نشر موقع ذي إنترسبت الدولي المتخصص بالتحقيقات الاستقصائية، فضيحة مدوية جديدة للإمارات بالكشف عن تورط خبير أممي بتبييض انتهاكات أبوظبي مقابل رشاوي مالية بالملايين.
وقال الموقع إنه بداية من 2016، قرر حكام الإمارات العربية المتحدة الانخراط بشكل كامل في فكرة الإيجابية. وقد قاموا بتركيز وجه مبتسم عملاق على بناية مركز شرطة دبي.
كما أنشأوا وزارة التسامح ووزارة السعادة، كما لو أنهم يستلهمون أفكارهم من جورج أورويل. وشرعوا في تمويل الأبحاث وإغداق الأموال على مثقفين بارزين على المستوى العالمي، لدراسة سيكولوجية وعلم السعادة.
ولكن بالنسبة للنساء اللواتي يعشن ككائنات من الدرجة الثانية، والنشطاء الذين حُكم عليهم بالسجن لسنوات بسبب منشورات فيسبوك، فإن الإمارات بالطبع ليست مكانا سعيدا، وهذه الجهود الدعائية ربما كانت لتفشل لولا الدور الذي لعبه رجل واحد: وهو عالم الاقتصاد المعروف في جامعة كولومبيا، والخبير السياسي في الأمم المتحدة، جيفري ساكس.
التركيز على السعادة
هذا الرجل ساعد الإمارات على إيصال رسالتها إلى العالم، وقد عمل على شحن هذه الموجة التي تركز على السعادة، وإلقاء الخطاب وراء الخطاب، والربط مع الملفات الكونية الملحة.
ووصف ساكس القادة الإماراتيين بأنهم نموذجيون وحكماء، وفي إحدى المرات جلس على منصة في دبي مع خبيري اقتصاد من ذوي البشرة البيضاء، ومذيع “سي إن إن” ريتشارد كويست، وساهم في الإشراف على جمع من الإماراتيين والمقيمين في فقرة تشبه ما يسمى “إذا كنت سعيدا وتعلم ذلك صفق بيديك”.
كما أن منظمة غير ربحية يقودها ساكس، وهي شبكة الأمم المتحدة لحلول التنمية المستدامة، المعروفة اختصارا بـ”SDSN”، حصلت على ما لا يقل عن ثلاثة مليون دولار من الإمارات. تم استخدام هذا المبلغ لتمويل تقرير السعادة العالمي، وهو تصنيف سنوي للدول حسب جودة الحياة، إضافة إلى التقرير العالمي لسياسات السعادة، وهو مجموعة من توصيات السياسات المبهجة ترافق التصنيفات.
كما تبرعت الحكومة الإماراتية بشكل منفصل بمبلغ 200 ألف دولار لجامعة كولومبيا من أجل البحوث في مجال السعادة، وذلك بحسب ساكس الذي قدم لموقع إنترسبت تفاصيل التبرعات لجامعة كولومبيا وشبكة الأمم المتحدة لحلول التنمية المستدامة، في معرض رده على أسئلة حول التمويل. كما أن سجلات المصاريف من معهد الأرض، وهو معهد بحثي في جامعة كولومبيا كان يترأسه ساكس سابقا، تؤكد الحصول على تمويل إماراتي، ولكن متحدثا باسم الجامعة رفض تحديد المبلغ.
عمل ساكس على تقديم مؤشر السعادة، الذي أصدرته شبكة الأمم المتحدة لحلول التنمية المستدامة، في كل مكان يذهب إليه، من مؤتمرات غوغل وحتى برنامج “مورنينغ جو” على شبكة “إم إس إن بي سي” الأمريكية، وحتى داخل أروقة الأمم المتحدة، حيث عمل كمستشار لثلاثة أمناء عامين على التوالي، وقام بالربط بين هذه البحوث حول السعادة وأهداف الاستدامة الرسمية.
ويرى الباحث ماثيو هيدغز أن ما فعله ساكس “يمثل عملية تبييض”. وفي 2018 أثناء القيام بأبحاث لإصدار أطروحة حول الاستراتيجية الأمنية للإمارات، كان هيدغز قد تعرض للاعتقال على يد الشرطة الإماراتية. وهو يقول إنه قضى سبعة أشهر في غرفة بدون نوافذ، تحت تأثير كوكتيل من المخدرات، ويسمع الصراخ عبر الجدران. وقد قام خاطفوه باستجوابه بشكل متكرر، وفي إحدى المرات استمر الاستجواب 15 ساعة.
وبعد إجباره على التوقيع على اعتراف بأنه عمل لفائدة جهاز الاستخبارات الخارجية البريطاني، تمت إدانة هيدغز دون حضور محام، وإصدار حكم بسجنه مدى الحياة. لم يتم الإفراج عنه إلا بعد أن مارست بريطانيا ضغوطا دبلوماسية. ويقول هيدغز: “في اللحظة التي تبدأ فيها بأخذ أموال من دول دكتاتورية من أجل إصدار مؤشرات سعادة، فإن أدب المدينة الفاسدة (ديستوبيا) لا يكفي لوصف هذا الأمر”. ويضيف هيدغز الذي يعمل الآن كباحث دراسات عليا في جامعة إكستر: “إن الأمر يشبه الكابوس”.