تقرير / زيد المكتمي / وكالة الصحافة اليمنية //
في العام 2019 وصل عدد مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعية، إلى 3,484 مليار مستخدم، بحسب تقرير اعدته منصة “هوت سويت” العالمية المتخصصة، برصد انشطة وسائل التواصل الاجتماعي .
عندما ندقق النضر جيدآ في كيف كانت وسائل الاعلام والثقافة والفن تؤثر على عدد محدود من الجماهير وخلال أوقات معينة وأماكن معينه؛ نجد أن التقدم في مجال الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي خلال الثلاثة العقود الاخيرة، ليس له حدود ولا وقت ولا مكان ولا أطُر عمرية او جغرافية.
في كتاب اصدره كل من “بيتر وارن سينجر” و ” إميرسون بروكينج” وهما خبيران في العلاقات الخارجية، والذي صدر في اكتوبر الماضي، تحت عنوان “شبه الحرب.. تسليح مواقع التواصل الاجتماعي”، تم تناول ملامح الحرب الألكترونية التي حددها “كلاوز فيتر” في كتابه المعنون ” شبكات التواصل الاجتماعي.. الحرب من نوع أخر”، وقد لفت خلاله المؤلف إلى كيفية تحول الإنترنت، ومواقع التواصل الاجتماعي، إلى ساحة حروب في القرن الواجد والعشرين.
حيث اصبحت شبكة الإنترنت تمثل واجدة من ابرز التطورات في العصر الحديث، والتي عملت القوى الدولية على توظيفها، لتحقيق أهداف مهمه وحساسه في مجال الصراع والتنافس الدولي ، فلم تعد تلك القوى الدولية بحاجه الى مهاجمة مركز ثقل العدو ( عقول وهوية وثقافة شعبه ) من خلال عمليات قصف ضخمة وأمكانات عسكرية ، و كل ما تحتاج اليه تلك القوى، هو هاتف ذكي، من أجل استهداف “المشاركين” ، وتحقيق الهدف السياسي والثقافي والنفسي للحرب دون إطلاق رصاصة واحدة، وهو ما يُعد نوعًا جديدًا من الحروب.
في الكتاب يستعرض الباحثان ” سينجر وبروكينج” مراحل و تاريخ منصات وسائل الإعلام الاجتماعي، واستخدامها في الثقافة الشعبية والهوية والصراع الحديث، ويقارنان بينها وبين التطورات التكنولوجية السابقة مثل التلغراف والراديو مع القيام بربط استخدامها بنظرة “كلاوزيفيتز” للحرب.
ومن زاويه عامة يضع الباحثان إطارًا لفهم ألية قيام وسائل الإعلام الاجتماعية ببلورت و تشكيل السياسة والتوجهات العالمية والصراعات المعاصرة من خلال فحص دورها كمنصة لجمع ورصد المعلومات، والاستهداف، والعمليات الإلكترونية، والحرب النفسية، وأنشطة القيادة والتحكم والتأثير .
الحرب السيبرانية بدلاً عن القذائف
حيث يعد وصول الانترنت الى هذا المستوى من التأثير تطورًا مفاجئًا وخطيرًا في الحرب والسياسة الدولية، وبحسب ماقدم المؤلفان فقد غيّرت وسائل التواصل الاجتماعي في ديناميات الصراع ، حيث باتت مكانًا لشن حرب جديدة تستهدف عقول ونفسيات وقلوب الشعوب. ويضيفان أن العديد من الدول القومية وكذلك الفاعلين من غير الدول بدؤوا على حد سواء في استخدام مواقع التواصل الاجتماعي للتلاعب بالتحيزات المعرفية للسكان، وذلك من خلال توظيفها للتأثير على أفكارهم، وتوجهاتهم، واختياراتهم، بل يمكن استخدامها لتجنيد أفراد للقيام بهجمات إرهابية، أو نشر الكراهية والاستياء بين الشعوب المتنافسة، مما قد يؤدي إلى نشوب حرب أو إبادة جماعية. بالاضافه الى إحداث شقاق وانقسام في الأصوات داخل المجتمع والاسرة و البلد الواحد، وتحقيق الهدف النفسي والمعنوي و السياسي للحرب دون خسائر تُذكر.
خلال هذا التسارع في هذا المجال؛ قدمت شبكات الإنترنت قدرة للحكومات و طرقًا جديدة للسيطرة على شعوبها من جهه، وتحقيق الانتشار العالمي من خلال قوة “التضليل” من جهه أخرى.
ويضرب الكتاب مثالًا على ذلك بحملة روسيا لقمع و”تسميم” سياسات خصومها المحليين من خلال وسائل الإعلام الاجتماعية، وفي الوقت ذاته تعمل على التأثير على شعوب الدول المنافسة، وبث أفكار الفرقة، وانعدام الثقة، من خلال التلاعب بالحقائق والأحداث والمجريات في الساحة.
ومن حيث التأثير يتنوع الفاعلون المؤثرون في الحرب الجديدة، فبعضهم دول، وفاعلون أخرون هم جماعات واحزاب، أفراد وتنظيمات.
