كشفت منظمة العفو الدولية عن ظروف معيشية مزرية تواجهها العاملات الأجنبيات في السعودية، حيث اتهمت سلطات المملكة باحتجاز العشرات منهن لشهور طويلة.
وأكدت المنظمة الحقوقية البارزة في بيان صحفي، أن النساء المحتجزات يقبعن في المركز مع أطفالهن، وبعضهن حوامل.
ونقلت عن إحدى النساء هناك قولها بأن غرفة الاحتجاز صغيرة، وأن النساء يتشاجرن أحيانا بسبب ضيق المساحة.
وأضافت المنظمة إن هنالك من تحتاج منهن إلى الرعاية الطبية، ولا تقدم لهن السلطات أي دعم قانوني، ولا يعرفن سبب أو مدة الاحتجاز.
انتهاكات جمة
وبحسب المنظمة، تعاني عاملات المنازل الأجنبيات في السعودية، على نحوٍ اعتيادي، من الانتهاكات الناجمة عن نظام الكفالة.
ويأتي أقل من نصفهنّ غالباً من دول جنوب آسيا، ويعملن في منازل خاصة ويقمن بالطهي والتنظيف ورعاية الأطفال.
وبحسب الإفادات التي حصلت عليها منظمة العفو الدولية، غالباً ما تواجه هؤلاء النساء ظروف عمل مرهقة، ويعملن لساعاتٍ طويلةٍ من دون فترات راحةٍ أو أيام إجازة.
وواجه العديد من العاملات الأجنبيات عدم انتظام في الدفع أو عدم دفع أجورهن المتفق عليها.
كما أنهن يواجهن الإساءة اللفظية والبدنية، ومصادرة جوازات سفرهن من قبل أصحاب العمل المسيئين الذين يستمرون بالإفلات من العقاب.
ولا يُسمح لهؤلاء النساء بمغادرة المملكة من دون إذنٍ من أصحاب العمل، ما يجعلهن معتمداتٍ عليهم بشكل كبير، ويزيد من تعرّضهن لانتهاكات حقوقهن.
بما في ذلك العمل القسري، والاعتداء البدني والجنسي.
غياب الحماية القانونية
وتصبح العاملة المنزلية في السعودية غير نظامية بمجرد ترك منزل رب العمل، كما ينص القانون السعودي.
وتقول المنظمة إن أكثر من 3 ملايين وافد إلى السعودية ليسوا محميين من قوانين العمل المحلية.
وقالت لين معلوف، نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية: “إن احتجاز العاملات الأجنبيات لفترات طويلة، تصل إلى 18 شهراً.
بينما لم يرتكبن أي جرم، بل كنّ أنفسهنّ الضحايا، لأمر قاس وغير إنساني”.
نظام كفالة مسيء
وتابعت معلوف: “هؤلاء النساء تركن منازلهن وعائلاتهن وراءهن لكسب لقمة عيشهن في السعودية، ليجدنَ أنفسهن عالقات في براثن نظام الكفالة المسيء الذي يسهّل الاستغلال وسوء المعاملة.
فها هنّ محتجزاتٌ الآن إلى أجل غير مسمى من دون أي فرصةٍ للطعن في شرعية احتجازهن، وما من إشارةٍ إلى موعدٍ ممكنٍ للمّ شملهنّ مع أحبائهن”.
وأجرت “العفو الدولية” مقابلات مع 11 شخصاً على درايةٍ وثيقةٍ بعمليات الاحتجاز، بما فيهم عاملات منازل أجنبيات، وناشط ومسؤول من السفارة السريلانكية في الرياض.
امتهان الكرامة
وفي خمس حالات على الأقل، احتُجزت النساء لأنهن هربن من صاحب عمل مسيء، ولم يحصلن على تصريح خروج من صاحب عملهن لمغادرة البلاد.
وقالت إحدى النساء اللاتي ينتظرن العودة إلى بلادهن، إنها تركت وظيفتها كعاملة منزل في أكتوبر/ تشرين الأول 2020 بعد شهورٍ من تلقي أجورها على نحوٍ غير منتظمٍ.
مذ بدأت العمل لأول مرة في السعودية في منتصف عام 2018، ما تركها مفلسةً إلى حدٍ كبيرٍ مقارنةً بالعمل الذي أنجزته.
وقد عمد صاحب عملها إلى اقتطاع كلفة أدوات النظافة من راتبها. وعندما استقالت، أعطاها بعض المال لابتياع تذكرة طيران، ثم تركها في الشارع بالقرب من المطار لتجد طريقها للعودة إلى سريلانكا.
عندها، تم تسليمها إلى الشرطة من قبل مسؤولي المطار، بعدما احتُجزت لدى محاولتها شراء تذكرة طيران من دون امتلاكها تصريح خروج.
زيارات غير منتظمة
وراسلت المنظمة الدولية السلطات السريلانكية والسعودية للمطالبة بتسريع إطلاق سراح النساء المحتجزات وإعادتهن إلى بلادهن.
وقال مسؤول سريلانكي في السفارة في الرياض، إن فريق السفارة غير قادر على زيارة النساء بشكلٍ روتيني بسبب المسائل المتعلقة بالإمكانيات والحاجة إلى تقديم طلب محدد.
وذكر المسؤول أن السفارة ووزارة الخارجية السريلانكيتين على اتصالٍ مع “الخطوط السعودية” في كولومبو لترتيب رحلة إعادة النساء إلى الوطن. ولم تتلق منظمة العفو الدولية بعد رداً من السلطات السعودية.