متابعات/ وكالة الصحافة اليمنية//
تتآمر الإمارات مع إسرائيل لتدشين بدائل لمنافسة قناة السويس المصرية بموجب اتفاق إشهار التطبيع الثنائي بين أبو ظبي وتل أبيب.
وتتعاون الإمارات مع إسرائيل عبر خطوات ممنهجة لتقليص دور قناة السويس والمس بمكانتها كممر مائي حيوي لمصر
وفي عام 2015، كشف صحيفة “جيروزيلم بوست العبرية ” عن مشروع إسرائيلي باسم “قناة سويس إسرائيلية”، يقضي بتحويل إيلات إلى مركز للنقل من البحر الأحمر إلى المتوسط.
ويتضمن المشروع نقل المواد الصلبة عبر سكة حديد يربط إيلات بميناء اسدود والمواد السائلة عبر أنبوب “ايلات عسقلان”.
وسمح اتفاق إشهار التطبيع مع الإمارات لإسرائيل في آب 2020 ببدء تنفيذ مشروع “قناة السويس الإسرائيلية”.
إذ وقعت الإمارات وإسرائيل على اتفاق لنقل النفط الإماراتي عبر ميناء “إيلات” إلى “البحر المتوسط” عبر أنبوب “ايلات عسقلان”.
وحتى يكون ميناء ايلات قادرا على استقبال السفن الكبيرة، كان يجب تحويله إلى ميناء عميق.
وحسب آفي سمحون مستشار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو فإن الإمارات ستمول مشروع تحويل إيلات إلى ميناء مياه عميقة، وهذا الميناء سيهدد موانئ مصر على القناة وميناء العقبة.
وقد اشترت شركة “موانئ دبي” ثلث أسهم ميناء حيفا، حيث سيستثمر المال الإماراتي في تطوير الميناء لتحسين قدرته الاستيعابية.
وصرح سلطان بن سويلم، مدير “موانئ دبي” صحيفة “كلكلست”، أن الاستثمار الإماراتي سيحسن من قدرة إسرائيل على المس بقناة السويس.
وتعوِّل إسرائيل كثيراً على هذا الخط الناقل الجديد للنفط إيلات-عسقلان، لأنه قد يغير قواعد اللعبة في الشرق الأوسط.
ويحمل مشروع خط النقل النفطي الجديد العديد من المؤشرات اللافتة للتطبيع الخليجي الإسرائيلي، ويفتح أمام إسرائيل شراكة استراتيجية، وفرصاً غير مسبوقة.
ومنها تقصير مدة نقل النفط من السعودية ودول الخليج في طريقه لأوروبا والغرب، والانفتاح على إسرائيل ودول الخليج كمصدر لاستيراد النفط وتخزينه.
وسيجعل إسرائيل ملجأ آمناً للدول المطبعة معها، لأنها ستكون أقل ضعفاً أمام إيران لتراجع اعتمادها الكبير على مضيق هرمز، المتأثر بالتوتر الخليجي الإيراني، واستمرار حرب اليمن، والصراع الأمريكي الإيراني في الخليج.
ويقول نصر عبدالكريم أستاذ الاقتصاد بالجامعة العربية الأمريكية، إن هذا التوجه الإسرائيلي يفوق الجوانب الاقتصادية ليصبح ذا أبعاد استراتيجية، فإسرائيل تسعى لإعادة التموضع في المنطقة، بما يحقق لها المميزات والمكاسب على المدى الطويل.
وأوضح أن إعادة تشغيل خط النقل النفطي إيلات-عسقلان تمنح تل أبيب النفوذ السياسي والسيطرة على موارد الغاز ومياه شرق المتوسط، وخطوط النقل والمواصلات والاتصالات، مما يؤهلها لوضع نفسها في مكان مميز على خريطة المنطقة.
وذكر أن إسرائيل الأكثر استفادة من الناحية الجيو-سياسية، لأن الخط يمنحها موطئ قدم عسكري أمني في المنطقة، ويعمق مصالحها مع باقي الأطراف.
ولأنه يتطلب توفير احتياجات أمنية لتوفير سلامة النقل، وما يشمله من إجراءات الحراسة والحماية، فهو يحقق المزيد من المصالح الأمنية لإسرائيل في المنطقة والعالم.
