المصدر الأول لاخبار اليمن

2021.. التحالف يحصد المزيد من مرارة الهزائم في اليمن

تقرير/ وديع العبسي / وكالة الصحافة اليمنية //

 

 

كشف مشهد عام 2021 عن فشل مريع لقوى التحالف، في تمرير الأجندات الأمريكية، الإسرائيلية، البريطانية، للحرب على اليمن، فظهر التحالف السعودي مُفككاً بسبب صراعات المصالح بين أعضائه، عقب انتكاسات متتالية في مواجهة جيش صنعاء.

حصاد عام آخر لم يتجاوز ذات المربع من الخسائر والإنهاك للضرع الحلوب حسب الوصف الذي أطلقه السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، خيبات وتململ، وتراكمية صارخة للإخفاقات على الصعيد العسكري والسياسي، ومسؤولون يمنيون عينتهم السعودية والامارات كحكومة في المحافظات الجنوبية الخاضعة للتحالف بقيادة “هادي” لا يزالون في المنفى، وقد تبعثرت القوات العسكرية الخاضعة اسمياً لـ “هادي.”

ليسير التحالف على غير هدى؛ فالمسار المرسوم إلى الهدف المحدد لم يعد بذات المعالم المساعدة على الوصول بقوة السلاح والمال والعملاء.

اتضاح النوايا

وفي حصاد العام ٢٠٢١ اتضحت النوايا بشكل أكثر وضوحاً من الحملة العسكرية، وهو ما خلق مجتمع مفكك تحكمه مليشيات متناحرة على النفوذ والمال، الأمر الذي تسعى من خلاله الولايات المتحدة والسعودية إلى السيطرة على البلد والاستمرار في قضم ثرواته، غير أن الرياح كانت في هذا العام كما كانت في الأعوام السابقة على غير اتجاه سفينة التحالف، لتتلبسه حالات هيستيرية احيانا لتدارك ما يمكن من خلاله اقناع واشنطن بأنه لا يزال هناك امل لجلب اليمن إلى “بيت الطاعة”، ومع ختام العام، كانت ذروة الهذيان.

حصاد الاستعطاف

الاحد 26 ديسمبر، ذكر متحدث التحالف تركي المالكي، في حصاد “الاستعطاف” ان 59 مدنيا سعوديا قتلوا في هجمات الجيش واللجان على السعودية، واشار الى ان السعودية تلقت من صنعاء (430) صاروخا باليستيا و(851) طائرة مسيرة مسلحة على السعودية منذ بدء العدوان على اليمن، ولا يبدو في الرقم اي كشف فمتحدث القوات المسلحة اليمنية  يحي سريع، كان يخرج عقب كل عملية ليصرح بعدد الاسلحة المستخدمة ونوعها في ضرب العمق السعودي، هذا من جهة، ومن جهة اخرى فان ما يريد المالكي الإيهام به لا يستقيم مع المنطق، فمن الطبيعي جدا ومن الحقوق المكفولة ان يدافع اليمنيون عن أنفسهم.

ذات لقاء مع محمد البخيتي لقناة عربية استغرب هيجان النظام السعودي من الضربات اليمنية بينما هم يقصفون طوال سبع سنوات.

بيان المالكي تابع القول أنهم “يستخدمون مطار صنعاء لإطلاق الصواريخ الباليستية على المملكة”، ولم يكن من الصعوبة ان يدعم متحدث التحالف، اكتشافه هذا بصور الاقمار الصناعية، الا اذا كان الامريكيون يمنعون عنهم ذلك بلا مقابل اضافي من “ضرع البقرة الحلوب”.

كرر المالكي في بيانه، ذا النغمة التي يريد من خلالها التسويق لحيادية بلاده في العدوان، بقوله “نحن مع كافة المبادرات لدعم الحوار والعملية السلمية.. قيادة قوات التحالف تدعم جميع الجهود السياسية، التي تقودها الأمم المتحدة، كما تدعم المبادرات الدولية للوصول إلى حل سياسي شامل للأزمة اليمنية، وفق المرجعيات الثلاث”، منوها بأنه لا مصلحة للسعودية أو دول الخليج إلاّ عودة الأمن والاستقرار إلى اليمن.

