اليمنيون .. مستهلكون فقراء يتزاحمون على بضائع “تقتلهم”..!
تحقيق خاص// وكالة الصحافة اليمنية// في مجتمع لايزال يعيش صراعاً مريراً مع الأمية منذ عقود من الزمن تكاد تكون ثقافة المستهلك اليمني غير موجودة لعدة اسباب إلا أن اهمها الامية التي تساهم الحروب والنزاعات والازمات الداخلية في بقائها سيدة الموقف منذ سنوات ليست بالقليل. ورغم تمكن جزء من الشعب من التعليم في الفترة الماضية التي […]
تحقيق خاص// وكالة الصحافة اليمنية//
في مجتمع لايزال يعيش صراعاً مريراً مع الأمية منذ عقود من الزمن تكاد تكون ثقافة المستهلك اليمني غير موجودة لعدة اسباب إلا أن اهمها الامية التي تساهم الحروب والنزاعات والازمات الداخلية في بقائها سيدة الموقف منذ سنوات ليست بالقليل.
ورغم تمكن جزء من الشعب من التعليم في الفترة الماضية التي شهدت استقرارا نسبيا إلا أن هذا التعليم لم يرتقي الى الدرجة التي تجعل من المستهلك مثقفا وواعيا ، كما أن انفتاح السوق المحلية أمام البضائع الخارجية لم يواكبه أي عمل تثقيفي ، الى جانب تدني دخل المواطن اليمني الذي جعل منه زبونا مجُرِباً غير منتظم.. بمعنى انه يضطر كل مرة لشراء ماركة مختلفة من نفس البضاعة التي يقوم بشرائها كل مرة بحثا عن سعر أقل في معظم الاحيان او بسبب احتجاب النوع الذي كان يبتاعه سابقا.
ثقافة المواطن الاستهلاكية شبه الغائبة أيضا انعكست على التجار والمستوردين الذين بدورهم يبحثون عن السعر الأقل لكي يضمنوا هامشا اكبر للربح…هذه الثقافة المنعدمة جعلت من السوق اليمني برمته سوقا تجريبيا للبضائع والمنتجات المحلية والأجنبية.
ومع أن هناك قوانين صدرت لتنظيم عملية التبادل التجاري وضمنت للمستهلك حقوقه إلا أنه لم يتلقى التوعية المطلوبة حتى يعرف ما له وما عليه ، ويفرق بين ما ينفعه وما يضره .
ففي المادة 3 من قانون حماية المستهلك رقم 46 الذي صدر في العام 2008م تم تحديد القواعد العامة التي تراعي حماية المستهلك في اليمن وضمان صحة وسلامة السلع والخدمات وجودتها وتأمين شفافية المعاملات الاقتصادية التي يكون المستهلك احد اطرافها، وحماية المستهلك من الغش والإعلان والخداع والحيلولة دون استغلاله والمحافظة على النظام الاقتصادي للمجتمع وضمان التطور الصحي الآمن لاقتصاديات السوق.
قانون للمستهلك
وأشركت المادة الخامسة من القانون المستهلك في مسئولية الحفاظ على صحته وسلامته عند استعماله بشكل ملائم للسلعة أو الخدمة فيما يخص الجودة والنوعية والحصول على البيانات الصحيحة الوافية عن السلعة وكذلك المتطلبات الأساسية لضمان جودة أي سلعة أو خدمة ومطابقتها للمواصفات القياسية بل ومن حق المستهلك التعويض الكامل والمناسب عن الأضرار الناتجة عن استهلاك السلعة أو الانتفاع من الخدمة.
نوتة قوانين
لكن هذا القانون ليس أكثر من رقما في نوتة القوانين التي لا تسهر على تنفيذها وتطبيقها أي جهة حكومية أو خاصة، ولو كنت صاحب متجر لبيع المواد الغذائية مثلاً فلن تجد على مدى سنوات من المستهلكين من يسأل عن السعرات الحرارية الموجودة في صنف ما ، كما لن تلاحظ انشغال الزبائن بقراءة التفاصيل المرفقة في الأصناف التي يبتاعونها بدون بحث أو تحري ، بل يفوتهم أيضاً التأكد من صلاحية المنتج سواءً بقراءة التاريخ المدون على المنتج أو بطرح السؤال على البائع !
احتيال وغش
هذا المستوى الثقافي شبه المنعدم يساعد التجار في أحايين كثيرة على الاحتيال والغش والربح غير المشروع ، فمثلاً عندما تبدأ أسعار صنف معين من منتج ما بالارتفاع وخاصة المواد الغذائية الأساسية والمشتقات النفطية ينزل المواطن باحثاً عن تلك السلعة في محاولة منه لاستباق ” الأزمة ” وذلك بتأمين نفسه وعائلته من البضاعة ، ولأنه ينوي شراء كمية كبيرة من السلعة يجدها التاجر فرصة لرفع السعر شيئاً فشيئاً حتى لا ينتهي اليوم إلا وقد نفذت تلك السلعة من السوق بفعل الشراء العشوائي من قبل المواطن بغرض التخزين من جهة واتجاه التجار الى الامتناع عن بيع السلعة حتى يُجبر المواطن على شراؤها بالسعر الجديد الذي يحدده رعب المواطن نفسه من ” الأزمة ” التي يخوض معها حروب شبه شهرية منذ سنوات .
حملات توعوية
من الواضح بأن المستهلك بحاجة لحملات توعوية كبيرة تتبناها كل أجهزة الدولة المعنية وتشارك فيها منظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص وحتى المثقفين والأكاديميين لكي يحصل المواطن اليمني على الحد الأدنى من الثقافة الاستهلاكية .
