نشرت مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية اليوم الخميس تقريرًا عن القضية الفلسطينية وتطورات الحرب مع إسرائيل، وقالت إن الجولة الأخيرة من القتال بين الطرفين انتهت بالطريقة المعتادة، وقف اطلاق النار دون حل للقضايا الأساسية.
وتابع التقرير الذي كتبه استاذ العلاقات الدولية بجامعة هارفارد ستيفين والت إن المعركة قدمت مزيدًا من الأدلة على أن أمريكا يجب ألا تمنح إسرائيل بعد الآن دعمًا اقتصاديًا وعسكريًا ودبلوماسيًا غير مشروط. وأنه بدلاً من علاقة خاصة ، تحتاج الولايات المتحدة وإسرائيل إلى علاقة طبيعية.
ولفت التقرير إلى أن السيطرة الإسرائيلية “سيطرة وحشية” حيث قامت حكومة الاحتلال بتوسيع المستوطنات وحرمت الفلسطينيين من الحقوق السياسة المشروعة وعاملتهم كمواطنين درجة ثانية، واستخدمت القوة العسكرية الإسرائيلية المتفوقة لقتل وترهيب سكان غزة والضفة الغربية ولبنان دون عقاب.
وأوضح التقرير أنه في الماضي كانت إسرائيل تمثل رصيدًا استراتيجيا لأمريكا، فخلال الحرب الباردة كان دعم إسرائيل وسيلة فعالة لكبح النفوذ السوفييتي في الشرق الأوسط لأن جيش إسرائيل كان قوة قتالية أعلى بكثير من القوات المسلحة لعملاء الاتحاد السوفيتي مثل مصر أو سوريا، كما قدمت إسرائيل معلومات استخبارية مفيدة في بعض الأحيان.
ويضيف: إلا أن الدعم غير المشروط لإسرائيل اليوم، يخلق مشاكل لواشنطن أكثر مما يحلها، وعلى الرغم من تدمير إسرائيل لمفاعل نووي سوري ناشئ في2007 أو مساعداتها في تطوير فيروس ستوكسنت الذي أضر مؤقتًا ببعض أجهزة الطرد المركزي الإيرانية ، فإن قيمة ما فعلته أقل بكثير مما كانت عليه خلال الحرب الباردة.
وأشار التقرير إلى أنه ورغم استمرار دعم إسرائيل من قبل أمريكا بأكثر من 3 مليارات دولار كمساعدات عسكرية واقتصادية، إلا أن الاحتلال الإسرائيلي بات غنيًا ويحتل دخل الفرد فيه المرتبة الـ 19 على مستوى العالم.
تناقض الولايات المتحدة
وأوضح التقرير التناقض في أقوال الخارجية الأمريكية التي تدعي فيها استعادة سمعة أمريكا، وأنهم يضعون حقوق الإنسان والديمقراطية في قلب سياستهم الخارجية، فيما على أرض الواقع استخدمت الولايات المتحدة حق النقض ضد ثلاث جهات منفصلة تابعة للأمم المتحدة تتعلق بوقف إطلاق النار في غزة وتعيد التأكيد مرارًا على “حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها” ، وتفوض إرسال أسلحة إضافية بقيمة 735 مليون دولار لإسرائيل ، وتقدم للفلسطينيين خطابًا فارغًا فقط حول حقهم في العيش بحرية وأمن مع دعم قيام دولتين.
إنهاء العلاقة الخاصة مع إسرائيل
وبين كاتب التقرير أن الدعوة لإنهاء العلاقة الخاصة بين أمريكا وإسرائيل لا تعني الدعوة إلى المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات أو إنهاء كل الدعم لإسرائيل، بدلًا عن ذلك يجب أن تكون العلاقة بين الطرفين طبيعية على غرار علاقات واشنطن مع معظم الدول الأخرى. مع وجود علاقة طبيعية ، ستدعم الولايات المتحدة إسرائيل عندما تفعل أشياء تتفق مع مصالح وقيم الولايات المتحدة وتنأى بنفسها عندما تتصرف إسرائيل بطريقة أخرى.
وواصل التقرير التأكيد على أن شيك الدعم الأمريكي لإسرائيل سمح باتباع سياسات وضعت مستقبلها على المدى الطويل في شك أكبر، وعلى رأسها المشروع الاستيطاني نفسه والرغبة غير الخفية في إقامة “إسرائيل الكبرى” التي تضم الضفة الغربية وتحصر الفلسطينيين في أرخبيل من الجيوب المعزولة.
كما ساعد عدم رغبة الولايات المتحدة في جعل المساعدات مشروطة بمنح إسرائيل للفلسطينيين دولة قابلة للحياة في تدمير عملية أوسلو للسلام ، مما أدى إلى تبديد أفضل فرصة حل الدولتين الحقيقي.
إعادة التفكير الإسرائيلي
وأردف التقرير بالقول: إن على الإسرائيليين إعادة التفكير في الاعتقاد بأن الفلسطينيين سوف يختفون ببساطة والبدء في التفكير في الحلول التي من شأنها ضمان الحقوق السياسية للناس والعرب على حد سواء، كما سيتعين على إسرائيل أن تبدأ في تفكيك نظام الفصل العنصري الذي أنشأته على مدى العقود العديدة الماضية لأنه حتى الولايات المتحدة ستجد صعوبة متزايدة في الحفاظ على علاقة طبيعية إذا ظل هذا النظام سليماً.