ويقول عواد أبوعواد، الباحث بمركز القدس للدراسات الإسرائيلية إن خط النقل النفطي إيلات-عسقلان يحقق لإسرائيل أرباحاً بقيمة 3 مليارات في العام الأول، و10 مليارات أخرى بعد 7 سنوات على تشغيله.
ويرتبط هذا الخط بما أعلنه سابقاً وزير المواصلات السابق يسرائيل كاتس حول تشغيل خط السكة الحديد لربط حيفا والإمارات، لنقل البضائع الخليجية عن طريق البر.
بحيث يكون أسرع وأقصر، ويوفر لها سرعة الوصول، مما سيرفع حجم التبادل التجاري الإسرائيلي الخليجي بعد مرور 10 سنوات إلى 30 مليار دولار، مما يعني ثلث قيمة التجارة الخارجية الإسرائيلية.
وأضاف أنه مقابل هذه المكاسب الإسرائيلية، ستصل الخسائر المصرية للمليارات، وإيران ستتضرر كثيراً، مما قد يُحدث نوعاً من الاحتكاك الحربي لمنع الوصول لمرحلة تفقد فيها إيران قدرتها على إدخال الأموال عبر مضائقها الاستراتيجية.
وذلك رغم المخاوف الإسرائيلية من عدم نجاح هذا المشروع لارتباطه بتركيا، التي تتخذ موقفاً سلبياً منه.
دفع الحديث الإسرائيلي عن هذا الخط وكالة أنباء “فارس” الإيرانية لعنونة مقالها “خط أنابيب النفط إيلات-عسقلان ليس آمناً من هجمات المقاومة” الفلسطينية.
وأوضح عبدالكريم أن هذا الخط يعني أن تفقد قناة السويس بريقها، ويؤذي مصر ومركزها الاستراتيجي، بجانب مضيق هرمز الذي يمر منه 40% من النفط العربي.
ويعتبر خط النقل النفطي الجديد إيلات-عسقلان تحدياً كبيراً لقناة السويس المصرية، التي يمر منها 10% من حجم التجارة العالمية.
وتخطط مصر لزيادة هذه السعة إلى 12% بحلول 2023، مما سيترك عليها آثاراً سلبية لهذه الشراكة الاقتصادية بين الإمارات وإسرائيل.
لأن هذا الخط الملاحي الإسرائيلي يُعنى بنقل النفط من الخليج لأوروبا، دون المرور بقناة السويس، التي تأتي 17% من عائداتها من ناقلات النفط، وهي أحد المصادر الرئيسية للعملة الأجنبية لمصر، وأقصر وأسرع ممر مائي.
يتمثل التحدي الحقيقي لقناة السويس من خط النقل النفطي الإسرائيلي في التراجع المتوقع لحركتها التجارية البحرية، التي زادت بنسبة 4.7% لتصل إلى 9545 سفينة في النصف الأول من 2020.
وذلك مقابل 9114 سفينة مرت عبرها في نفس الفترة من 2019، وزيادة حجم البضائع بنسبة 0.6% في النصف الأول من 2020، ليصل إجماليها إلى 587.6 مليون طن، مقابل 584.1 مليون طن في نفس الفترة من 2019.
ويقول محمد أبوجياب رئيس تحرير صحيفة “الاقتصادية”، إن خط النقل النفطي إيلات-عسقلان يعني أن إسرائيل تعيد صياغة علاقاتها الاستراتيجية القائمة على الارتباط المصلحي طويل الأمد مع الدول العربية المطبِّعة معها.
“فهذا الخط قادر على نقل 55 مليون طن من البترول، وإشعال نار المنافسة مع قناة السويس، التي تستحوذ على 51% من كميات النفط التي تعبر القناة، وتقدر بـ107 ملايين طن”.
وأضاف أن “انعكاسات تشغيل خط النقل الإسرائيلي لن تقتصر على الإضرار بالاقتصاد والأمن المصري فقط”.
“بل سيحوّل مصير الخليج الاقتصادي المتمثل بالنفط ليكون واحدة من أدوات الابتزاز الإسرائيلي على المستوى الاستراتيجي، بتمكنها من التحكم في نقل النفط وبيعه وفقاً لشروطها وتوجهاتها السياسية والأمنية والاقتصادية”.
كما سيقضي على آمال مصر بتطوير إيراداتها، والحفاظ عليها عبر عائدات القناة، التي تشكل الناقل الرئيسي للنفط من الخليج عبر البحر الأحمر، مروراً بالقناة إلى البحر المتوسط، وصولاً لأوروبا.