محمد ناصر أحمد من أبناء محافظة إب 42 عام يدير سوبر ماركت في العاصمة صنعاء أكد أن هناك ارتفاع ملحوظ بالنسبة للمواطنين الذين يعيدون بعض الاصناف خاصة إذا ما عرفوا بأنها منتج أمريكي، أما عن نسبة المستهلكين الذين يسألون عن السعرات الحرارية والمكونات الغذائية فيقول بأن نسبتهم متدنية جداً لا تتجاوز 1%.
ثقافة متواضعة
علي المحرمي 37 عام من أبناء لحج يدير متجراً في صنعاء قال أن ثقافة المستهلك متواضعة وأنه لا يستطيع تذكر آخر مرة استفسر فيها أي زبون عن معلومات أي من الاصناف التي يبيعها في متجره، ويضيف عن مقاطعة البضائع الامريكية والاسرائيلية أن الحملة بدأت تؤثر بشكل إيجابي على بعض المستهلكين وإن بشكل قليل، لافتاً الى أن قرار المقاطعة بحاجة الى قرار “من فوق” في إشارة منه الى الحكومة.
أما فارس القباطي الذي يعمل بالأجرة في احدى المراكز التجارية الحديثة فيقول بأن المستهلك اليمني مشغول بالبحث عن ثمن السلعة وأنه عندما يأتي لشراء شيء فكل أسئلته تتعلق بالسعر وليس بالمكونات أو تواريخ الانتاج والانتهاء، وينفق مع المحرمي في التأكيد على أن قرار المقاطعة بحاجة لقرار سياسي من أعلى هرم السلطة.
أسئلة لجمعية حماية المستهلك
بدورنا في وكالة الصحافة اليمنية طرحنا بعض الأسئلة على رئيس الجمعية اليمنية لحماية المستهلك الاستاذ فضل مقبل منصور الذي أكد على أن ظاهرة الغش والتقليد التجاري ليست جديدة ولا تخص اليمن لوحدها وأنها ظاهرة عربية وعالمية وقد بلغت قيمة الخسائر للسلع المغشوشة والمقلدة في المنطقة العربية للعام 2017 حوالي 100 مليار دولار، وهذه الأرقام في ظل وجود رقابة مشددة وهيئات معنية واجهزة لمكافحة الغش والتقليد التجاري.
وأضاف رئيس الجمعية اليمنية لحماية المستهلك بأننا في اليمن نعيش في عالم لوحدنا، فالسلع المغشوشة والمقلدة والمهربة والمنتهية تفوق 60% من حجم التجارة المتداولة في البلاد وهذا ليس وفقا لإحصائيات وإنما من خلال الاسواق بالغش بكل شيء والسلع المنتهية تملا الارصفة والمحلات ولا توجد ارقام تحدد حجم الخسائر التي يتعرض لها المستهلك اليمني والاقتصاد جراء الغش والتقليد والتهريب سواء في الغذاء او الدواء او الملابس والالكترونيات او أدوات البناء وكل شيء له علاقة بالمستهلك.
تنبيه الحكومة
ولفت منصور الى أن دور الجمعية يقتصر على تنبيه الحكومة واعلام المواطنين عن السلع المغشوشة والمقلدة التي تقوم الجمعية بالتبليغ عنها ونقل كافة الشكاوي للأجهزة الحكومية المعنية كما يتم جراء الفحوصات لدى المختبرات المختلفة للتأكد من سلامة السلع موضع الشكوى واتخاذ الإجراءات وفقا لقانون حماية المستهلك او القوانين النافذة ، وفي هذا الصدد ستنظم الجمعية مع نهاية هذا الشهر ندوة حول ظاهرة التهريب والغش والتقليد التجاري وستشارك فيها جميع الجهات الحكومية المعنية والقطاع الخاص للوقوف على حجم الظاهرة وكيف يتم الحد منها وهو ما نتطلع الى دور كل الجهات ذات العلاقة.
وبشأن المقاطعة أوضح رئيس الجمعية بأن السلع الامريكية تملأ الاسواق ابتداء من الغذاء حيث يشكل القمح الامريكي ما نسبته 40% من حجم استهلاك اليمن من القمح تقريبا اضافة الى الأدوية والاجهزة الطبية، والسيارات المدنية و العسكرية والأسلحة، والاجهزة الالكترونية والسيارات المستعملة وغيرها من السلع.
وأكد على أن قرار المقاطعة بيد السلطة وليس المواطن، أما المواطن فهو يبحث عن الجودة والسعر المناسب، وأن الحكومة بمقدورها اتخاذ القرار والمنع ولكن لم يتم ذلك لان معظم مستخدمي هذه ا لسلع والمنتجات الامريكية هم “…” !
مكب للنفايات
وأشار منصور الى أن السوق اليمنية اصبحت مكب لنفايات الكثير من السلع المنتهية للدول والتي تدخل عبر المنافذ الرئيسية او تنتهي نتيجة سوء التخزين والنقل وتنزل الاسواق ولا يوجد سلعة بعينها وإنما هناك العديد من السلع سواء كانت غذائية ام دوائية وغيرها ،و ما يتم إتلافه او حجزه ومصادرته لا يمثل 10% من ما هو موجود في السوق نتيجة لضعف الرقابة وقلة الإمكانيات.
واختتم منصور حديثه لوكالة الصحافة اليمنية بالتأكيد على أن هناك سلع تملأ الاسواق اليمنية لا حاجة للمواطن باستهلاكها وهي مواد كمالية ولم يتم منعها او الحد منها واستبدالها بالأدوية والمواد الضرورية التي يحتاجها المستهلكين،
مؤكداً في نفس الوقت على أن البضائع الإسرائيلية لا توجد بالأسواق اليمنية وإنما تدخل إليه باعتبارها بضائع أمريكية أو معاد تصنيعها في بعض الدول العربية وغير العربية.