أكد تقرير حقوقي نشرته الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان بالتعاون مع مرصد التسلح الدولي، أن الإمارات وفرنسا تمثلان شريكتين في جرائم شنيعة.
واستند التقرير غير المسبوق إلى نتائج بحث تم إجراؤه في الفترة من أبريل/نيسان 2019 إلى 2021، ويتتبع خفايا علاقات أبوظبي وباريس وصفقاتهما العسكرية السرية.
وجاء في التقرير أن الإمارات التي تتباهى الحكومة الفرنسية بعلاقاتها التجارية والأمنية الممتازة معها “هي في الواقع ديكتاتورية قمعية بشكل خاص، حيث يتعرض كل صوت معارض للسجن والتعذيب”.
ويبرز تقريرالفدرالية الدولية لحقوق الإنسان “المسؤوليات المباشرة وغير المباشرة للسلطات الإماراتية في بعض أخطر الانتهاكات التي ارتكبت” في اليمن، حيث لها دور فعال في حرب وحشية جدا – انخرطت فيها الإمارات في عام 2015 على خطى المملكة العربية السعودية – حصدت أكثر من350 ألف ضحية، معظمهم من المدنيين.
وقام محررو تقرير الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان بفحص مفصَّل لثماني حالات من “الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان” ارتكبت بين عامي 2016 و2019، والتي “تم تحديد مرتكبيها على أنهم إما ضباط إماراتيون بصفة مباشرة” أو أعضاء في قوات الانتداب الإماراتية.
وفي جميع هذه الحالات، هناك “اعتقالات تعسفية” استهدفت “أشخاصا يُعتبرون معارضين سياسيين” أو متهمين بالانتماء إلى منظمات إرهابية دون إثبات هذا الادعاء. هذه الاعتقالات “نُفذت في أغلب الأحيان من قبل قوات الانتداب، خلال مداهمات ليلية مرعبة” في منازل أو أماكن عمل الضحايا.
في ست حالات من أصل ثمانية، تعرض هؤلاء الضحايا للتعذيب على أيدي ضباط إماراتيين.
وهنا مثال تقشعر له الأبدان: تم اعتقال محمد عند حاجز دوفاس الأمني في أبين، حيث باشر قائد الحاجز ضربه. اقتيد بعد ذلك على متن سيارة بيك آب بنية اللون بدون لوحة ترقيم كانت تحمل عشرة رجال مسلحين (…) إلى مكان مجهول.
تعرّض محمد إلى اختفاء قسري لعدة أيام، قبل العثور على جثته التي تُركت قرب المستشفى. وقد تلقت منظمة “مواطنة” لحقوق الإنسان’’ صورة لجثة الضحية ملطخة بالدماء، بعينين مفقوءتين وأسنان مهشمة، بالإضافة إلى ست طلقات نارية في جميع أنحاء الجسم، إحداها في الأعضاء التناسلية.
كانت آثار التعذيب بالكهرباء واضحة، وكانت الأرجل لا تزال مقيدة بسلاسل حديدية. تسلم والد الضحية الجثة وقام بالدفن بعد أن رفض المستشفى تحرير تقرير طبي، بحجة العثور على الضحية في باحة المستشفى دون أن يدخل إلى مصلحة الطوارئ.
هذه الانتهاكات موثقة بصفة واسعة لكن فرنسا تواصل الاتجار مع منفذيها. وهي بالأحرى مشارِكة بعمق في “صناعة الدفاع الإماراتية”، خاصة “من خلال التصدير المباشر للأسلحة إلى الإمارات و“من خلال نقل المعرفة والمهارات، والتطوير المشترك للأسلحة مع الإمارات” في إطار مشروع يشارك فيه أيضًا ممونون ألمان وبريطانيون.
بالنسبة للفدرالية الدولية لحقوق الإنسان، فإن مسؤولية فرنسا ساحقة لأنها التزمت للمرة الأولى في عام 2008، في إطار موقف مشترك للاتحاد الأوروبي، “بعدم بيع أو نقل أسلحة إذا كان هناك ’خطر واضح’ من استخدام هذه المعدات لارتكاب انتهاكات خطيرة للقانون الإنساني الدولي”.
وعلاوة على ذلك، فقد تعهدت فرنسا سنة 2013، في إطار معاهدة تجارة الأسلحة للأمم المتحدة، “بحظر أي بيع أو تصدير للأسلحة” التي تعرف أنها قد تُستعمل “لارتكاب انتهاكات للقانون الإنساني الدولي أو القانون الدولي لحقوق الإنسان”.
برغم ذلك، تواصل فرنسا بيع الأسلحة إلى الإمارات وتأمين صيانة المعدات التي سبق أن بيعت لها.
تشير الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان ومرصد التسلح إلى أن استمرار هذه التجارة لا يمكن إلا “أن يثير تساؤلات حول التواطؤ المحتمل للشركات الفرنسية التي توفر هذه المعدات والسلطات الفرنسية التي أعطت موافقتها على تصديرها”.
لذلك فهما يناشدان فرنسا بأن “تجعل الشرعية الدولية في صميم علاقاتها مع”حلفائها الاستراتيجيين“، ويطالبان الشركات الفرنسية المصدرة للأسلحة إلى الإمارات بإنهاء هذه المبيعات”وفقًا لمسؤوليتها الدولية باحترام حقوق الإنسان في جميع الدول التي تمارس فيها أنشطتها”. وهذا أيضًا سيكون تاريخيًا.