تقرير خاص// وكالة الصحافة اليمنية//
ظروف الحرب قاسية على أي مجتمع من المجتمعات، غير أن بعض المجتمعات يقسو عليها أبناؤها إضافة الى قسوة الأعداء.
اليمن.. يعيش واقعاً مزدوجاً من الحرب الكونية التي حشدها أمراء الرياض ضده، ويتألم من طعنات أبنائه الذين لا يكفون عن تسديدها في صدره وظهره.
في مستشفيات اليمن يلتقي المواطنين المرضى وضحايا طائرات التحالف من نساء وأطفال، ليعبروا عن حجم الكارثة الصحية التي يعيشها الشعب اليمني في ظل صمت وتواطؤ دولي مع الحرب والحصار الذي أثّر بشكل كبير على عدد كبير من المستشفيات والمراكز الصحية.
لا تقتصر معاناة المواطن اليمني على ما تتركه الطائرات الحربية والحصار المحكم على الموانئ والمطارات، فهناك من أبناء البلد من يضاعف تلك المعاناة ويوصلها الى الدرجات القصوى.
إنهم الأطباء المتخصصون الذين سبق وأن دفعت عليهم الدولة اليمنية أموالاً طائلة لمواصلة تعليمهم في دول آسيوية وأوروبية، نجح الكثير منهم وتفوق، تم استقطاب عدد منهم في الدول التي درسوا فيها، وعاد منهم الكثير لخدمة أبناء شعبه رافضين الاغراءات التي توفرها الدول الغربية لأمثالهم.
تمسك الكثير من الأطباء بمبدأ خدمة المواطنين معتبرين مهنتهم خدمة جليلة لا يجوز المتاجرة بها في أي ظرف من الظروف، إلا أن بعض منهم تنكروا لأبناء بلدهم وعادوا فقط للمتاجرة بالخبرة والمعرفة التي اكتسبوها، الى درجة أن أحدهم لا يمكن أن يستقبل مريض في عيادته إلا بمبلغ 10000 ألاف ريال كبدل معاينة فقط.
هذا النوع من الأطباء بدأوا مهنتهم التجارية من الإلتحالق بالمستشفيات الحكومية لتثبيت أنفسهم بدرجات وظيفة أولاً، ولجمع رأسمال لبناء أو استئجار عيادات خاصة بهم خارج تلك المستشفيات، وبعد بناء وتخصيص عيادة خارجية خاصة بهم يتحول دوامهم في المستشفيات الحكومية الى مجرد “ضربة حظ” بالنسبة للمرضى الذين لا تستقبلهم سوى مستشفيات الدولة.
الدكتور “ع . ص” موظف في مستشفى الثورة، لم يعد يداوم في المستشفى الحكومي سوى يوم واحد في الاسبوع، ليداوم بقية أيام الاسبوع في عيادته الخاصة وفي بعض المستشفيات الاهلية والخاصة التي تعاقدت معه للدوام لديها بمعدل يومين في الاسبوع، وتصل قيمة المعاينة في عيادته الخاصة الى 6000 آلاف ريال، ويتكدس في باب عيادته المئات من المرضى.
ويعمد أولئك الأطباء الى استخدام المستفيات الحكومية التي هم موظفون فيها كـ “فرزة” يحشدون منها المرضى ويرشدونهم الى عياداتهم الخاصة، وخاصة الحالات الطارئة التي يستعد أقربائها لدفع مبالغ كبيرة مقابل إنقاذ حياتهم، واستقطاب ما استطاعوا من المرضى ليس بهدف انقاذهم وإنما للسطو على أموالهم بعيداً عن عيون الدولة وأجهزتها الرقابية.
أيضاً الدكتور “ع . شمس الدين” يحضر في المستشفى الجمهوري لمدة لا تزيد عن الساعة أو الساعتين في الاسبوع ويظل بقية ساعات الاسبوع متنقلاً بين المستشفيات الاهلية والخاصة في أكثر من محافظة ومدينة يمنية، لإجراء العمليات التي يعجز عن تنفيذها كوادر تلك المستشفيات.
يستدرجون المرضى “الضحايا” الى عياداتهم الخاصة ليبدأوا معهم رحلة طويلة من النصب والاستغلال الذي يمتد لسنوات في بعض الحالات، وبالنسبة للحالات المرضية الحرجة التي تستدعي عمليات جراحية طارئة ينسق الاطباء مع مستشفيات أهلية وخاصة ونقل المريض إليها لإجراء العملية فيها مقابل نسبة من التكلفة المالية.
إضافة الى ما سبق ذكره تقوم ببعض المستشفيات الاهلية والخاصة بإغراء بعض الأطباء المحترفين بنسب مالية عالية، وذلك في محاولة منها لاستثمار أسمائهم الطبية التي اكتسبوها نتيجة لتفوقهم العلمي وانضباطهم الوظيفي في مستشفيات الدولة ونيلهم ثقة ورضا المواطنين.