدالحميد// وكالة الصحافة اليمنية//
“الغرب يعيش نزعة عدائية قديمة للعالم الإسلامي”.
مواجهة شرسة تخوضها الأمة الإسلامية وفي طليعتها اليمن مع الحضارة الغربية التي تعمل بشكل دؤوب إلى تصدير ثقافتها وترسيخها في أوساط الشعوب الإسلامية، بأساليب مختلفة ومتنوعة تستهدف كل فئات المجتمعات العربية لا سيما خلال الفترة الأخيرة وتصاعد إساءاتها للدين الإسلامي وللنبي محمد صلوات الله عليه وعلى آله ضمن إطار حربها الثقافية والدينية على الأمة.
الهجمات الثقافية التي تستهدف اليوم الأمة، ليست وليدة اللحظة، بل نتاج لمراحل من الصراع التاريخي بمختلف جوانبه “سياسية وعسكرية وثقافية”
حاول الغرب ومن خلال الاستعمار الأوروبي المباشر على الشعوب العربية، فرض ثقافته واستعراض تفوقه العلمي والمادي والحضاري على المنطقة، ما شكل “صدمة” فكرية وثقافية لدى الشعوب العربية التي استنجدت في القرنين التاسع عشر والعشرين بمبادئ وقيم الحضارة الغربية الجديدة للخلاص من حالة “الركود” الثقافي والحضاري وفق ما تتحدث به بعض الأبحاث.
لم يخف بعض المفكرين الغربيين نزعتهم العدائية تجاه العالم الإسلامي ومنهم أستاذ جامعة برنستون “برنارد لويس” والذي كان أول من دون كتب مقالة في مفهوم “صدام الحضارات” عام 1990م، أكد فيها أن القيم الغربية تتعارض مع القيم الإسلامية، ويستحيل التعايش بين الإسلام والغرب وقال عن العرب أنهم أبطال روايات.
فيما المفكر الغربي “فرانسيس فوكوياما” صاحب فكرة وكتاب (نهاية التاريخ 1992م) دعا الرأسمالية الغربية إلى التخلُّص من أصحاب الأفكار والنظريات الأخرى كالإسلام.
في حين ركز الكاتب الغربي “صامويل هنتنجتون” في كتابه (صدام الحضارات 1996م)، على الخطر القادم من الشرق على حد وصفه، خاصة من الحضارتين (الإسلامية والكنفوشية) ويرى أن الأصل في العلاقات بين الحضارات هو الصراع والنزاع.
النظرة الغربية بلا شك ترى الحضارة الإسلامية والعربية خطر ولهذا يجب استمرار خوض الصراع والنزاع معهم.
الإساءة إلى النبي محمد صلوات الله عليه وعلى آله، لا تخلو من صراع الغرب مع العالم الإسلامي وتتبناه قيادات الأنظمة الغربية بكل وضوح مع هذه الإساءات إما من خلال الأفلام أو الرسومات التي تسيء إلى خاتم الأنبياء والمرسلين.
“غاية الهجمات الثقافية الغربية تجريد الشعوب من هوياتها المستقلة”
الإعلامي اليمني “هيثم منصور” تحدث مع وكالة الصحافة اليمنية عن غايات الهجمات الفكرية الغربية ومواجهاتها وقال: يتوجب علينا أن نعرف أولاً أن هذه الحروب الثقافية والفكرية والدينية، هي استراتيجيات استهدافية ابتدأها الغرب منذ وقت طويل تحت عناوين براقة وفضفاضة كالعولمة والتعايش والحداثة والحريات وغيرها، غاياتها تتمثل في تجريد الشعوب من هوياتها المستقلة، وتعميق حالات الاستلاب الذاتي لدى الشعوب والأنظمة لتنبطح لإراداتهم وتخضع لمخططاتهم، فتكون ظلاً لظلٌهم وجُزاءً من مشاريعهم، كما هو حاصل اليوم من مبادرات التطبيع العربية، بين هلالين (الاسلامية) وآخرها الخرطوم التي احتضنت قمة اللاءات العربية الثلاث عقب نكسة حزيران 1967 ضدّ العدو ذاته الذي يبسط له بعض الأعراب اليوم أيديهم ويفرشون له وجوههم ليدوس على جباههم وأفواههم التي قالت له يوماً: لا سلام لا اعتراف لا تفاوض!
