تحليل خاص: وكالة الصحافة اليمنية
هل الضغوطات التي يواجهها الرئيس السوداني عمر البشير من داخل برلمان بلاده حقيقية أم أنها مجرد لعبة سياسية يحرك البشير خيوطها، كي يستطيع النفاذ بكتائب جيشه من حرب عدوانية على اليمن، اصابته وجيشه بنتائج كارثية.
ثمة من يشير إلى أن التقارب الكبير بين البشير وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد وكذلك مع الرئيس التركي أردوغان المعروفان بخصومتهم مع السعودية والإمارات ، هو السبب الحقيقي وراء تغيير الرئيس السوداني لموقفه من المشاركة في تحالف العدوان على اليمن، غير أنه لا يقوى على المجاهرة بموقفه ذاك ، فما كان منه إلا اللجوء إلى لعبة سياسية بالإمكان أن وصفها بالذكية، كونه استخدم كتلة برلمانية معارضة له في لعبة التخلص من التزاماته اللاانسانية التي انقاد إليها طامعاً في رضا المملكة التي لطالما وجهت له ضربات موجعة سياسية واقتصادية ما زال يتذكرها السودانيين جيداً وبمرارة.
في السياسة تظل كل الاحتمالات ممكنة، وكل الاسئلة مفتوحة ومشروعة.. لكن ما هو واضح أن البشير جر جيشه إلى مصير كارثي، حيث يتساقط العشرات منهم في معارك عنيفة وطاحنة بجبهات عديدة داخل اليمن ومنها جبهة الساحل الغربي.
ويشعر السودانيين أن حسابات البشير الانتهازية كلفت جيشه ثمناً باهضاً، وأنه يتحمل وزر السماح للسعودية والإمارات تقديم جنوده وقوداً لمعركة لا علاقة لهم بها.. دفاعاً عن ذات الدولة التي أمعنت طويلاً في التآمر على السودان شعباً وحكومة.
وقد طالب عدد من أعضاء البرلمان السوداني، بسحب القوات السودانية المشاركة في العدوان على اليمن مع “التحالف العربي بقيادة السعودية”.
وأصدرت كتلة “التغيير” في المجلس الوطني السوداني، بيانا صحفيا، اليوم الاثنين، دعت فيه الحكومة السودانية إلى تحمل المسؤوليات المادية والمعنوية تجاه عائلات قتلى قوات البلاد في اليمن، كما طالبتها باتخاذ مواقف سياسية داعمة للسلم دون الانحياز لأي طرف.
وقالت الكتلة أنها “ظلت منذ البداية ضد مشاركة القوات المسلحة والقوات الدعم السريع في العمليات العسكرية في دولة اليمن، وما نتج عنها من خسائر في الأرواح للعسكريين السودانيين”.
وبحسب الكتلة، فإن عدد القتلى والجرحى من الجيش السوداني في اليمن صار بالمئات، وإن هؤلاء الجنود قتلوا في حرب لا ناقة للسودان فيها ولا جمل، وفـق ما جاء في البيان الذي أشار إلى “سقوط عشرات القتلى من السودانيين في حرب اليمن معتبرة أن “المشاركة مخالفة للدستور السوداني والقانون لعدم موافقة البرلمان عليه، الأمر الذي أفقدها السند الشعبي والدستوري”.
وكان الرئيس السوداني عمر البشير أعلن مطلع أبريل الجاري أن قوات بلاده مستمرة في مهمتها باليمن مع قوات التحالف الذي تقوده السعودية والإمارات.
السودان هو الدولة الوحيدة التي قررت الدخول في التحالف العربي الذي تقوده السعودية وأطلقت عليها بداية(عاصفة الحزم) دون أن تشترط مواقف ولا مطالب مسبقة.
تأتي هذه التطورات في ظل الدعم الذي تتلقاه بعض الدول العربية المشاركة في العدوان على اليمن، ومنها دولة مصر ، حيث أشار الكاتب الصحفي السوداني عبدالماجد عبدالحميد قبيل زيارة ولي العهد السعودي للقاهرة قائلاً : ” قبل أن يهبط ولي العهد مصراً سبقته إلى هناك تعهدات جازمة بتقديم كل عون طلبته مصر التي تلقت منذ العام 2011 دعماً مادياً تجاوز الـ(21) مليار دولار، بحسب تقارير رسمية للبنك المركزي المصري.
لم تتوقف الدول الخليجية وفي مقدمتها السعودية، عن سند ودعم عهد السيسي في مصر، ولم تتأخر المنظومة الخليجية عن تبني المواقف المصرية في كل المحافل.
بينما دولة السودان التي تقذف بأبنائها إلى معارك اليمن، لم تجد الإهتمام من قبل السعودية والإمارات في أزمتها الإقتصادية في الوقت الذي تحظى فيه مصر بالزيارات والمليارات رغم موقفها السالب في العدوان .
على البشير أن يكفر عن خطاياه بحق اليمنيين، ويسحب جنوده فأفعالهم الفاضحة والمخجلة تسيء لشعب السودان العريق والأصيل.. عليه أيضاً أن يدرك أن السعودية ومعها الإمارات لابد أن ينقلبا عليه فهو بالنسبة لهما مجرد بيدق في رقعة معركتهما القذرة داخل اليمن .