متابعات / وكالة الصحافة اليمنية //
بعيداً عن أخلاقيات الحروب وعن قواعد الاشتباك، عاد التحالف السعودي ـ الإماراتي، خلال الأيام الماضية، إلى تفعيل سياسة الأرض المحروقة ضد العاصمة صنعاء، مستهدفاً أربعة من الأحياء السكنية بغارات عنيفة تسببت بأضرار فادحة في ممتلكات المواطنين ومنازلهم، وأدت إلى تدمير عدد من الطرق والجسور في المدينة المكتظّة بالسكان.
وجاءت هذه الغارات بعد استهداف مطار صنعاء الدولي، منتصف الأسبوع الفائت، بثلاث غارات أخرجته عن الجاهزية، في تطور دانته بعثة الاتحاد الأوروبي، فيما التزمت الأمم المتحدة حياله الصمت.
ولم تكد تمرّ ساعات على قصف المطار، حتى تفاجأ سكان حي المستشفى السعودي الألماني، الواقع شرقي صنعاء، بغارات على ورشة إصلاح سيارات تابعة لمواطنين، ليدعي “التحالف” عقب ذلك تنفيذ عمليات ضدّ أهداف حساسة.
وعلى النحو نفسه، تواصل استهداف أحياء العاصمة خلال اليومين الماضيين، باستخدام طائرات “رافال” الفرنسية، وفق مصادر مطلعة؛ إذ إن أصوات الطائرات المعادية وعملياتها بدت مختلفة عن العمليات السابقة التي صارت مألوفة لدى سكان المدينة، فيما القنابل المستخدَمة في الغارات الأخيرة شديدة الانفجار، وتتسبب بأضرار كبيرة.
وشنّ الطيران، فجر الخميس الماضي، سلسلة غارات عنيفة على الجسر الرابط بين شارعي الستين والسبعين، وعلى الحيّ السكني القريب من الجسر، ما أدى إلى تساقط نوافذ المنازل، ووقوع ضحايا من المدنيين، فضلاً عن تضرر مستشفى الأمومة والطفولة في السبعين، وهو مستشفى مركزي معنيّ بصحة الطفل والأم.
وكادت هذه الغارات الهيستيرية تتسبّب بمجزرة جديدة بحق الآلاف من الأسرى، بعد استهداف رفاقهم في سجن الشرطة العسكرية في صنعاء أواخر 2018، وفي سجن الأسرى في ذمار أواخر آب 2019؛ إذ نشر رئيس لجنة شؤون الأسرى في صنعاء، عبد القادر المرتضى، صوراً لحجم الدمار الهائل الذي طاول مباني واقعة في محيط سجن الأسرى في مبنى قيادة الأمن المركزي في العاصمة، والذي يضمّ أكثر من ثلاثة آلاف أسير من قوات الرئيس المنتهية ولايته، عبد ربه منصور هادي.
من جهتها، أكدت اللجنة، في بيان الخميس، أن “السجن معروف لدى دول العدوان، وسبق إبلاغها به عبر المنظمات الأممية واللجنة الدولية للصليب الأحمر قبل أكثر من عامين”، وأشارت إلى أن هذا الاستهداف جاء بعد ساعات من زيارة “اللجنة الدولية للصليب الأحمر” إلى السجن، الذي عادت إليه صباح الخميس لمعاينة الأضرار التي لحقت بمحيطه .
ولم يكتفِ “التحالف” بذلك، بل اتهم، مساء الخميس، حركة “أنصار الله”، بتخزين صواريخ باليستية في ملعب الثورة الرياضي وسط صنعاء، فيما تحدثت وسائل إعلامها عن مهلة من ستّ ساعات لإخلاء الأسلحة المزعومة، تحت طائلة استهداف الملعب.
وقبيل دقائق من انتهاء المهلة، هدد المتحدث باسم تحالف العدوان، تركي المالكي، بأن “التحالف سوف يسقط الحماية عن الملعب وفقاً لنصوص وأحكام القانون الدولي الإنساني، وأن عملية التدمير ستتم بموعدها”، وهو ما أثار سخرية اليمنيين الذين طالبوا المنتخب اليمني للناشئين الذي فاز على السعودية ببطولة شرق آسيا، بإعادة الكأس للرياض، واعتبروا أي استهداف لملعب كرة القدم الرئيس في صنعاء، دليلاً على وقع الهزيمة الكروية،
فيما حذرت وزارة الشباب والرياضة في صنعاء من مغبة استهداف المنشأة الرياضية، وطالبت بلجنة دولية للتحقيق في مزاعم “التحالف”.
وفي تمام الساعة الثانية من فجر الجمعة، حيث كان سكان العاصمة في حالة ترقب لعملية انتقامية جديدة، نزحت عشرات الأسر من محيط ملعب الثورة في منطقة الحصبة، وأخلت منازلها، فيما أغلقت المحال التجارية أبوابها خشية تعرضها للتدمير.
وبعد دقائق من تحليق الطيران، هزت صنعاء سلسلة انفجارات طالت شارع الزبيري، وأحدثت دماراً كبيراً في منازل المواطنين وممتلكاتهم. وكالعادة، زعم “التحالف” أنه “نفذ أهدافه بدقة ودمر مخازن لطائرات مسيرة”.
التصعيد الجوي السعودي ضدّ صنعاء، كشف حجم الارتباك الذي تعيشه الرياض جرّاء تقدم قوات الجيش اليمني و”اللجان الشعبية” في مدينة مأرب، وسيطرتها على مساحات واسعة في منطقة نجران شمال محافظة الجوف.
وفي هذا الإطار، أكدت مصادر سياسية مطلعة، لـ”الأخبار”، أن الغارات العنيفة التي تشنها الرياض على صنعاء منذ أيام، جاءت عقب رفض الأخيرة ضغوطاً دولية لوقف عملياتها في مأرب، كاشفة أن “تحالف العدوان هدد بتنفيذ عمليات قاسية في صنعاء”.
وأشارت إلى أن “العمليات الجوية تنفَذ بمشاركة إماراتية فاعلة”، مستدلة “بتصريحات عدد من المسؤولين الإماراتيين في هذا الشأن، ومنهم مدير أمن دبي السابق، ضاحي خلفان، الذي قال قبل أكثر من أسبوع إن صنعاء تنتظرها أيام قاسية”.
ولم تستبعد المصادر “تواصل العمليات الجوية ضد صنعاء خلال الأيام القادمة، في أعقاب لقاء نائب وزير الدفاع السعودي خالد بن سلمان، بالرئيس هادي ونائبه ورئيس حكومته في الرياض الأربعاء، وفي ظلّ صمت الأمم المتحدة والمنظمات التابعة لها”، معتبرة أن “التحريض المستمر على البنية التحتية في العاصمة من قبل قيادة تحالف العدوان والموالين لهادي في الرياض، يدل على أن صنعاء تواجه حرباً انتقامية”، تؤكد “وصول الرياض إلى حالة يأس كامل من إعادة ما تسمى الشرعية إلى صنعاء تحت أي ظرف”.
من جهته، توعد وزير الدفاع في حكومة صنعاء، اللواء الركن محمد ناصر العاطفي، “دول العدوان بمصير أسود ينتظرها”، وقال إن “النيران المحرقة والغاضبة ستلتهم عروش الأعداء”.