تحليل/وكالة الصحافة اليمنية//
أثار عودة حركة طالبان ألى المشهد الأفغاني والتطورات المتسارعة بشكل دراميكي في أفغانستان حالة من الذهول الكبير في العالم، وبالمقابل أثبت للجميع بأن بلاد العم سام لا يمكنها التعلم من التكرار الذي قيل إنه يعلم حتى الحمار حين لم تستفيد من فشل تجربتها في مغامرة بلاد الرافدين، لتقع الولايات المتحدة من جديد فريسة سهلة في الفخ الإيراني في أرض خرسان وشعب البشتون.
الدهاء الذي تميز به الفرس منذ القدم مكن طهران من جديد وبدون أي تكلفة مالية من هزيمة المشروع الأمريكي هذه المرة في أفغانستان كما فعلته معها في العراق، لتخرج أمريكا من حروبها في البلدين خالية الوفاض وبدون حتى خفي حنين، بل بديون ثقلية للخسائر، وبعار جعل الصديق قبل العدو يصنفها بالفاشلة التي لم تجد طريقاً للنصر.
أحداث وتصريحات كشفت المستور
وبقراءة لجوهر الأحداث المترابطة وربطها مع بعض التصريحات ستتجلى حقيقة نجاح السياسة الإيرانية وبدهاء كبير في إفشال المخطط الأمريكي بأفغانستان وتوجيه صفعة فشل جديدة للولايات المتحدة.
الإمعان في تصريح السيد حسن نصرالله الذي قال في خطابه اليوم الثلاثاء بمناسبة يوم عاشورا: أن الرئيس الأمريكي جون بايدن أراد من سحب قواته إشعال حرباً أهلية في أفغانستان من خلال قتال بين طالبان والقوات الأفغانية، وكذا تصريحات البنتاغون والناتو أنهم لم يتوقعوا أن تسيطر طالبان على أفغانستان بتلك السرعة وبدون مقاومة من قبل الجيش الأفغاني، وتصريحات “ذبيح الله مجاهد الناطق الرسمي باسم حركة طالبان بأن قواتهم دخلت العاصمة كابول دون أن تخسر قطرة دم واحدة وبدون اطلاق رصاصة واحدة وبأن حكومة الرئيس غني خذلتهم حين تركت العاصمة دون التنسيق معهم على تسليمها، وبأن حركته ستشكل حكومة انتقالية تشمل كل الأطراف في البلاد، وربط كل تلك التصريحات مع رعاية طهران لمباحثات السلام بين طالبان والحكومة الأفغانية في شهر يوليو الماضي والبيان الصادر عن تلك المباحثات بأن الحل الوحيد لإخراج أفغانستان من أزمتها لن يكون عسكرياً بل عبر السلام، يجعلنا نستنتج مايلي:
أولاً) أن الولايات المتحدة اعتقدت أن سحب قواتها من أفغانستان سيشعل فتيل حرب أهلية في البلاد، بين حركة طالبان الطامعة للعودة للمشهد السياسي وبين حكومة غني، الأمر الذي يضمن لها التخلص من أعباء تكاليف الحرب، مع ضمان أن تكون أفغانستان دولة فاشلة وميدان للحرب والتمزق كما حدث في الصومال، لذا قررت المغامرة بالتخلي عن أفغانستان بعد احتلال دام عقدين وخسائر فادحة.
ثانياً) أن طهران تفطنت للمخطط الأمريكي ونجحت في أقناع حكومة غني وطالبان بخطورة ذلك المخطط الهادف إلى إشعال الحرب الأهلية بعد انسحابها من البلاد.
ثالثاً) أن طهران نجحت في اقناع الأطراف الأفغانية العمل على إفشال المخطط الأمريكي من خلال تسليم السلطة لطالبان سلمياً مقابل ضمانات من الحركة في حفظ حقوق كافة الأطراف السياسية والطوائف الأفغانية خاصة الطائفية الشيعة ومشاركتهم في حكومة انتقالية تجمع كل الأطراف الأفغانية.
رابعاً) أن إيران تمكنت من بسط نفوذها على أفغانستان وبدون أي تكلفة، عبر حليف جديد لها في المنطقة كما حدث في العراق، وتتجلي تلك الحقيقة من خلال تصريحات كبار المسؤولين الإيرانيين بأن طالبان تعهدت من خلال مفاوضات السلام في طهران بالتخلي عن الجماعات الإرهابية والمتطرفة وعلى رأسها “القاعدة” وهو ما أثبته حضور كبار قادة حركة طالبان حفل تأبين الحسين في يوم عاشورا بحسينية (كارته سخي) في العاصمة كابول وتأكيد قادة طالبان في خطاباتهم بالفعالية إن الإمام الحسين عليه السلام لا يخص الشيعة فحسب، بل هو امام المسلمين، وسبط رسول الله صلى الله عليه وآله، ونحن نشارككم في هذا المصاب الجلل الذي أحزن جميع المسلمين.
رأي الصحف العربية
الصحف العربية بدورها تطرقت للأحدات التطورات السريعة المتلاحقة في أفغانستان بعد سيطرة حركة طالبان على العاصمة كابل ومغادرة الرئيس أشرف غني البلاد.
وأكد عبد الباري عطوان، رئيس تحرير “رأي اليوم” الإلكترونية اللندنية، أن “السر المسكوت عنه أن روسيا وإيران كانتا الداعم القوي ماليا وتسليحيا لحركة طالبان في حربها ضد الاحتلال الأمريكي، ومن المستبعد أن تقدم الحركة على أي تحالفات ضدهما”.
وأضاف عطوان، أن تكون باكستان، التي أسست حركة طالبان ودعمتها، “بوصلة الحركة السياسية والاستراتيجية في المستقبل، وباكستان تقيم في الوقت الراهن علاقات قوية مع إيران وتركيا وتقف في الخندق الصيني”.
وبدورها أكدت صحيفة ” القدس العربي” اللندنية أن “ما حصل حدث كبير ستترتب عليه أحداث إقليمية وعالمية كبيرة، وأن الأفضل للجميع، وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية، أخذ الدروس مما حصل، والحديث بصراحة عن الهزيمة التي تعرضت لها، بدل التلطي وراء تصريحات لا تستطيع تفسير أو تغيير الواقع”.
اعتراف أمريكي بالهزيمة