استطلاع خاص: وكالة الصحافة اليمنية
في كل أسبوع تفقد عشرات النساء أزواجهن نتيجة العدوان الذي يطحن البلاد، ويبدأن بعيش واحدة من أصعب التجارب التي قد تمر بها امرأة في حياتها.
محافظة صعدة كأن لها العدد الأكبر من الأرامل في اليمن ، حيث خلفت طائرات التحالف على محافظة صعدة، من بين جملة الضحايا .. آلاف الأرامل، ووراء كل أرملة قصة دامية، وعشرات الأيتام، ومأساة إنسانية تبدأ بنسج خيوطها وراء الجدران المظلمة بعيداً عن إحصائيات الضحايا التي تعتمد على معايير مختلفة، نساء فقدن أزواجهن واطفالهن واقاربهن، مأساة تملأ الأفق ووطن يضيع خلف الدخان وضباب قاتم، أبناءه يستشهدون شموخاً وطمعا في العزة والكرامة وأخرين يموتون قهراً بلا ذنب وبدم بارد .
رمان مغطى بالدماء
فاطمة (40عاما) واحدة من آلاف اليمنيات في محافظة صعدة اللواتي أمسين أرامل بعد أن فقدن أزواجهن منذ بدء الحرب على اليمن المستمرة على المحافظة منذ أربع سنوات.
لم تتمالك فاطمة أعصابها وأخذت تصرخ ودموعها تنهمر “لماذا جعلني طيران العدوان أرملة لماذا تركني زوجي ؟ استشهد زوجي وأبنائي الثلاثة ولم يتبق رجل للبيت، ماذا سأفعل يا رب ببناتي الثلاث؟”
وتابعت وهي ترتجف: لقد ذهب بسيارته مع ناصر وجبران ومحمد ليحضر لنا فواكه من المزرعة ولكنهم عادوا أشلاء والرمان مغطى بدمائهم. لم يحملوا لا صواريخ ولا سلاحا، فما هو ذنبهم؟
ولم تتمكن المعزيات في المنزل من تهدئة فاطمة “فالصدمة أكبر من أن يتحملها بشر، كما قالت أم عدي ، إحدى قريبات فاطمة في بيت العزاء الذي يقام في بيت أخ الفقيد في الطلح بصعدة .
ذهب خ. م مع أبنائه الثلاثة إلى مزرعتهم , ولكنهم لم يعودوا بعد أن مزق صاروخ أجسادهم, وباتت زوجته منال مع بناتها الثلاث مفجوعات بلا رجل أو معيل، وانضمت إلى قائمة طويلة من الأرامل تزداد يوما بعد يوم منذ بدء العدوان في 17 أكتوبر /2014م.
تتعددت المآسي
وفي مأساة أخرى، لم تتوقع نداء حمود (20 عاما)، أم لثلاثة أطفال، أن تفقد زوجها واثنين من إخوتها في يوم واحد، وقالت: لقد صعقت بخبر استشهاده، فقدنا 4 من العائلة في يوم واحد، فقد استشهد زوجي عبدالرحمن وابن عمه عابد وشقيقاي محمد ومنير.
وأضافت “كان زوجي يوصيني قبل ان يستشهد بشهر بأبنائنا، وبأمه، وكأنه كان يتوقع الشهادة”..
جثة زوجي وابن عمه عابد عثر عليهما في اليوم الأول من استشهاده، اما شقيقاي فقد عثر عليهما بعد استشهاد زوجي بأسبوع فقط”، وسقط الشهداء الأربعة في بداية العدوان السعودي ، والتي استهدفت إحدى غاراتها مواقعهم في جبهات الحدود .
وتتكفل مؤسسة الشهداء (أنصار الله ) بعائلات شهدائها بصرف راتب شهري لكل عائلة، كما تقيم بيت عزاء له، وتشجع المؤسسة على الزواج وتساعدهم، وفقا لمصادر أنصار الله .
ومن ناحية أخرى، لم تكن تقية يحيى (60 عاما) أوفر حظا فقد فقدت هي الأخرى زوجها وابنها، وأنشأت تقول وهي منهارة “قالوا لي زوجك وابنك استشهدا والله يرحمهما, كما استشهد اثنان من أبنائي قبلهما، ما فائدة الحياة بدون زوجي وابنائي؟
وتضيف “استشهد زوجي وابني زياد في القصف على المستشفى فقد كانا من المارة وأصابتهما الشظايا، وفصلت الجزء العلوي من جسد زوجي عن باقي جسده وأصابت شظية زياد حبيبي في رقبته”.
صدمة حادة
وفي مشهد مؤثر، جلست رقية زوجة “الشهيد أبو بتول “، بين المعزيات تحضن أولادها الثلاثة بتول ونايف و زهراء ، وهي تبكي وتقول: “أين ذهبت يا ابو بتول وتركتني أنا وأولادك؟ وتقول لا أريد شيئا من الدنيا سواك، يا رب صبرني على بعدك وقدرني على تحمل مسؤولية أبنائك.
ولم يستبعد المتخصص النفسي محمد الزبيدي أن تعاني الأرامل في محافظة صعدة من “صدمة حادة لا سيما أن المجتمع بصفة عامة يعاني من عدة صدمات بسبب الحروب الستة السابقة، وكذلك عدوان التحالف، والمرأة ستكون معاناتها مضاعفة.
وأضاف أنه “حينما تصبح الزوجة أرملة تصبح هذه المعاناة مركبة خاصة إذا كان الزوج شهيدا، فقد تحرم الزوجة من الزواج مرة أخرى، لكنه في ظل توجيهات السيد عبدالملك بالزواج بأكثر من واحدة، وتخفيف المهور، ساعد بشكل كبير في تخفيف 60% من إجمالي الأرامل في المحافظة .
ولفت إلى أن الأرملة تكون عرضة للإصابة بالاكتئاب، وأن أزمتها تتفاقم بمرور الوقت ولا سيما في ظل تحملها لمسؤولية أطفال أيتام.