نسى المالكي هنا دعم هذه الامنية بالصيغة التي يقصدها تحالف بلاده من هذا العدوان.. امن واستقرار تكون مرجعيته النظام السعودي، ويكون الواقع اليمني فيها مرهونا بشكل كلي إلى النظام السعودي، إلا انه اشار إلى ذلك وان كان على نحو خجول بتطرقه إلى ما اسماها مبادرات، زعم ان التحالف قدمها وصنعاء رفضتها، وهي المبادرات التي كان لها ايضا مثيل من قبل الولايات المتحدة، ورسمت حاضر ومستقبل اليمن على نحو من التوافق الكامل مع توجهات النظامين السعودي والامريكي في مصادرة حق اليمنيين في القرار وفي ثروات بلادهم، وكان من الطبيعي حسب مراقبين رفضها.

وزعم متحدث التحالف بان مهمتهم الأساسية هي “حماية المدنيين في اليمن، خصوصا مع استمرار نزوحهم”، رآهم وهم ينزحون بالمئات وبالآلاف عقب الغارات التي كانت تشنها طائرات التحالف في غير مكان من المحافظات الخاضعة لسيطرة المجلس السياسي الاعلى، أو عقب قصفهم المناطق الحدودية.

قبل أيام أيقظ المالكي ومن معه العالم بإعطائه مهلة لإخراج أسلحة زعم انها في ملعب الثورة الرياضي في صنعاء، فهل كان يعلم أن الملعب من الأعيان المدنية؟ وهل كان يعلم، أن الأعيان المدنية بموجب القانون الدولي لا تُقصف حتى لو كانت هناك شبهة وجود شيء له علاقة بالمعركة فيها؟ حتما لا يعرف، لان أمامه نقاط محددة عليه أن يكيّف طرحه وفْقها كيفما كانت.

في ذلك اليوم بعد انتهاء مهلة الست الساعات التي منحها التحالف لإخراج أسلحة مزعومة، ادعى المالكي أنه يجري تهريب الأسلحة من ملعب الثورة في صنعاء وأنه جار تدميرها، بينما تركز القصف على شارع الزبيري في قلب صنعاء ليتسبب ذلك في تدمير اجزاء من مدارس ومستشفيات فضلا عن الأضرار الذي أحدثها القصف في الشارع الذي يشهد حركة نشطة طوال ٢٤ ساعة.

قبلها بأيام، قصف التحالف الحريص على المدنيين والأعيان المدنية جسرا حيويا في السبعين، ليولد الأمر حالة غليان شديدة لدى اليمنين الذين زاد يقينهم بأنهم أمام “عدوان” تدميري لحياتهم فقط ولا أكثر، بعد ان تأكد له فشل تمرير اجندته المرسومة لليمن.

جولة ٢٠٢١.. نقاط قوة

في هذا الوقت كان جيش صنعاء يسير على ذات الوتيرة من الهمّة والتحمّل، الهمّة في امتلاك ادوات الردع، ليس فقط لما يعيشه من حالة عدوان وانما لما هو ابعد، تضع اليمن في مصاف الدول القوية التي لا يمكن للآخرين التأثير عليها أو سلبها قرارها، والتحمّل بامتصاص آثار التدمير الذي تبين أنه ممنهج ويستهدف البنية التحتية للسكان وكل ما يرتبط باستمرار حياة الناس من كهرباء وغاز وبترول واقتصاد متعافي.

ووثق العام ٢٠٢١ مواصلة لعمليات توازن الردع فبلغت أربع عمليات نوعية زادت في بث القلق في نفوس قوى التحالف بما فيها القوى العاملة من خلف الضوء كإسرائيل، وحضر الاعلام الحربي بذات القوة المثيرة للفزع مخترقاً للصفوف وموثقا لمشاهد الانتصار في الجبهات، وهو التوثيق الذي كشف مصدر عسكري منتصف العام ٢٠١٨ “اشتراط الجانب السعودي على حركة «أنصار الله» إيقاف تصوير العمليات العسكرية «تمهيداً للدخول في محادثات جدية»، كون الأمر مثّل أداة حرب نفسية كان لها الأثر السلبي البالغ على نفسيات الجيش السعودي، ودفع بالنظام السعودي إلى الاستعانة بكثير من المرتزقة العرب والأجانب.