خذ مثلا على مستوى التأثير لدى روسيا: حيث لجأت الاخيره إلى الإنترنت لتعويض نقاط الضعف في قوتها العسكرية، بالاضافه لدعم هذا الجانب العسكري في الوقت نفسه. وتعد وفقًا للمولفان الدولة الأكثر تقدمًا في هذا الشكل الجديد من الحرب وذات نفوذ سياسي. فقد تدخلت في الانتخابات الرئاسية الأمريكية عام 2016، حسب العديد من التقارير الاستخباراتية الأمريكية والغربية، حيث تشير إلى أنها استعانت بمزيج من المعلومات الخاصة وتقنيات التسويق الرقمي الجديدة لإشعال احتجاجات في العالم الحقيقي، وتوجيه العديد من دورات الأخبار الأمريكية، والتأثير على الناخبين. ويزعم المولفان أن روسيا تمكنت من التسلل إلى المجتمع الأمريكي بشكل كامل من خلال استخدام وسائل الإنترنت فقط.
قدم الكتاب بعض النقاط حول تعامل مع هذه الحرب الجديده بدايتا من الحكومات يرى المولفان أن الخطوة الأولى بالنسبة للحكومات للحد من آثار هذه الحروب الجديدة تتمثل في إدراك أهمية وخطورة المعركة الجديدة، وأخذها على محمل الجد. فمثلما تم الاعتراف بتهديدات الحرب السيبرانية ومن ثم تنظيمها وإعدادها خلال العقدين الماضيين، كذلك يجب معالجة هذه الجبهة الجديدة للحرب.
الصين ومعركة الدفاع عن الهوية
جاءت الصين كابرز الدول التي تهتم بهذه الحرب في مجال الدفاع والهجوم، فالصينيون حريصون على المحافظة على النظام القيمي للمجتمع الصيني، معتبرة أن المواقع مثل فيسبوك وتويتر من وجهة نظرهم تخترق ذلك النظام القيمي الذي هم في أشد الحرص عليه، كما تعمل الصين على حجب المواقع الغربية التي تهدد ثقافة الصينيين.
فالنظام الصيني يعتبر نفسه مسؤول أخلاقياً عن حماية مواطينها من التعرض للغزو الثقافي الغربي ومحو هويته ، مع وجود عوامل أخرى ، من بينها إغلاق الباب أمام محاولة الدول المعاديه لاستخدام هذه المواقع في إثارة الاضطرابات السياسية ضد الدولة الصينية.
فقد قامت الحكومة الصينية ببناء مشروع يسمى بجدار نار الصين العظيم أو مايعرف رسمياً باسم مشروع الغطاء الذهبي ، ويعتبر هذا المشروع أهم و أكثر المشاريع التقنية لمراقبة لإنترنت وحجب المواقع الغير مرغوب بها داخل الصين .
فدولة الصين ترى أهمية كبيرة في عدم ترك معلومات أفرادها الشخصية بين أيد خارجية قد تعمل بيوم من الأيام على استغلال هذه المعلومات، ما يعد من المقومات الهامة للحفاظ على الأمن القومي.
منذ سنوات حصلت أزمة بين «جوجل» وبين الصين، وتبادل الطرفان الاتهامات التي اتخذت طابعًا سياسيًا، التي ما فتئت أن تهدأ إلا بعد توافق الطرفين على نقل خدمة محرك «جوجل» إلى هونج كونج ، حيث يتم توجيهك إليه مباشرة إذا ما حاولت فتح الموقع في الصين.
لكن قبل أن تعمل الحكومة الصينية على حجب تلك المواقع المعروفة مثل فيسبوك، توفر الصين لمواطنيها مواقع إلكترونية بديلة عديدة، معتمدة في ذلك على العدد الهائل من المستخدمين الصينيين، الذين استطاعوا بأعدادهم الهائلة إدخال هذه المواقع والبرامج والتطبيقات في منافسة شرسة مع مثيلاتها التي تقدمها شركات أجنبية.
هنا نجد أن هذا الجانب من الحروب أصبح يتقدم بشكل كبير ويفوق كل التصورات وصولآ الى القدره والتحكم الكبير في جماهير وشعوب العالم ويتسارع في التصاعد بالعوده الى آخر إحصائيات لعام 2019
الفيسبوك
يحتل “الفيسبوك” المرتبة الأولى في الاستخدام، وعدد زواره في الوطن العربي يصل إلى 2.4 مليار شهريا بمعدل 1.6 مليار مستخدم يوميًا بحد أدنى 58 دقيقة لكل فرد على مدار اليوم.
اليوتيوب
يصل إلى أكثر 1.9 مليار مستخدم شهريًا وبمعدل 149 مليون مستخدم نشط في اليوم، ومتوسط 40 دقيقة مشاهدة خلال 24ساعه.
نسيتجرام
وصل إنستجرام إلى مضاعفة متابعيه ليصلوا إلى أكثر من 166 مليار زائر يوميًا بحد أدنى 10 دقائق
باليوم.
تويتر
رغم شهرته بالمنطقة العربية وخاصة في السعودية، إلا أنه يشغل المرتبة الرابعة بالسعودية بعدد مستخدميه البالغ عددهم 18.96 مليون مستخدم بنسبة 56% بالمملكة خاصة وبمعدل 45% بالوطن العربي.