متابعات | وكالة الصحافة اليمنية //
تقرير: رشيد الحداد
تراقب صنعاء، بازدراء، استماتة الرياض في الإبقاء على القرار الأميركي تصنيف «أنصار الله» «جماعة إرهابية»، مؤكدة، في مقابل ذلك، أن سياسة التجويع لن تفلح في تحقيق ما عجزت آلة القتل عن إنجازه.
لم تكن صنعاء صاحبة الطلقة الأولى في هذه الحرب التي تشارف على دخول عامها السادس. لكنها، وهي التي تَمكّنت من تغيير المعادلة العسكرية برّاً وجوّاً وحقّقت توازن ردع فاق كلّ تصورات الرياض خلال السنوات الماضية في دفاع مشروع عن النفس كفلته القوانين الدولية للشعوب المعتدى عليها، تملك زمام المبادرة، ليس في اختيار الأهداف واستهدافها في الوقت والمكان المناسبين فحسب، وإنما في الإعلان عن عملياتها المنفَّذة والسلاح المستخدم فيها إن كان الهدف داخلياً أو خارجياً.
في هذا السياق، تؤكّد مصادر عسكرية في حكومة «الإنقاذ»، لـ»الأخبار»، أن قوات الجيش و»اللجان الشعبية»، بمختلف تخصّصاتها، لا تجد حرجاً في الإعلان عن كلّ عملياتها التي تستهدف العمق السعودي، وهي أعلنت على لسان متحدّثها العسكري، العميد يحيى سريع، استهداف العمقَين السعودي والإماراتي خلال السنوات الخمس من عمر العدوان بأكثر من 400 صاروخ باليستي.
وتشير المصادر إلى أن العمليات الجوية التي شنّها سلاح الجو اليمني، العام الفائت، ضدّ أهداف سعودية، بلغت 342، 75 منها بصواريخ باليستية و267 بالطيران المُسيَّر.
وتضيف إن معظم تلك العمليات، التي طاولت مطار أبها ومطار الملك خالد الدولي وشركة «أرامكو» في جيزان وجدة وغيرهما، أعلنت صنعاء مسؤوليتها عنها عقب تنفيذها قبل أن يعترف بها الجانب السعودي.
كما لم تمتلك السعودية الجرأة للاعتراف بتعرّضها للعديد من الضربات الجوّية الموجعة خلال العامين الماضيين. ومع ذلك، دأبت، أخيراً، على اتهام حركة «أنصار الله» بالوقوف وراء عدد من الحوادث والعمليات البحرية والجوية لكسب المزيد من التعاطف العالمي، وتحريض الرأي العام الدولي ضدّ صنعاء.
الرياض، التي تَدخّلت كـ»وسيط سلام» في اليمن لأوّل مرة عام 2011، استطاعت، خلال فترة رعايتها لـ»المبادرة الخليجية» ما بين عامَي 2012 و2014، إضعاف الجيش اليمني وتفكيك القوة الصاروخية اليمنية وتعطيل منظومة الدفاع الجوي، ضاربة بذلك كلّ مكامن القوة العسكرية اليمنية، وصولاً إلى تدمير أكثر من 2500 صاروخ «سام 1» و»سام 2» في الساحل الغربي وقاعدة العند.
لحق ذلك إطلاقُ السعودية، عام 2015، العدوان على هذا البلد، والذي فشلت فيه في تحقيق أيّ أهداف على الأرض، ورفضت، على رغم ذلك، الرياض التعاطي بإيجابية مع العديد من مبادرات السلام التي أطلقتها حركة «أنصار الله».
وإلى اليوم، لا تزال تسير على النهج نفسه، والذي انتهى بها أخيراً إلى التحريض على تصنيف الحركة كجماعة «إرهابية»، ومن ثمّ السعي إلى إبقاء القرار قائماً ــــ بعدما أعلنت الولايات المتحدة، السبت الماضي، نيّتها مراجعة القرار ــــ، عن طريق تحميلها صنعاء مسؤولية ضربات جوية ادّعت تعرّضها لها.
دأبت السعودية، أخيراً، على اتّهام «أنصار الله» بالوقوف وراء عدد من العمليات البحرية والجوية
وعلى رغم نفي قوات صنعاء، رسمياً، علاقتها بتلك الضربات التي كان آخرها الثلاثاء الماضي، وإعلان ما تُسمّى «كتائب الحق» مسؤوليّتها عنها وتوعّدها الرياض بالمزيد، وحقيقة تحوّل الأجواء السعودية إلى أجواء مفتوحة أمام أيّ طرف ثالث، إلّا أن الرياض ظلّت مصرّة على اتهام «أنصار الله»، بهدف الحيلولة دون تراجع الخارجية الأميركية عن قرار إدراج «أنصار الله» في قائمة الإرهاب، وخصوصاً بعدما أجّلت وزارة الخزانة الأميركية، الاثنين الماضي، تنفيذ القرار، مُعلِنةً استمرار التعامل مع الحركة من دون أيّ قيود حتى أواخر الشهر المقبل.
وكانت السعودية قد استغلّت الهجوم الذي استهدف مطار عدن أثناء عودة حكومة الرئيس المنتهية ولايته، عبد ربه منصور هادي، الجديدة، إلى المدينة أواخر الشهر الفائت، كأحد «الأدلّة» التي استندت إليها إدارة الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، في قرارها ضدّ «أنصار الله»، على رغم قيام المملكة، عبر «برنامج إعادة الإعمار» الذي يرأسه سفيرها في اليمن محمد آل جابر، بطمس معالم الجريمة خلال أقلّ من 48 ساعة، ومنعها حكومة هادي من تشكيل أيّ لجنة للتحقيق.
مصدر سياسي في العاصمة صنعاء سخر، في حديث إلى «الأخبار»، من استماتة السعودية في الإبقاء على القرار الأميركي ضدّ «أنصار الله»، لافتاً إلى أن «أحدث الأسلحة الأميركية التي تمّ شراؤها بعشرات المليارات من الدولارات لم تستطع حماية السعودية من غضب الشعب اليمني وردّه المشروع على عدوانها وحصارها»، مضيفاً إنه «كما فشلت القوات الأميركية في جيزان في حماية الرياض خلال السنوات الماضية، فلن تحميها أي قواعد جديدة، ولن يحميها قرار التصنيف الأميركي».
وأشار إلى أن «الشعب اليمني الذي خرج بالملايين في مسيرات مناهضة للقرار الأميركي الاثنين الماضي، فوّض قائد أنصار الله السيد عبد الملك الحوثي الردّ المناسب نيابة عنه كونه المتضرّر من أيّ تداعيات للقرار الأميركي»، متابعاً أنه «كما لم تقف قوات الجيش واللجان الشعبية مكتوفة الأيدي إزاء العدوان والحصار خلال السنوات الماضية، فموقفها ثابت اليوم، وقدراتها الجوية وإمكانياتها أكبر من أيّ وقت مضى».
المصدر: جريدة “الأخبار” اللبنانية.