يصمت العالم وتدوي كلمات طفل صغير ملتصق بجثمان والده في جوف الليل، يحدث في اليمن أن تغير الطائرات على بيوت الفقراء المضاءة بمصابيح حفلات الزفاف، فتقتل كل المبتهجين بالعرس وتترك طفلا وحيدا للذكرى، الطائرات في وظيفتها القديمة، تمطر الامنين بالنيران والفولاذ ، والطفل لحزنه الجديد.
كان الطفل يلعب ويجري مالئاً الدنيا مرحاً، عندما ادركه العياء دخل بحثا عن احضان والده الوادعة ونام رغم صخب الاغاني وزحام الحركة في المكان، ولكنه افاق بشكل مفاجئ على دوي يطن في اذنيه الصغيرتين، نظر حوله فلم يجد هناك شيء في مكانه، والسكون المخيف يلف المكان، الجميع مستلقون على الارض، والدم يسيل على الارض التي كانت مسرح للراقصين، عاد الطفل يتشبث بصدر والده الذي كان مستلقيا يلف يداه على رأسه، حاول أن يوقظ والده دون جدوى، فالطفل حتى تلك اللحظة لم يكن يدرك أن والده والموجودين في المكان قد فارقوا الحياة، عاد الطفل مجدداً ليستلقي إلى جوار والده معتقداً أن هذا الاستلقاء على الارض قد يكون طقساً من طقوس الفرح، ظل مستلقياً يفكر في دوي الانفجار الذي لا يزال يسافر في اذنيه.
عندما جاء المسعفون نهض الطفل وقد علته علامات الدهشة من هؤلاء الذين دخلوا يهرعون إلى المكان والذعر يبدو عليهم، أخذ يراقبهم وهم ينقلون الممدين على الأرض بسرعة، وصرخات المنقذين تتقافز من هنا وهناك.. ابحثوا عن احياء .. احمل هذا.. تعال ساعدني في وضع هذا على النقالة.
وعندما اقترب المسعفون من والده احتج الطفل، ومنعهم من حمل والده، حاولوا أن يقنعوه بأن والده قد مات وعليه أن يتركه، لكنه رفض مفارقة والده، أخذ الطفل ينتحب على جثمان الأب القتيل مردداً كلماته الحزينة ( والله ما افكه .. والله ما أفكه) ..كلمات شقة حجاب الصمت في الكون، عابرة في الفضاءات الشاسعة بحثاً عن ضمير حي في العالم.
في مساء الثلاثاء الموافق 22 ابريل، إرتكب طيران التحالف مجزرة أخرى بحق المدنيين في قرية الرقة مديرية بني قيس محافظة حجة، راح ضحيتها (33) شهيداً ، إضافة إلى إصابة (55) اخرين بينهم (33) طفلاً عدد منهم في حالة حرجة ، أثناء احتفال بحفل زفاف يتيمين ، صنعت منه طائرات تحالف الحرب على اليمن بركة للدم.
سبق لطيران التحالف أن قصف تجمعات الافراح، ومخيمات المئاتم، في اطار حرب تستهدف كل مكان تدب فيه الحركة على ارض اليمن.
