متابعات/وكالة الصحافة اليمنية //
كشف مسؤول سعودي النقاب عن تفاصيل مروعة لتعذيب المسؤول السابق في النظام السعودي سالم المزيني خلال اعتقاله في فندق ريتز كارلتون أواخر 2017.
وبحسب دعوى قضائية كندية، فإن تعذيب المزيني في سجون ولي العهد محمد بن سلمان السرية شمل الضرب على قدميه وظهره وأعضائه التناسلية.
وتعرض للجلد والتجويع والضرب بقضبان حديدية والصعق بالكهرباء حتى أنه أُمِر بالزحف على أطرافه الأربعة والنباح مثل الكلب.
وأمر بن سلمان بالقبض على المزيني للمرة الأولى في دبي يوم 26 سبتمبر/أيلول 2017 من قبل مسؤولين أمنيين في الإمارات العربية المتحدة وأُرسِل إلى المملكة.
ثم اختفى يوم 24 أغسطس/آب 2020 بعد زيارته لمسؤول أمني سعودي رفيع المستوى، ولم يره أحد منذ ذلك الحين.
روايته المترجمة التي رُفِعَت أمام محكمة في مقاطعة أونتاريو شهر يونيو/حزيران الماضي، بحسب صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية.
كانت قد أُرسِلَت عبر رسالة نصية إلى الهاتف الخليوي الخاص بزوجته حصة في سبتمبر/آب 2019، وفقًا لعائلتها، مع تعليمات بنشرها في حال اختفائه مرةً أخرى.
يقدّم الوصف المخيف، أكبر رواية شخصية حتى الآن عن السلوك الوحشي المزعوم للنظام السعودي.
وأفاد المزيني ذات مرة: مرت الأيام، وظللت أخشى سماع صوت المفاتيح وفتح الباب.
لم أكن أعرف ما كان مُخَبّئًا لي، سواء كان تعذيبًا أم تصفية، يصف كيف أمره أحد المحققين بتقبيل حذائه ثم ضرب رأسه.
ودون المزيني عن المباحث السعودية: “المفارقة المحزنة هي أنه لم يكن هناك جهاز آخر ساعدتُه أكثر من المباحث والشؤون الخاصة، وها أنا الآن رهن اعتقالهم والتعرض للتعذيب من قبلهم”.
إنّ درجة التعذيب النفسي ومحاولة التجريد من الإنسانية التي يصفها المزيني مروعة مثل الإساءة الجسدية التي يصفها أيضًا.
وذات مرة، قال له الشخص الذي يحقق معه أن يمد يده إلى صندوق ما ويختار سوطًا من أجل عملية ضربه التالية؛ وعندما تردد، اختار المحقق أحدها وجلد المزيني أثناء تبوله.
طُلِب من المزيني عدم ذكر اسمه، وبدلًا من ذلك أشار إلى نفسه على أنه “الرقم تسعة”. وفي وقت آخر، أُمِر بتناول عشائه من الأرض مثل الكلب.
يروي المزيني: كنت أشعر بالقلق من جميع الجهات. كنت قَلِقًا على والدتي وزوجتي وأطفالي وأخواتي وعمي وشركاتي والموظفين ومستقبلي والألم في جسدي والإذلال والخوف.
“في الواقع، لا يمكن للمشاعر أن تصف الأمر. كل ما سأقوله هو أن ظلم وقمع البشرية كانا شديدَين. شعرت بالضعف والعجز”
والمزيني، وهو خريج أكاديمية الشرطة السعودي، انضم إلى وزارة الداخلية وأشرف على مشاريع الطيران للأمير محمد بن نايف
الذي كان حينها مسؤولًا عن مشاريع مكافحة الإرهاب في الوزارة قبل أن يصبح وزيرًا الداخلية ووليًا للعهد. وفقًا لرواية المزيني.
وعندما قرر بن نايف إنشاء شركة طيران خاصة تدعى “ألفا ستار لخدمات الطيران”، طلب من المزيني إدارتها.
وفي وقت لاحق، عندما أنشأ بن نايف شركته الخاصة للطيران التجاري باسم “سكاي برايم للطيران”، طلب من المزيني الإشراف عليها في دبي.
جريمة المزيني المزعومة، بناءً على الأسئلة التي قال إنّ معذّبيه سألوه إياها، هي أنه ساهم في مؤامرة لسحب الأموال من شركتَيّ الطيران – وهو أمر يقول إنه نفاه طيلة جلسات التعذيب.
