تقرير//وكالة الصحافة اليمنية//
انتقدت وزارة الخارجية العراقية، الأربعاء الماضي، قرارا للرئيس الأمريكي دونالد ترامب بإصدار عفو عام عن محكومين أمريكيين من شركة “بلاك ووتر”، مدانين بقتل 14 عراقيا بينهم أطفال في بغداد وجرح آخرين عام 2007، فيما عرف باسم ” مجزرة ساحة النسور”.
وحثت الخارجية العراقية، الحكومة الأمريكية على إعادة النظر في قرار العفو عن حراس بلاكووتر الأربعة السابقين، قائلة في بيان لها الأربعاء الماضي، أن هذه الخطوة تتعارض مع التزام الإدارة الأمريكية المعلن بقيم حقوق الإنسان والعدالة وحكم القانون.
وجاء قرار العفو الأمريكي، بعدما حكمت الولايات المتحدة بأحكام مشددة على عناصر “بلاك ووتر” المدانة بارتكاب “مجزرة ساحة النسور” في بغداد، بدأت بتخفيف الأحكام خطوة خطوة إلى أن عفا ترامب عنهم الآن، ليجد استنكارا وانتقادات عراقية لتلك الخطوة.
ذكريات مؤلمة
لا زال العراقي حيدر أحمد ربيعي يتذكر كيف فتح حراس الشركة الأمنية الأمريكية المتعاقدة بلاك ووتر النار بالرشاشات وقاذفات القنابل صوب 31 مدنيا عراقيا قبل 13 عاما لترديهم ما بين قتيل وجريح.
الربيعي الذي لا يزال يحمل بعض تلك الرصاصات في ساقيه كان أحد الناجين وضمن أفراد عائلات الضحايا الذين سافروا إلى أمريكا عام 2014 للإدلاء بشهادتهم في محاكمة أربعة من حراس بلاكووتر هؤلاء، حيث قيل له إن الأدلة على إصابته وروايته عن ذلك اليوم المميت، يمكن أن تساعد في تحقيق العدالة.
حيدر قال لوسائل الإعلام في بغداد أنه ذهب إلى أمريكا ورأى القتلة يخرجون أحرارا وهم يرتدون بدلات، مبيناً أن محاكمة أولئك المجرمين كانت مجرد مسرحية بعد عفو الرئيس ترامب الأسبوع الماضي عن الأربعة المتعاقدين الأمنيين السابقين في شركة بلاك ووتر، الذين أدينوا في عام 2014 فيما قررت محكمة أمريكية أنه إطلاق نار دون مبرر في ساحة النسور.
جرائم تمر بلا عقاب
وسلطت عمليات القتل الضوء على كيفية تصرف متعاقدي الأمن الأمريكيين المدججين بالسلاح دون عقاب بعد الغزو الأمريكي للعراق، مما أغضب المسؤولين العراقيين الذين لم يجد تحقيقهم أي دليل يدعم مزاعم بلاك ووتر بأن القافلة تعرضت لإطلاق النار أولا.
وكانت هذه هي المرة الأولى التي بدأ فيها العديد من الأمريكيين التعرف على الدور المتزايد الذي تقوم به شركة بلاك ووتر، التي أسسها إريك برينس، العضو السابق في البحرية الأمريكية والحليف المستقبلي للرئيس ترامب، الذي يجني المليارات من الدولارات من تلك العقود، بينما تراكمت التهم على الشركة بارتكاب انتهاكات مع القليل من العواقب.
وأدى رد الفعل العنيف على عمليات القتل دورا في المساعدة بتسريع انسحاب القوات الأمريكية من العراق عام 2011، بعد أن رفض القادة السياسيون العراقيون المطالب الأمريكية بمنح حصانة للقوات الأمريكية.
قلق دولي
ويعد التحقيق الأكثر صعوبة من الناحية اللوجيستية والقانونية في تاريخ وزارة العدل الحديثة، وفقا لمسؤولين سابقين في الوزارة عملوا مباشرة في القضية.
وكان مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان قد أعرب عن قلقه البالغ إزاء العفو الرئاسي الأميركي الأخير عن أربعة حراس أمن من الشركة العسكرية الخاصة “بلاك ووتر” الذين أدينوا بقتل 14 مدنياً عراقياً.
وقال بيان باسم المكتب إن هذا العفو يساهم في الإفلات من العقاب، ويؤدي إلى تشجيع الآخرين على ارتكاب مثل هذه الجرائم في المستقبل.
وأضاف البيان، “من خلال التحقيق في هذه الجرائم واستكمال الإجراءات القانونية، امتثلت الولايات المتحدة لالتزاماتها بموجب القانون الدولي. كما يحق لضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والانتهاكات الجسيمة للقانون الإنساني الدولي الحصول على تعويض، وهذا يشمل الحق في رؤية الجناة يقضون عقوبات تتناسب مع خطورة سلوكهم”.
ودعا البيان الولايات المتحدة إلى تجديد التزامها بمكافحة الإفلات من العقاب على الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والانتهاكات الجسيمة للقانون الإنساني الدولي، وكذلك الوفاء بالتزاماتها لضمان المساءلة عن هذه الجرائم.
يأتي ذلك بعدما أصدر ترامب الثلاثاء الماضي، قرار عفوٍ رئاسي يشمل 15 شخصاً، وقراراً آخر بتخفيف الأحكام الصادرة بحق خمسة آخرين. وشملت قائمة العفو 4 حراس أمن عملوا لصالح شركة “بلاك ووتر”، متهمين بقتل أكثر من 10 مدنيين عراقيين عام 2007 في دائرة مرور بغداد في ذروة الحرب على العراق.