الى جانب ذلك نجح الاعلام الحربي في إظهار البعد الوطني في المواجهة والدفاع عبر المقاتلين الذين لم يقتصر تكوينهم على الجيش النظامي وحسب، بل وأولئك المقاتلين “الحفاة” من اللجان الذين مثلوا المجتمع البسيط بطبيعته، العظيم باعتزازه بوطنيته وعزته وكرامته.

راكم جيش صنعاء في جولة ٢٠٢١ من المعارك نقاط القوة، واظهر أهم نقطة قوة، متمثلة بالوصول بالطموح الى شاطئ الانجاز باستمراره في الخروج على خصمه السعودي بالأسلحة النوعية التي جعلته مثار نقاشات على مستوى العالم، فالطيران المسير والصواريخ الباليستية، زاد العالم الحديث حولهما عقب النجاحات التي كان جيش صنعاء يحققها باستخدامهما وفقا لمتطلبات المعارك، ولكون جيش عربي يظهر بهذا المنجز وهو ما يزعج العالم الغربي على نحو اشد، واستطاعت الطائرات المسيرة اليمنية الصواريخ الباليستية المتعددة المهام، أن تفرض معادلات عسكرية جديدة بتكلفة «بسيطة»

 “هادي” وحكومته بلا حاضنة

شهد العام 2021 ايضا مظاهر عززت حقيقة فشل “حكومة هادي” في كسب ثقة الناس لعجزها في تلبية الاحتياجات الأساسية للسكان، اذ انهارت الخدمات الأساسية كخدمات الكهرباء والماء، فيما تعمل مؤسسات الصحة والتعليم بدون ميزانية تشغيلية، وافتُقد الأمن، وعاني الموظفين من تقطع استلام مرتباتهم، وتفاقمت الأزمات الاقتصادية والإنسانية.

 

وتبين أن “هادي” رغم أنه أعلى سلطة لدى التحالف في المحافظات الجنوبية، ورغم دعمه من قبل المجتمع الدولي، الا انه لا يتمتع بدعم شعبي أو نفوذ كبير على المستوى المحلي، الى حد عدم الامتثال له، فضلاً عن كونه يفتقد إلى احتكار القوة والسلطة، وعدم قدرته فرض اي شكل من اشكال النظام في المناطق الخاضعة للتحالف، ولذلك نجح المجلس الانتقالي الجنوبي – الموالي للإمارات – من السيطرة على عدن.

كما ذهب محللون الى ان الحكومة المعينة من التحالف تفتقر إلى وجود حقيقي على الأرض، وأكدوا ان تدخل التحالف العسكري ” ادى ” إلى تقويض سلطة هادي وشرعيتها على الأرض”.

الى ذلك ظل الفساد ينخر في عظم الحكومة المشلولة التي اعتمدت طريقة الحكم عن بعد، وبداية هذا العام اتهم خبراء مكلفون من الامم المتحدة بمراقبة العقوبات الدولية المفروضة على اليمن، “حكومة هادي” بالتورط “في ممارسات تبييض أموال وفساد أثرت سلبا على حصول اليمنيين على الإمدادات الغذائية الكافية، في انتهاك للحق في الغذاء”، وأوضح خبراء الأمم المتحدة في تقريرهم أن “الحكومة اليمينة نفذت خطة لتحويل أموال من الوديعة السعودية” التي وضعتها المملكة في المصرف المركزي اليمني، مشيرين إلى أنه بموجب هذه الخطة “تم تحويل 423 مليون دولار من الأموال العامة بشكل غير قانوني إلى تجار”.

