متابعات/وكالة الصحافة اليمنية//
رصد “المجهر الأوروبي لقضايا الشرق الأوسط” دراسة لمعهد دولي تؤكد أن أطماع الإمارات العربية المتحدة بكسب التوسع والنفوذ تتصدر سياساتها الخارجية على الرغم من انفتاحها على الحوار مؤخرا مع خصومها الإقليميين.
وقال “المجهر الأوروبي” ـوهو مؤسسة أوروبية تعنى برصد تفاعلات قضايا الشرق الأوسط في أوروباـ إن الدراسة الصادرة عن معهد كارنيغي الدولية تسلط الضوء على أن حسابات التدخل أو الدعم العسكري لم تختفِ من أجندة السياسة الخارجية الإماراتية.
وأشارت الدراسة إلى زيارة مستشار الأمن الوطني الإماراتي طحنون بن زايد، قبل أسابيع، إلى إيران باعتبارها دليلا أن حسابات الإمارات المتغيرة فيما يتصل بعلاقة أكثر براغماتية وواقعية مع جارتها الإقليمية لا تخلو أيضا من الفوائد الأمنية والاقتصادية.
ومؤخراً، أوردت “نيويورك تايمز” أن الإمارات وتركيا وإيران زوّدت قوات رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد بأحدث الطائرات المسلحة من دون طيار التي قلبت موازين الحرب في إثيوبيا لصالح القوات الحكومية ضد جبهة التيغراي.
لا تزال الاختلافات بين الإمارات من جهة وإيران أو تركيا أو قطر من جهة أخرى قوية، غير أن الإمارات ترى أن الافتقار إلى حوار ثنائي صحي مع القوى الإقليمية يجعل الأمور أكثر صعوبة لجهة تخفيف التصعيد.
كما أنها بدأت تدرك بعد عقد من سياسة المحاور والاستقطابات التي خسّرت الجميع، أن التباعد في سياسات اللاعبين في الإقليم ينبغي ألا يمنع التعاون الدبلوماسي بينهم. هنا تتبدى ملامح جغرافيا سياسية جديدة.
هذه المعاني حاضرة في زيارة طحنون العلنية إلى طهران. وإذا ما قدّمت إيران تنازلات في المحادثات النووية فسوف تساعد في تسريع التقارب الإماراتي-الإيراني.
ويمكن لعلاقات أكثر براغماتية أن تعمّق التعاون التجاري بين الإمارات وإيران حيث يتوقع أن تصل التجارة بين الجارتين إلى أعلى مستوى في الفترة المقبلة.
تعمل دولة الإمارات من خلال تحركاتها على أن تُفكك جزئياً معضلة ما يبدو تناقضاً في علاقاتها مع كل من إيران وإسرائيل وتحول دون أن يظهر التقارب بين الإمارات وإسرائيل عقب اتفاق التطبيع العام الماضي كخطوة عدائية ضد طهران.
وعلى ما يبدو، فإن زيارة طحنون إلى إيران تسهم في تخفيف قَدْرٍ من الهواجس الإيرانية حيال التقارب الإماراتي-الإسرائيلي، وهو ما قد توحي به تصريحات المسؤولين الإيرانيين، ومن ذلك قول علي باقري كني، نائب وزير الخارجية الإيراني للشؤون السياسية، كبير المفاوضين النوويين إن “الجمهورية الإسلامية والإمارات اتفقتا على فتح فصل جديد في العلاقات”.
هذا تكيّف إيراني، على مضض، مع فكرة وجود علاقات بين أبو ظبي وتل أبيب. فالعلاقة ليست علاقة عكسية أو معادلة صفرية؛ بمعنى أن علاقة الإمارات مع إسرائيل ليست بالضرورة أن تكون دفعاً للتصعيد أو الجفاء الإماراتي مع إيران، كما أن الحوار الإماراتي مع طهران لا يعني أن أبو ظبي تفرّط بالمزايا النسبية الاستراتيجية التي تجنيها من التطبيع مع إسرائيل.
وهذا مكون مهمٌ من مرحلة جديدة في الجغرافيا السياسية في الإقليم؛ حيث تفرض البراغماتية الجمع بين ما يبدو غير قابل للجمع في علاقات الدول في المنطقة تجاه بعضها بعضاً؛ إذْ تتقدم مسوّغات التواصل على سياسات وممارسات نحو عشر سنوات من انتهاج المحاور الحادة.
وفي ضوء العلاقات الإماراتية-الإسرائيلية قد تجد طهران أنّ من مصلحتها عدم فقدان التواصل مع الإمارات.
وهذا التغير في الجغرافيا السياسية يبقى مرهوناً بأن تقتنع طهران بالتحولات الجارية في حركة اللاعبين الإقليميين، وأن تكفّ عن التعويل على اللاعبين الدوليين الكبار فقط في تحديد مستقبلها ومسار علاقاتها بدول الإقليم، وبالتالي وزنها الإقليمي.
فما جعل الاتفاق النووي في 2015 يخرج عن مساره ليس فقط انسحاب الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، منه في 2018، بل قبل ذلك عدم رضا اللاعبين الإقليميين عن مخرجاته.
من جانبها، انتقدت إيران زيارة الرئيس الفرنسي ماكرون الأخيرة إلى الإمارات وما أعقبها من صفقة الرافال. وفي الحادي والعشرين من ديسمبر 2021، أطلق الحرس الثوري الإيراني صواريخ باليستية وكروز خلال مناورات حربية في الخليج، وسط تصاعد حدة التوتر مع الولايات المتحدة وإسرائيل وتسريبات حول خطط إسرائيلية محتملة لاستهداف مواقع نووية في إيران.
هذا يشير إلى أن محاولة الإمارات فك معضلة علاقاتها مع كل من إيران من جهة وإسرائيل ومعها الولايات المتحدة من جهة أخرى ليست سهلة.