تقرير: رشيد الحداد
تحت ذريعة تخفيف الضغوط عن مدينة مأرب، استغلّ الإصلاح عمليات التحشيد غير المسبوقة التي تقودها السعودية باتجاه تلك الجبهة، من أجل استكمال مخطّطه العسكري القاضي بطرد حلفاء أبو ظبي من الساحل الغربي وباب المندب
استغلّ حزب «الإصلاح» (إخوان مسلمون) المواجهات العنيفة التي تدور في محيط مدينة مأرب، لتعزيز مكاسبه في محافظات تعز وشبوة وأبين ولحج، بعدما عمل على توظيف تلك المواجهات للتقرُّب من السعودية، واستدعاء تدخُّل تركي رسمي في اليمن.
وكانت تركيا بدأت، منذ قرابة عام، تدخُّلاً غير مباشر في عدد من المحافظات اليمنية، وتحديداً بالقرب من مضيق باب المندب. فإلى جانب قيامها بإنشاء ميليشيات في ريف محافظة تعز يقودها القيادي في «الإصلاح» حمود سعيد المخلافي، أُطلق عليها اسم «الحشد الشعبي»، تمكّنت عبر الحزب نفسه، الذي يقود نائب الرئيس المنتهية ولايته، الجنرال علي محسن الأحمر، جناحه العسكري، من إنشاء محور طور الباحة الواقع في نطاق محافظة لحج.
وعلى رغم معارضة «المجلس الانتقالي الجنوبي»، الموالي للإمارات، لإنشاء ذلك المحور، إلا أن «الإصلاح» مضى في تنفيذ مخطّطه الهادف إلى فرض نفوذه العسكري على محافظة لحج امتداداً إلى غرب مدينة عدن.
وفي الأسابيع الماضية، استثمر «الإصلاح» معركة مأرب، التي تزامن استعارها مع تحسّن العلاقات بين السعودية من جهة وقطر وتركيا من جهة أخرى، ليُفرِغ جميع المعسكرات الواقعة في نطاق محافظة لحج، معتمِداً في ذلك على الضغوط السعودية لتجنيد المقاتلين الجنوبيين (والتي وقف وراء تصاعدها الأسبوع الماضي الجنرال الأحمر).
كما استثمر الانشغال بالمعركة للتصعيد عسكرياً في مديريات ريف تعز القريبة من باب المندب، تمهيداً لتعزيز مكاسبه هناك، في مواجهة الميليشيات الموالية للإمارات في الساحل الغربي.
وبالتزامن مع الحديث عن احتمال انخراط أنقرة في المواجهات الدائرة في مأرب، صعّدت ميليشيات «الإصلاح» هجماتها على عدد من المناطق الواقعة في نطاق مدينة تعز، وأخرى غربي المحافظة.
وفيما عجزت عن تحقيق أيّ تقدُّم داخل المدينة، استطاعت تحقيق اختراقات في مناطق ليس للجيش و»اللجان الشعبية» وجود كبير فيها، وتحديداً في بعض القرى الواقعة في ريف تعز الغربي كمنطقة الكدحة. وتُخطّط ميليشيات «الإصلاح» للسيطرة على مناطق كانت تابعة لـ»كتائب أبو العباس» السلفية الموالية للإمارات غرب تعز، وكذلك للتقدُّم باتجاه الوازعية التي لا تواجد فيها أيّ قوات تابعة لصنعاء، وتندرج تحت سيطرة الميليشيات المنقسمة الولاء بين السعودية (ألوية العمالقة السلفية)، والإمارات (قوات طارق صالح، نجل شقيق الرئيس السابق).
وعلى رغم أن «الإصلاح» برّر تصعيده في جبهات تعز بالتخفيف عن مأرب، إلا أن ميليشياته توغّلت نحو المناطق التي كانت خاضعة لسيطرة الميليشيات الموالية لأبو ظبي في ريف تعز الجنوبي الغربي، حيث اتّجهت نحو منطقة البرح غربي تعز، ونحو مديرية الوازعية، أولى المديريات الخاضعة لسيطرة طارق صالح في ساحل تعز.
ويأتي هذا توازياً مع استكمال ميليشيات «الحشد الشعبي» السيطرة على مواقع ومعسكرات داخل مسرح عمليات «اللواء 35 – مدرع» المنتشر في ريف تعز والمحسوب على الإمارات.
ووفقاً لمصادر محلية، فإن ميليشيات «الإصلاح» عمدت إلى إفراغ اللواء المذكور، الكائن في منطقة التربة غربي تعز، وأقدمت على نقل منتسبيه إلى جبهات قتال معقّدة للتصادُم مع الجيش و»اللجان»، لكونه يُهدّد نفوذها في ريف تعز.
صعّدت ميليشيات «الإصلاح» هجماتها على عدد من المناطق الواقعة في نطاق مدينة تعز
وفي دليل إضافي على كون إشعال جبهات تعز مجرّد ذريعة للتقدُّم نحو باب المندب، وَجّه حمود المخلافي، أمس، إنذاراً أخيراً إلى طارق صالح، الذي رفض «الإصلاح» مشاركة قواته في معارك مأرب.
وبعدما رفض الحزب، أيضاً، نقل مقاتليه من غرب تعز، خشية انقضاض صالح على مناطق استراتيجية وضمّها إلى مسرح نفوذه، عمد إلى التصعيد هناك لتنفيذ مخطط عسكري لا علاقة له بالمواجهات في مأرب.
وقال المخلافي مخاطِباً الميليشيات الموالية للإمارات في الساحل إن أبو ظبي «لن تنفعهم»، في إشارة إلى مُضيّ «الإصلاح» في مخطّط السيطرة على الساحل الغربي وباب المندب وطرد الموالين لأبو ظبي من المضيق الدولي.
وفي الاتجاه نفسه، استغلّ «الإصلاح» اشتداد المواجهات في جبهات مأرب لبسط نفوذه العسكري في محافظة لحج، من خلال فرض محور طور الباحة التابع له في المحافظة، وهو ما يندرج في إطار خطواته المتسارعة لمحاصرة مدينة عدن، والسيطرة على السواحل الجنوبية ومضيق باب المندب.
واستثمر الحزب في الضغوط السعودية على القوات الجنوبية للتوجُّه إلى مأرب، لفرض نفوذ محور طور الباحة، وإخضاع كلّ المعسكرات الجنوبية التي تلقّت منذ أشهر دعماً سعودياً، لسيطرته.
وتَبيّن ذلك الأسبوع الماضي، حين أقدم قائد محور طور الباحة، أبو بكر الجبولي، على توجيه معسكرات جنوبية في لحج بتلبية طلب سعودي بنقل 3000 جندي كتعزيزات عاجلة إلى جبهات مأرب.
وهي توجيهات أثارت سخط الكثير من الجنوبيين، وقوبلت برفض المئات من منتسبي تلك المعسكرات تنفيذ أوامر الجبولي.