تقرير / خاص / وكالة الصحافة اليمنية
في الايام الثلاثة الماضية تقاطرت بيانات المنظمات الدولية التي تدين قتل المدنيين في اليمن ، على خلفية استهداف مكتب رئاسة الجمهورية وسط العاصمة صنعاء من قبل طيران التحالف ،مما اسفر عن سقوط (99) شخصاً بين قتيل وجريح بينهم ( طفل الميزان) .
لكن تلك البيانات من وجهة نظر عدد من الحقوقيين تتضمن لغة “مفخخة” لا تحمل انصافاً للضحية ، ولا إدانة واضحة للجلاد ، من خلال الاساليب والكلمات ” المخاتلة ” التي تصاغ فيها تلك البيانات، بحجة الحياد ، الأمر الذي يأخذ ابعاد خطيرة عبر الفهم الخاطئ لحقيقة الأوضاع في اليمن، تتيح للتحالف من ارتكاب المزيد من المجازر من جهة، و تتسبب بإحداث حالة تشويش للرأي العام في العالم حول حقيقة ما يحصل في اليمن.
فرغم ندرة الانتقاد للتحالف من قبل المنظمات الدولية حول ارتكاب المجازر ضد المدنيين وانتهاك القانون الدولي، إلا أن تلك البيانات الخجولة النادرة لاتنسى في حال صدورها أن تشرك اليمن في تحمل المسئولية ، إذ كيف يمكن للمتابع على مستوى العالم أن يقراء بيان الأمين العام للأمم المتحدة الصادر يوم الثلاثاء الماضي حول إدانة التحالف في قصف المدنيين في اليمن ، وإدانة اليمن في نفس البيان على اطلاق الصواريخ على السعودية ،وهي ادانة قد تؤدي إلى اعتقاد خاطئ عند المتابعين على أن الضحايا المدنيين يسقطون في السعودية تماماً كما يسقطون في اليمن ، بينما في الحقيقة لا يوجد أي ضحايا مدنيين في السعودية من صواريخ اليمن .
بينما اصدرت منظمة اطباء بلاحدود بياناً حول استهداف مكتب رئاسة الجمهورية بصنعاء ، حمل لغة غريبة لا تتسم بالوضوح وقابلة للتأويل حيث قال البيان أن (المدنيين ومن بينهم الاطفال تعرضوا للقتل والتشويه وذلك لتواجدهم في المكان الخطأ والوقت الخطأ) وهو بيان اعتبره البعض خارج عن المنطق ويفتقر للموضوعية ، إذ كيف يمكن أن نحمل المواطنين مسئولية تواجدهم في بيوتهم واسواقهم ، ونترك التحالف الذي يقوم بقصف المنازل والاسواق بعيداً عن أي لوم !.
من جهتها عادت مفوضية حقوق الانسان مجدداً لتحمل التحالف المسئولية (عن وقوع معظم الضحايا المدنيين في اليمن)، متجاهلة حقيقة أن اليمن طالب ولا يزال يطالب بتشكيل لجان دولية محايدة لتحقيق في جرائم الحرب المرتكبة في البلاد حتى يتسنى للعالم معرفة من هو المسئول عن كل جرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية، وان التحالف هو من يجهض تشكيل مثل هذه اللجان .
بيانات المنظمات الدولية دفعت عدد من الحقوقيين إلى إتهام المنظمات الدولية باستخدام توصيفات غير منصفة لحقيقة ما يحدث في اليمن ، مشيرين إلى أن لازمة في اليمن تحتاج إلى لغة اكثر وضوحاً لتضع الامور في سياقها الطبيعي ، طرف معتدي وطرف اخر معتدى عليه ، حتى يتسنى للقوانين الدولية أن تأخذ مجراها في معاقبة المعتدي وانصاف الضحية من جهة، وحتى التخلي عن لغة قواميس الحياد المحنطة ، والاجتهاد قليلاً لمنح الدم والاشلاء المتناثرة في اليمن بعض العدالة حتى ولو في البيانات .
خصوصاً أن التحالف يحظى بآلة دعاية ضخمة قادرة على تأويل أي لغة غامضة تصدر من المنظمات الدولية بشكل يقلب الحقائق رأساً على عقب ، وبما يؤدي ايضاً إلى التشويش على الرأي العام لدى شعوب العالم حول حقيقة مايحدث من جرائم ضد المدنيين في اليمن.
ويرى ناشطون حقوقيون أن اللغة الواضحة التي لا تحتمل التأويل قد تؤدي إلى المساعدة في وقف حرب التحالف على اليمن ، أو التخفيف من حدتها في اقل الحالات.
هناك فرق شاسع بين ما يحدث في اليمن وبين ما يقال في بيانات المنظمات الدولية ، وإصرار المنظمات على استخدام نفس اساليب التملص في توصيف الوضع ، لم تعد ذات جدوى ، فالملاحظ أن لغة الحياد باتت تساهم في قتل الشعب أكثر من اي وقت سابق، ولابد للمنظمات التابعة للأمم المتحدة أن تأخذ موقفاً واضحاً ، خصوصاً أنها اصبحت متهمة بمجاملة التحالف على حساب القوانين الدولية والاعراف الانسانية.