وبالمثل نفى الجبري أي تورط في إساءة استخدام الأموال. رفعت شركات تسيطر عليها الحكومة السعودية دعوى قضائية ضد الجبري في كندا، حيث يعيش الآن، لاستعادة الأموال التي تزعم أنه سرقها.
لكن جريمة المزيني الحقيقية، كما يتضح في وثائق المحكمة، ربما كانت زواجه من ابنة الجبري، حصة.
وكان بن سلمان، وهو منافس بن نايف، يلاحق الجبري منذ عام 2017 عندما عزل بن نايف من منصب ولي العهد وفرّ الجبري من المملكة. يحاول بن سلمان إجباره على العودة إلى المملكة منذ ذلك الحين.
وصفت زوجة المزيني لحظةً مروعةً كان قد أفضاها زوجها. كتبت: “قال إنه ذات مرة، قبل أن يُضرَب مائة مرة دون توقف، قيل له: «هذا نيابةً عن سعد الجبري»، و«هذا جزاء زواجك من ابنته».
وفي بعض الأحيان، قال المحققون لسالم وهم يضربونه: «نحن نضيف جلدات وعمليات ضرب إضافية لأن والد زوجتك ليس هنا، لذا يمكنك أن تأخذ نصيبه».”
قُدِّمَت إفادة المزيني الخطية من أجل دعم ادعاء الجبري، كما جادل محاموه في دعوى قضائية مؤخرًا، أنّ بن سلمان قد سعى “إلى تعزيز سلطته من خلال اضطهاد منافسيه المتصورين تحت ستار حملة ‘مكافحة الفساد’”
وأنّ المبالغ المدفوعة إلى الجبري “مرخصة بالكامل ومعتمدة” من قبل بن نايف والسلطات السعودية الأخرى.
وقالت صحيفة “واشنطن بوست” إنّ إساءة المعاملة المزعومة التي تعرّض لها المزيني هي مجرد مثال واحد على هوس بن سلمان الظاهري بعائلة الجبري.
منع ولي العهد اثنين من أبناء الجبري المراهقين آنذاك، عمر وسارة، من مغادرة البلاد عام 2017، عندما بدأ انقلابه الداخلي من أجل توطيد سلطته، واستخدمهما كرهائن على ما يبدو لمحاولة إجبار والدهما على العودة إلى المملكة.
عمر وسارة سجينان الآن. وصفتُ محنتهم في يونيو/حزيران 2020، وقد وردت في تقرير حديث لـ”هيومَن رايتس ووتش”. كما اعتُقِل أصدقاء الجبري وأقاربه وشركاؤه التجاريين.
عندما احتُجِز المزيني في فندق ريتز كارلتون لمدة ستة أسابيع تقريبًا بدءًا من أواخر عام 2017، فقد توقف التعذيب وفقًا لإفادة زوجته.
وكانت عملية الابتزاز حينها تتعلق بالحصول على المال – كما كان الحال مع حوالي 400 سعودي بارز آخر
بما في ذلك الأمراء والممولون العالميون الذين احتُجِزوا في فندق ريتز كارلتون في نوفمبر 2017 وأجبرهم عملاء بن سلمان على تسليم الأصول.
وكتب المزيني أنه قيل له في فندق ريتز كارلتون: “سنأخذ كل أموالك. نحن لا نعترف بالعقود أو أي من ترهاتك. سنعيد الأموال إلى الدولة.”
ووافق أخيرًا على تسليم أكثر من 400 مليون ريال سعودي، أي ما يعادل حوالي 106 مليون دولار بأسعار الصرف الحالية.
وكتب المزيني لزوجته: “لم يكن يكفيهم تعذيبي وسجني، لكن كان عليهم أخذ أموالي أيضًا. لماذا حدث كل هذا؟ لماذا كل هذا الظلم؟
“لم أفعل شيئًا خاطئًا ولم أرتكب أي ذنب… لقد عرضتُ خدماتي وأنجزتُ أشياء كثيرة للدولة. لقد ساهمتُ في الحفاظ على سلامتها.”
وفي ختام روايته اللاذعة، يقول المزيني عن آسريه: “بكل صراحة، الكلمات الوحيدة التي يجب أن أصفهم بها أنهم المنافقون الذين أفسدوا في الأرض.”