تلك المخططات الغربية الأمريكية والصهيونية منها على وجه الخصوص بدأت من خلال تسويق النموذج المتفسخ الذي يقدمه أولئك المستكبرين باعتباره النموذج العصري الحديث للإنسان المثالي في مقابل ما يصِفونه بالنموذج المتخلف المنغلق والمحافظ على موروثاته الأصيلة من منظومة العادات والقيم والتقاليد والأعراف والمُثُل التي تمثل جزءاً أصيلاٍ من معتقدات الشعوب خصوصا تلك القائمة على أساس ديني ثم يأتي الدور الأكثر تأثيراً وفاعلية في طريق إنفاذ هذه المشاريع التدميرية على نموذج “التطرّف” الذي اختلقه وصنعه وغذّاه هؤلاء الأعداء وصنعوا كياناته الوظيفية من الجماعات الدينية التكفيرية بكل تفرعاتها ونماذجها المتناقضة، والتي من أبرز وظائفها تقديم صورة نمطية مشوهة للإسلام كنسق فكري متخلف و منهج عملي ملموس يؤصل للجريمة والعِداء والاعتداء، وذهب هؤلاء الأعداء بكل وسائلهم خصوصاً ترساناتهم الاعلامية و مؤسساتهم الثقافية إلى تعميم هذه الصورة وإسقاطها على جميع المسلمين ومحاكمتهم على أساسها.
وأضاف: لذلك فإن الأوجب أولاً على شعوبنا الاسلامية أن تستفيق وتنهض بمسؤلياتها، وتنفض عن أعينها غبار العمى، وتعود إلى مشروعها الحضاري الإلهي فتمثله أولاً في واقعها العملي بكل منظوماته الأخلاقية والقيمية والعملية، وأن تلفظ منها كل الانحرافات والانحلالات الشاذة، وتقدم نموذجها الحضاري الإسلامي الإنساني في جوهره الإلهي الأنقى والأقدس كرحمة للعالمين، ثم تنطلق لمواجهة تلك الهجمات الهمجية والشرسة.
وتابع بالقول: من جهة المواجهة الاعلامية، فهي تستوجب توجهاً جمعياً واعياً وفاعلاً يتضمن أولاٍ بيان زيف تلك الهجمات والادعاءات، وكشف حقيقة تلك المشاريع الخبيثة وامتداداتها التاريخية، وهي متوفرة ولا يخفيها الأعداء أنفسهم بل يتباهون بها باعتبارها انتصارات ناعمة.
ولفت علينا كإعلاميين إذكاء روح الرفض والاستنكار لدى مجتمعاتنا باستمرار، وعدم السماح لحالات الاستفراغ العاطفي أن تمتص الغضب الشعبي من استهداف عقيدته ومقدساته وكل ما يمثل لنا كأمة مسلمة هويةً إيمانيةً حضارية جامعة.. وهذا يتأتى من خلال آليات عمل جادة تتبنى رسائل موجهة واعية من شأنها أن تستنهض المجتمع و تقوّم انحرافاته و تصحح أفهامه وتصوراتِه المغلوطة، وتواجه كل الثقافات والأفكار الدخيلة عليه.
وبالطبع أن هذا لن يتأدى في مدة وجيزة، لذا فالأمر لا يحتمل التقاعس والتأخير أكثر، فليس لدى شعوبنا الاسلامية اليوم ترف الخيارات أو فسحة من الوقت للتدرّج فيها، بل هو مسارٌ واحد وخيارٌ أوحد هو المواجهة والمواجهة والمواجهة.