تحليل خاص/ وكالة الصحافة اليمنية
بعد أن تأكدت الولايات المتحدة من انها اصابت العروق النابضة في الأمة العربية والإسلامية بمقتل ، أقدمت على نقل سفارتها لدى الكيان الصهيوني من تل ابيب إلي القدس.
وما يحدث اليوم هو نتيجة لجهد امريكي تصاعدت وتيرته منذ العام 1991 عندما تمكن الأمريكيون من إقناع منظمة التحرير بقيادة الرئيس الراحل ياسر عرفات بالدخول بمسار مفاوضات منفرد بعيد عن الاتفاق الذي اتخذته دول الطوق في سوريا ولبنان لتوحيد مسار المفاوضات العربية مع الكيان الصهيوني والذي نتج عنه توقيع اتفاقية ” أوسلو” بمنح مقر للمنظمة التحرير في غزة والضفة الغربية و إنهاء اعمال المقاومة العسكرية الفلسطينية ضد الكيان الصهيوني، مقابل اعتراف الكيان الصهيوني بما سمي لاحقاً بالسلطة الفلسطينية ممثلاً للشعب الفلسطيني ،على أن تترك مسألة القدس وعودة اللاجئين ، معلقة لحين التفاوض لاحقاً ، وقد تم التوقيع على هذه الإتفاقية رسمياً في واشنطن عام (1993) ، إلا أن واشنطن بذلك الإتفاق إنتزعت التنازل الأول الذي سيسفر فيما بعد عن تساقط احجار الدومينو المرصوصة حجراً تلو اخر.
خلال (35) عاماً اللاحقة لاتفاقية أوسلو، أخذت واشنطن في بلورة ملامح جديدة للصراع العربي مع الكيان الصهيوني ، حيث بذلت الولايات جهوداً حثيثة في العمل على تفكيك الشعور العربي بالعداء للاحتلال الاسرائيلي ، لم يقتصر على ضمان وجود انظمة عميلة في الدول العربية ،بل شمل في هجومه حتى تبديل نفسيات المواطن العربي من خلال هجمة القوة الناعمة عبر الاعلام ، فقد تم تغير مصطلح ( جيش العدو الصهيوني ) الذي كان مستخدماً في الإعلام العربي واستبداله بمصطلح (الجيش الاسرائيلي) ، وخلال تلك المدة أخذت مكاتب التطبيع بين بعض الدول العربية والكيان الصهيوني تنتشر بين الدول العربية على هيئة قنصليات ومكاتب تمثيل تجاري ، بعد افتتاح السفارات الاسرائيلية في مصر والاردن ، كما أمعنت واشنطن في إذلال العرب إبتداء من حرب الخليج الثانية ، ومروراً بإحتلال العراق في مارس 2003 ، وتم إيجاد قنوات عربية مثل الجزيرة والعربية والتي عملت على افراد مساحة في نشراتها الإخبارية وبرامجها الحوارية لضيوف صهاينة يبرون قتل العرب الفلسطينيين ، بغرض تقريب إسرائيل لأذهان المتلقي العربي بحيث تخرج اسرائيل من كونها كياناً غريباً بالنسبة للمواطن العربي وتتحول إلى كيان مقبول ، إضافة إلى ادخال العرب بحالة من فقدان السيادة وفقدان السيطرة من خلال ابتكار العصابات الارهابية وحرب الارهاب.
وقد مهدت الخلفية السابقة في تشكيل الملامح التي رست عليها الأوضاع في المنطقة العربية وعلى رأسها القضية الفلسطينية ، وتعد خطوة نقل السفارة الأمريكية إلى القدس من وجهة نظر الكثيرين أكبر نقلة في محو القضية الفلسطينية، في إطار التمهيد لإعلان القدس عاصمة للكيان الصهيوني، على أن واشنطن ستعمل خلال الفترة القادمة على إعدام حق العودة للفلسطينيين ، عبر توطينهم في مختلف دول العالم . حيث تشير التوقعات إلى أن دول الخليج ستعمل خلال الفترة القادمة على تقديم عروض مغرية للفلسطينيين بغرض توطينهم فيها.
على أن العراقيل التي تواجهها واشنطن بنشوء محور المقاومة العربية تهدد بنسف المشروع الأمريكي في المنطقة ، حيث يبدو محور المقاومة في تصاعد لم يعد معه من الممكن أن تمضي التوجهات الأمريكية بسلاسة في المنطقة العربية ، ولا يمكن على اساسه الاعتقاد بأن الفلسطينيين لن يكونوا بمفردهم في مواجهة المشاريع الصهيونية على فلسطين والأمة العربية بشكل عام، فقد اقر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأن بلاده انفقت 7 تريليونات دولار في الشرق الأوسط، وقال أن هذا غباء ، دون أن يوضح اين ولماذا تم انفاق ذلك المبلغ الضخم، لكن ما يبدو واضحاً أن واشنطن انفقت تلك المبالغ لتطويع الشعوب العربية وجعلها غير قادرة على مواجهة المشاريع الصهيونية في المنطقة ، والتي باتت مهددة بالاجهاض على يد محور المقاومة العربية.