تسيطر “حكومة هادي” على محافظات حضرموت ومأرب والمهرة، وهي مثلث الثروة النفطية والغازية في اليمن، مع ذلك كانت باستمرار تعتمد على المعونة السعودية متمثلة بالوديعة التي كانت تنعش نسبيا سعر الريال اليمني هناك، وبالشحنة النفطية التي كانت تحافظ على عمل مولدات إنتاج الكهرباء.. هكذا ظلت “حكومة هادي” للسنة السابعة تفتقر الى اي استراتيجية لمواجهة التحديات الأمنية والاقتصادية التي يواجهها الشعب.

تزايد حركات التمرد

وفي الاثناء، زاد تمرد الجماعات الانفصالية في المحافظات الجنوبية وشهدت الأحداث حضورا متزايدا لها، فيما كان تحرك الكثير منها لغرض تحجيم سلطة هادي والاصلاح ومن معهما حتى صار “الانتقالي الجنوبي” الرقم الاول في عدن، فظهرت كيانات جديدة على خارطة القوى السياسية النشطة هناك مثل “مؤتمر حضرموت الجامع”، وهو المكون الذي عكس حجم الانقسامات العميقة داخل مناطق سيطرة التحالف، حيث حددت اللجنة التنسيقية العليا فيه، أجندتها السياسية فقط داخل حضرموت واستبعدت بقية جنوب اليمن، ومثل “مجلس الحراك الثوري” بقيادة أحد أهم القادة التاريخيين في الجنوب، حسن باعوم، ومثل “المجلس الانتقالي الجنوبي” الاقوى حضورا والذراع العسكري للإمارات في ارض المحافظات الجنوبية، وقد توسع هذا المجلس بدعم إماراتي وبسرعة بدأ يحاول ممارسة وظائف الدولة بالتوازي مع “حكومة هادي”، وبفضل الدعم الإماراتي، تجاوزت القوة العسكرية له في مختلف المجالات – وخاصة في عدن – قوة “حكومة هادي”، وصارت تعمل بشكل مستقل.

 

فشلت “حكومة هادي” خلال هذا العام حتى في الحفاظ على ثقة الداعم السعودي الذي تحرك للبحث عن حلفاء جدد، بينما حاول الإصلاح، وهو مرتكز أساسي في التحالف السعودي التنصل من المسئولية في كل تلك الهزائم على المستوى العسكري والأمني والاقتصادي، ووجد في تقهقر قوات التحالف من مارب فرصة لتحميل “هادي” والسعودية مسئولية ذلك، إذ هاجم بيان صادر عن “الإصلاح” وأحزاب سياسية أخرى في مدينة مأرب التحالف، واتهم “حكومة هادي” بالفشل والخذلان للجبهات في مأرب، رغم أنّ الحزب الإخواني مسيطر على هذه الحكومة، كما أعربت “الأحزاب عن استغرابها الشديد لأداء التحالف السعودي ولسوء إدارته للمهمة التي أنيطت به في الحرب”، متهماً من وصفها بـ”الشرعية بالفشل في إدارة المعركة فشلاً ذريعاً على مختلف الأصعدة، سياسياً وعسكرياً واقتصادياً وإعلامياً وعلى كافّة المستويات محلياً وإقليمياً ودولياً، وهو الفشل الذي انعكس على مشروعِ مواجهة ومقاومة قوّات حكومة صنعاء”.

قبلها في اكتوبر وعلى وقع الهزائم المتسارعة للتحالف في مارب من عدة جهات، وجه مسؤول إماراتي بارز، إهانة جديدة لـ”حكومة هادي” وميليشيات الإصلاح، واتهم مستشار ولي عهد ابوظبي ، عبدالخالق عبدالله، “حكومة هادي” وميليشيات الإصلاح والعناصر المسلحة التابعة لهما بخذلان قوات التحالف.

وأكد عبدالخالق عبدالله، أن “حكومة هادي” والقوات التابعة لها لا تستحقان الدعم السخي الذي قدم لهما من قبل دول التحالف، واعتبر عبدالخالق، أن كل دقيقة وكل دولار قدم كدعم وانفاق عليهما خسارة فيهم.

وهكذا وجد هادي وحكومته أنفسهم في وضع مكشوف بلا غطاء، ويبدوا أن العام الجديد سيشهد تحولات تقذف بهم خارج المشهد السياسي.

قد يعجبك ايضا