وثقت منظمة الديمقراطية الآن للعالم العربي (DAWN) الاستهداف الممنهج للمهاجرين اليمنيين في السعودية من الطرد الجماعي إلى عمليات التعذيب.
جاء ذلك في مقال نشرته المنظمة لأحمد الغباري وهو صحفي يمني مستقل يقدم تقارير لوسائل الإعلام الدولية عن الحرب على اليمن منذ اندلاعها في عام 2015.
وقال التقرير: كان وضع عبد الصمد المحمدي أفضل بكثير من غالبية اليمنيين الذين هاجروا إلى المملكة العربية السعودية المجاورة للعمل.
على مدار 25 عامًا، شق الرجل البالغ من العمر 49 عامًا طريقه في المملكة الغنية بالنفط، بدءًا من المطاعم المتخصصة في المندي، وهو طبق يمني من اللحم المتبل والأرز، إلى أن تمكن من فتح وتشغيل مطعمه الخاص الذي أسماه على اسم جبال فيفا القريبة في مدينة صبيا بجيزان جنوب غرب السعودية.
جلب له المطعم الشهير ثروة كبيرة وجعل له حضورًا مألوفًا في صبيا، حيث كان يعيش مع زوجته، وبعد ذلك مع ثمانية أطفال.
اعتبر عبد الصمد المملكة العربية السعودية موطنه. لكن حظوظه تغيرت فجأة في سبتمبر/أيلول الماضي، عندما داهم مسلحون مطعمه، وأخذوا جوازات سفر موظفيه البالغ عددهم 40 موظفًا، وسحبوه إلى مكان مجهول.
قالت الأسرة في مقابلات أجريت معهم أنه تم مصادرة ما يقدر بنحو 70 ألف دولار من المطعم. في نفس اليوم، داهمت مجموعة أخرى من المسلحين منزل عبد الصمد في صبيا، بينما كانت زوجته أسمهان وأطفالهما في المنزل.
ذكرت الأسرة أنهم فتشوا المنزل وأخذوا جميع الأجهزة المحمولة التي عثروا عليها، إلى جانب المجوهرات ومبلغ كبير من الريالات السعودية، بما يعادل أكثر من 200 ألف دولار، كان عبد الصمد قد وفّر بعضًا منها لحضور حفل زفاف قادم لابنتيه كان من المقرر أن يتم في شهر نوفمبر/تشرين الثاني.
لم تعرف عائلته سبب مداهمة المطعم ومنزلهم والاستيلاء على كل أموالهم. لكن بعد ثلاثة أيام، تلقت أسمهان مكالمة هاتفية من زوجها الذي قال إنه في المستشفى.
أخبرها أنه تعرض للضرب وكُسرت ثلاثة من ضلوعه اليسرى، وكان يعاني من صعوبة في التنفس. عبد الصمد، الذي كان شخصية مشهورة في المجتمع لسنوات، أخبر زوجته أنه ليس لديه أي فكرة عن سبب حدوث كل هذا. لم تكن تعرف زوجته مكان احتجازه.
في اليوم التالي، رن هاتفها مرة أخرى، ولكن عندما أجابت أسمهان، كان المتصل ممرضة—وليس زوجها. قالت إن عبد الصمد توفي متأثرًا بجراحه.
اتصلت أسمهان بسرعة بشقيق زوجها الأكبر نبيل المحمدي، المحامي في اليمن. سرعان ما سافر نبيل، الذي لم ير شقيقه منذ حوالي 15 عامًا، من صنعاء إلى السعودية لإحضار جثة شقيقه إلى موطنه.
قال نبيل في مقابلة عبر الهاتف أن تقريرًا أوليًا من مستشفى صبيا أظهر أن سبب الوفاة كان انسداد رئوي ناتج عن كسر في الضلوع.
أضاف أن شقيقه عانى من تعذيب جسدي شديد مع كدمات في جميع أنحاء جسده. أمضى نبيل ثلاثة أسابيع في صبيا، حيث لم يتلق أي إجابات عن وفاة شقيقه من المسؤولين السعوديين.
قال نبيل إنه عندما سأل السلطات المحلية عن القوات التي داهمت المطعم واحتجزت عبد الصمد، أخبره المدعون السعوديون أنهم جنود وضباط من شرطة مكافحة المخدرات في صبيا—رغم أنه لا يمكن تأكيد هذا الادعاء بشكل مستقل.
نجح نبيل في إخراج جثة شقيقه من البلاد وإعادتها إلى مسقط رأسه في الحجرية، في محافظة تعز اليمنية، لدفنها، لكنه بقي في السعودية بحثًا عن إجابات وللانتصاف لأخيه.
تعذيب تحرمه المعاهدات
قال نبيل إن عبد الصمد تعرض لنوع من التعذيب الذي تحرمه المعاهدات الدولية ومنها اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب التي انضمت إليها السعودية.
كما قال: “السعودية مسؤولة أمام المجتمع الدولي عن الالتزام بمضمون تلك الاتفاقات لمحاسبة مرتكبي تلك الانتهاكات.”
دافع نبيل، الذي يعمل كمحامٍ منذ 27 عامًا، بشكل أساسي عن حرية الصحافة ومثّل الصحفيين والنشطاء الذين حوكموا بسبب ما يقومون بنشره.
تركت المداهمة المفاجئة لمنزل عبد الصمد أطفاله وزوجته في حالة من الرعب والذعر. وقال نبيل: “لا أعتقد أن الوقت كفيل بمساعدتهم على التغلب على التأثير النفسي الناتج عن تلك الحادثة،” علاوة على كل الأسئلة التي لم تتم الإجابة عنها بشأن وفاته.
في حين أن قضية عبد الصمد قد تبدو حادثة منعزلة، إلا أنها تعكس الاضطهاد الأوسع الذي لا يتم الإبلاغ عنه في كثير من الأحيان للمهاجرين اليمنيين في السعودية.
تشير روايات نبيل والمهاجرين اليمنيين الذين قابلتهم إلى أن الانتهاكات السعودية آخذة في الازدياد بالفعل، مع استمرار حرب السعودية في اليمن.
يبدو أنه يتم استهداف اليمنيين بشكل خاص من بين المهاجرين من جنسيات أخرى الذين سعوا منذ فترة طويلة للعمل في السعودية.
وصف مهاجر يمني، كان لديه وضع عمل قانوني في الرياض لكنه عاد إلى وطنه قبل عام، الظروف العقابية التي يواجهها اليمنيون بشكل متزايد في المملكة، حيث قال: “كان هناك استهداف متعمد للمهاجرين اليمنيين.”
بدلًا من ذلك، يتم سجنهم استعدادًا لترحيلهم، ما يمنعهم من دخول السعودية مرة أخرى بشكل دائم. قبل أن تشن السعودية حربها في اليمن عام 2015، كانت السلطات في المملكة غالبًا ما تتجاهل تصاريح العمل للمهاجرين اليمنيين غير النظاميين.