تقرير: رشيد الحداد
دشّنت صنعاء العام السابع من «الصمود» بعملية جوّية واسعة استهدفت عدّة مرافق لـ «أرامكو» في وقت واحد.
عملية تنبئ، بحسب مصادر عسكرية، بأن «درّة التاج» السعودي ستكون على رأس قائمة أهداف الجيش و«اللجان الشعبية» هذا العام، حتى كسر الحصار على اليمن
تَحوّلت الذكرى السنوية للعدوان السعودي – الإماراتي على اليمن إلى يوم وطني يُحتفى به شعبياً، ليس تخليداً لذكرى الحرب التي تَسبّبت بتفاقم أوضاع السواد الأعظم من أبناء هذا البلد، بل تعظيماً للتضحيات التي قَدّمها هؤلاء في مختلف الجبهات العسكرية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية.
صنعاء، التي كانت المحطّة الأولى لقصف الطيران السعودي صبيحة الـ26 من آذار/ مارس 2015، صارت اليوم في موقع متقدِّم عسكرياً وسياسياً وأمنياً واقتصادياً، وتَحوّلت في نظر اليمنيين إلى رمز للمقاومة والصمود.
وعلى رغم تعرُّضها لعشرات الآلاف من الغارات الجوية خلال السنوات الفائتة، وإعلان حكومة الرئيس المنتهية ولايته، عبد ربه منصور هادي، نقل العاصمة إلى مدينة عدن منتصف العام الأول من الحرب، لا تزال صنعاء مركز القرار السياسي والعسكري والاقتصادي المقاوِم للعدوان والمواجِه للحصار. وهي حَقّقت، على مدى السنوات الستّ الماضية، نجاحات في مختلف جبهات المواجهة، لتُضحي ندّاً قوياً للرياض.
يوم أمس، ومع دخول الساعات الأولى للذكرى السادسة للحرب، نَفّذت القوة الصاروخية ووحدة الطيران المُسيّر عملية هجومية واسعة ضدّ أهداف عسكرية واقتصادية في العمق السعودي، أكدت تغيُّر المعادلة الجوية خلال سنوات الحرب.
العملية التي أُطلق عليها «عملية اليوم الوطني للصمود»، نُفّذت بواسطة 18 طائرة مسيّرة و8 صواريخ باليستية، واستهدفت مقرّات شركة «أرامكو» في ينبع وجيزان ورأس تنورة، فضلاً عن قاعدة الملك عبد العزيز في الدمام، وفق ما بيّنه المتحدّث باسم الجيش اليمني و«اللجان الشعبية»، العميد يحيى سريع.
وأشار سريع إلى «استهداف مقرّات شركة أرامكو بـ12 طائرة مُسيّرة من نوع صماد 3، و8 صواريخ باليستية من طرازات ذو الفقار وبدر وسعير، واستهداف مواقع عسكرية أخرى في نجران وعسير بـ6 طائرات مُسيّرة من نوع قاصف 2».
ووصفت مصادر عسكرية في صنعاء، في حديث إلى «الأخبار»، عملية الأمس بأنها «بمثابة تدشين عملي موجع للعام الجديد، الذي يواصِل فيه الشعب اليمني معركته ضدّ العدوان من موقع متقدّم عسكرياً».
وقالت المصادر إن العملية «تحمل أكثر من رسالة للسعودية ومَن يقف وراءها بأن صنعاء، ومن موقع القوة وليس الضعف، ستضرب الأهداف المدرَجة في بنك الأهداف اليمني بشكل كامل، وعلى رأس تلك الأهداف شركة أرامكو بمرافقها كافة وخزاناتها الاحتياطية ومصافيها ومضخّات التحويل وحقول النفط التابعة لها من جيزان وحتى الدمام والظهران والغوار»، مؤكدة أن «الضربات الموجعة ستطاول كلّ مصالح السعودية في كلّ المحافظات».
أظهرت مسيرات الأمس اتّساع الحاضنة الشعبية لجبهة المواجهة
هذه الرسائل رافقها دعم شعبي كبير عَبّرت عنه المسيرات الكبرى التي شهدتها، أمس، صنعاء والمحافظات الواقعة تحت سيطرة حكومة الإنقاذ. إذ أعلن عشرات الآلاف من اليمنيين، من ميدان مطار صنعاء المُغلَق لأكثر من خمس سنوات من قِبَل التحالف السعودي – الإماراتي، تأييدهم المضيّ في المعركة الدفاعية حتى إخراج الاحتلال الأجنبي، وهزْم ميليشياته.
ورفَض البيان الصادر عن مسيرة صنعاء، رفْضاً مطلقاً، «إخضاع مظلومية الشعب اليمني للمقايضة السياسية أو العسكرية، مقابل استحقاقات إنسانية كالحصول على الوقود والدواء والغذاء»، مهيباً بالقوات المسلّحة «الردّ بالمثل واستهداف مطارات دول العدوان وموانئها، في ظلّ استمرار إغلاق مطار صنعاء الدولي وتعطيل ميناء الحديدة».
وكشفت هذه المسيرات، التي شارك فيها الآلاف من العسكريين والمدنيين الذين كانوا في صفوف قوات هادي وسلطته طيلة السنوات الماضية، اتّساع الجبهة الشعبية الوطنية المناهِضة العدوان، والتي حاول «التحالف» تفكيكها عشرات المرات، بافتعال مشاكل داخلية أبرزها تلك التي سبقت مقتل الرئيس السابق، علي عبد الله صالح، أواخر عام 2017.
وكان زعيم حركة «أنصار الله»، السيد عبد الملك الحوثي، أكد، في خطاب عشية الذكرى السادسة للعدوان أول من أمس، تلقّي الحركة «عروضاً أميركية وسعودية خلال الأيام الماضية، حاولت مقايضة الملف الإنساني باتفاقيات عسكرية وسياسية»،
قائلاً: «(إننا) لا يمكن أن نوافق على ذلك». واشترط «وقف العدوان بشكل كامل، ورفع الحصار من دون أيّ استثناءات في الشمال والجنوب، وإقرار حق اليمن في التعويض عن كلّ ما دمره العدوان خلال السنوات الماضية وعن أضرار وتداعيات الحصار وفق القانون الدولي، وسحب القوات الغازية والمحتلة كافة من أراضي البلاد كافة، كضرورة للسلام».
المصدر: جريدة “الأخبار” اللبنانية.