لم يعد دور المرأة اليمنية متوقفاً عند حدود، وربة البيت التي كانت تنتظر من يعولها ليوفر لها متطلباتها واحتياجاتها المنزلية لم تعد كذلك اليوم، وما كانت تحلم بشرائه وإقتنائه قبل ثلاث سنوات أصبحت هي من تصنعه، وعطرها وبخورها ومساحيقها الجميلية لم تعد ترفا كما كانت تنظر إليه، ومنزلها الذي كان قبل العدوان والحصار أشبه بسوق استهلاكية للمنتجات المستوردة تحول إلى ورشة عمل انتاجية ومصنع هي من تديره وهي عماله وهي خبراءه وهي التي تدير علاقاته العامة وتسوق منتجاته التي لن نبالغ إن قلنا انها وصلت إلى اسواق دول العدوان والحصار.
مراكز اعداد وانتاج
لم تعد المرأة اليمنية اليوم كما كانت في أمس ما قبل العدوان.. فالمرأة اليمنية اليوم أصبحت أكثر وعيا وإدراكا لما تواجهه اليمن من عدوان ومؤامرات، وأكثر إيمانا بأهمية دورها في مواجهة العدوان والحصار وتحقيق الإنتصار لوطنها ومجتمعها، وتجسيدا لهذا الدور ،وفيما يتعلق بالعدوان العسكري، حولت منزلها إلى مركز اعداد وتأهيل ورفدت جبهات العزة بالمقاتلين ودفعت أبنائها وزوجها للالتحاق بالجبهات لمواجهة العدوان، وفيما يتعلق بالعدوان الاقتصادي وسياسات التجويع ومحاولات تركيع الشعب اليمني، والمتمثلة بالحصار واستهداف المصانع والاقتصاد بشكل عام، ثم نقل البنك المركزي إلى عدن وما ترتب على ذلك من آثار سلبية وإيقاف صرف المرتبات للموظفين، أمام كل ذلك أثبتت المرأة اليمنية جدارتها في تحمل المسئولية ومواجهة الظروف الإقتصادية فحولت منزلها إلى ورشة عمل وإنتاج لا تتوقف..
“وكالة الصحافة اليمنية“ وتجسيدا لمسئوليتها في نقل صور الصمود وابراز دور المرأة اليمنية اجرت هذا الاستطلاع والتقت عدد من النساء وتعرفت على مشاريعهن التي تستحق الدعم والاهتمام المجتمعي والتشيع والدعم من قبل الدولة.
المرأة تصنع عطرها
أم محمد -ربة بيت وزوجة موظف تحدثت عن نشاطها في وعملها في صناعة البخور والعطور فقالت: “بصراحة لم اكن اهتم قبل العدوان بأي شيء فكل ما كنت احتاجه ويحتاجه العيال والبيت كنت اطلبه من زوجي وهو الذي كان يتحمل المسئولية والحمد لله كان الراتب يكفينا، لكن بعد العدوان والحصار وتوقف صرف المرتبات شعرت بالإحباط خاصة عندما شعرت ان زوجي اصبح عاجزا امام الطلبات الكثيرة -مصروف البيت، الايجار، احتياجات العيال وغيرها من متطلبات الحياة…”
وتتابع أم محمد حديثها بالقول: “اعتبرت نفسي المسئولة وقررت مساعدة زوجي ورد بعض الجميل له لأنه لم يكن يبخل علينا بشي، والحمدلله اتجهت لصناعة البخور في البيت وأمام الحاجة نجحت في صناعة البخور ثم طورت عملي واصبحت الان اصنع البخور والعطور والزباد وما تسميه النساء لبن العصفور وكلها متعلقة بمستلزمات التجميل عند النساء، والحمدلله كل ما اقوم بصنعه يلاقي رواجا واقبالا ويساعدنا في توفير احتياجاتنا”.
وعن تسويق هذه المنتجات تحدثت أم شهاب -رية بيت وتعمل في صناعة البخور-: “اقوم ببيع البخور والعطور في حفلات الأعراس والموالد والجلسات النسوية المختلفة والحمدلله توفقت في تسويق البخور والعطور والزباد وكل ما انتجه اصبح معروفا ومطلوبا من النساء بل انه وصل من خلال بعض الاخوات إلى السعودية والامارات”.
تسويق محدود
أم زكريا – مطلقة وتعول اربعة اطفال تحدثت عن نشاطها فقالت: “الحمدلله تمكنت من خلال صناعة البخور والعطور من إعالة أولادي ورعايتهم وتعليمهم وتوفير كل ما نحتاجه من متطلبات الحياة”.
وتابعت أم زكريا: “بعد أن انفصلت عن زوجي وجدت نفسي مسئولة عن البيت والاولاد والحمدلله اصبحت أنا الأم والأب ولم نعد في حاجة لأحد ولن نمد أيدينا لأحد”.
وعن المشاكل والصعوبات التي تواجه صانعات البخور والعطور تقول أم زكريا: “نواجه صعوبة في تسويق البخور والعطور لأنها ما تزال تعتمد على تحركنا نحن في الاعراس والمناسبات واحيانا من خلال نساء يقمن بالتوزيع مقابل نسبة لهن، وبعض المحلات التجارية التي نعطيهم منتجاتنا ليبيعوها لا يهتمون ولا يحرصون على بيعها كما نفعل نحن.”
شارع البخور
شارع جمال الذي كانت ترتاده النساء لشراء المنتجات المستوردة الباهضة الثمن تحول إلى وجهة تقدها النساء لشراء المواد الخام التي يحتجنها لصناعة البخور والعطور ومنتجاتهن المنزلية الاخرى..
في شارع جمال تحدثنا مع الأخ سلطان الزريقي صاحب محلات الزريقي وسألنا عن إقبال النساء على شراء مستلزمات البخور والعطور قبل العدوان وبعده فأجاب بقوله: “قبل العدوان كان عدد النساء اللواتي يشتغلن في صناعة البخور والعطور قليل ومحدود، أما بعد العدوان فقد ازداد العدد بشكل كبير وأحيانا تستقبل محلاتنا في اليوم الواحد 200 امرأة ممن يأتين لشراء مواد ومستلزمات صناعة البخور والعطور.”
وسألناه عن أنواع البخور التي تطلبها النساء فأجاب: “أنواع البخور كثيرة جدا وأشهرها البخور العدني وبخور المميز والموعد وليلة خميس وبخور الاميرات وبخور العود والنسائم وغيرها.”