كشف المرشد الأعلى الإيراني يوم الأربعاء الماضي عن رسالة غير معلنة أرسلها الرئيس «ترامب» مؤخراً إلى دول في الشرق الأوسط، مما أثار أسئلة حول كيفية معرفة «آية الله علي خامنئي» عن المراسلات الخاصة بين الزعيم الأمريكي وحلفائه في المنطقة.
بعد يوم من إعلان «ترامب» نيته الانسحاب من الاتفاقية النووية مع إيران التي وقعت في 2015، كتب «خامنئي» تغريدة ادعت أن «ترامب» كتب رسالة وجهها إلى قادة دول الخليج قبل بضعة أيام طالبتهم بأن يفعلوا المزيد في المنطقة، وزعم أن «ترامب» قال في رسالته: «لقد أنفقت 7 تريليون دولار ويجب أن تفعلوا شيئاً في المقابل».
انتقادات للحلفاء العرب
وبدا أن هذه التعليقات موجهة إلى دول الخليج مثل السعودية والإمارات، وهما الحليفان المقربان من إدارة «ترامب» و(إسرائيل)، والذين كانوا أشد المنتقدين الخارجيين للاتفاق الذي توصلت إليه إيران مع الولايات المتحدة وخمس دول أخرى في عام 2015.
وكشف «خامنئي» عن مضمون الرسالة أيضا في وقت سابق من يوم الأربعاء في جامعة فرهنجيان في طهران.
وقال «آية الله» حينذاك: «قبل بضعة أيام، كتب ترامب رسالة إلى قادة العالم العربي، لدينا هذه الرسالة». ثم أضاف: «في الرسالة يقول إنني أنفقت 7 تريليون دولار عليكم، وعليكم القيام بما أقوله». ثم علق بالقول: «الولايات المتحدة تريد عبيدا أذلاء.
لم يعترف البيت الأبيض علناً بهذه الرسالة، وقال متحدث باسم مجلس الأمن القومي إنه لا يستطيع التعليق على المراسلات الرئاسية. ومع ذلك، فقد قال مسؤول كبير في الإدارة، تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته – لأنه لم يكن لديه إذن لمناقشة هذه المسألة علناً – أن إدارة «ترامب» بعثت برسالة إلى حلفاء الخليج قبل نحو أسبوعين.
لم تكتفِ الرسالة بحثّ حلفاء الولايات المتحدة على بذل المزيد في المناطق الساخنة في المنطقة، مثل سوريا، بل سعت أيضًا إلى حل سريع للنزاع المستمر بين الكتلة التي تقودها السعودية مع قطر.
كيف اكتشف الرسالة؟
وقال المسؤول في الإدارة الأمريكية إن الرسالة كانت متابعة رسمية للمحادثات التي أجراها «ترامب» مع القادة الإقليميين خلال الشهرين الماضيين وكانت متسقة مع تعليقاته العلنية حول هذه القضايا.
وقد ردت السعودية بدورها بشكل خاص على الرسالة، حسبما قال المسؤول، وقاومت بلطف الضغوط في مسألة قطر بشكل خاص. ولم ترد متحدثة باسم السفارة السعودية في واشنطن على طلب للتعليق.
وقال المسؤول إنه من غير الواضح كيفية اكتشاف المرشد الأعلى الإيراني للرسالة. ويرى «ثيودور كاراسيك»، وهو مستشار بارز في شركة «غلف ستيت أناليتيكس» أن الرسالة ربما تم تمريرها من خلال قوة إقليمية، مثل الكويت أوقطر أوعمان أو الأردن أو حتى قوة خارجية مثل روسيا.
تتسق مع التصريحات العلنية
يُذكر أن «ترامب» قد قال علناً إن على حلفاء الخليج أن يفعلوا المزيد في المنطقة ولا يعتمدوا على الولايات المتحدة بقدر ما يفعلون، كما أنه أثار مسألة مبلغ الـ 7 تريليونات دولار عدة مرات، حيث قال في فبراير/شباط، على سبيل المثال، أن الولايات المتحدة أنفقت «7 تريليون دولار في الشرق الأوسط»، وهو الشئ الذي وصفه بأنه «خطأ كبير».
ولكن المبلغ الذي ذكره «ترامب» غير دقيق، حيث يُعتقد أنه يشير إلى دراسة من جامعة براون شملت التكاليف المستقبلية ليس فقط للحروب في العراق وسوريا ولكن أيضًا في أفغانستان ونفقات أخرى مثل رعاية المحاربين القدامى لما يقرب من 40 سنة أخرى.
وفي الشهر الماضي، انتقد «ترامب» علناً دول الشرق الأوسط التي اعتمدت على دعم الولايات المتحدة أثناء زيارة الرئيس الفرنسي «إيمانويل ماكرون» لواشنطن، وقال ترامب في ذلك الوقت في مؤتمر صحفي في البيت الأبيض: «إن الدول الموجودة في المنطقة – وبعضها غني للغاية – لن تكون موجودة لولا الولايات المتحدة، ولولا فرنسا أيضاً بدرجة أقل».
وأضاف: «لم يكونوا ليستمروا أسبوعاً واحداً لولا حمايتنا، الآن عليهم الآن أن يتقدموا ويدفعوا ثمن ما يحدث».
على الرغم من أن «ترامب» لم يذكر أي دولة على وجه التحديد، فقد افتُرِض على نطاق واسع أنه كان يتحدث عن دولة الإمارات. ودعا «ترامب» الحلفاء في الخليج إلى تحمل العبء في النزاع السوري مع قيام الولايات المتحدة بوقف تواجدها العسكري هناك، وخلال مكالمة هاتفية مع الملك السعودي «سلمان» في ديسمبر/كانون الثاني، طلب «ترامب» من السعودية مبلغ 4 مليارات دولار مقابل تواجد القوات الأمريكية في سوريا.
وندد «خامنئي» بتعليقات «ترامب» واصفاً إياها بـ «الإهانة للمسلمين»، قائلاً إنها تُظهر كيف «يجب على المسلمين أن يقفوا بحزم ضد تنمر الولايات المتحدة وقوى الاستبداد الأخرى».
وقد أثارت تصريحات «ترامب» عدم الارتياح بين حلفائه في الخليج، حيث جادل البعض بأن لهجته كانت غير محترمة، وكان تعليق «عبد الخالق عبد الله»، وهو معلق سياسي معروف في الإمارات، من بين أكثرهم غضباً على التصريحات، ورد في تغريدة بأن بلاده والخليج ستبقى بعد رحيل «ترامب».
يُذكر أن قادة السعودية والإمارات سعوا بشدة لعلاقات قوية مع «ترامب»، واعتبروا إدارته تغييراً مرحباً به بعد أن سعى الرئيس «باراك أوباما» إلى تحسين العلاقات مع إيران، وتختلف السعودية والإمارات مع إيران حول عدد من القضايا، بما في ذلك تورط طهران العميق في الصراع السوري ودعم المتمردين في اليمن.
بعد إعلان «ترامب» قراره بالانسحاب من الصفقة الإيرانية يوم الثلاثاء، قال سفير السعودية في واشنطن إن المملكة «تؤيد تماما الإجراءات التي اتخذته واشنطن»، كما قال وزير الإمارات للشؤون الخارجية إن قرار ترامب «هو الصحيح».