متابعات / وكالة الصحافة اليمنية //
وسط تعتيم على هوية الخاطفين المنتمين إلى تيار متشدّد يتبع تنظيم «القاعدة»، تخوض الأمم المتحدة مفاوضات شاقّة، عبر وسطاء محلّيين، من أجل الإفراج عن خمسة من موظّفيها كانوا تعرّضوا للخطف قبل أيام.
وتعيد هذه الحادثة تسليط الضوء على مساحة النفوذ التي يتمتّع بها التنظيم في محافظة أبين، تحت غطاء من “حكومة عبد ربه منصور هادي” والتحالف السعودي – الإماراتي، الذي كان يهيّئ لاستخدام «القاعديين» في معركة جديدة بين مأرب والبيضاء.
تحوّلت مديرية الوضيع في محافظة أبين (جنوب) إلى «إمارة خاصة» بتنظيم «القاعدة»، بعدما فرض التنظيم، تحت غطاء «الشرعية»، سيطرته على مناطق واسعة في المنطقة الوسطى الواقعة بين مديريتَي لودر والوضيع.
وأقدم عناصر «القاعدة»، مساء الجمعة الماضي، على إيقاف خمسة من العاملين الدوليين التابعين للأمم المتحدة، أثناء مرورهم في نقطة واقعة بين منطقة الخديرة ومديرية مودية في المنطقة الوسطى، بينما كانوا متوجّهين إلى مدينة عدن من محافظة شبوة، وفقاً لما أفادت به مصادر معنيّة «الأخبار»، موضحة أنه تمّ اختطافهم بعدما تأكّد عناصر التنظيم من أنهم موظفون دوليون، علماً أن هؤلاء هم مدير مكتب الأمن والسلامة التابع للأمم المتحدة البلغاري آكم سوفيول، والمنسّق الأمني مازن باوزير، والمنسّق الخاص محمد المليكي، إضافة إلى مرافقَين، بحسب ما بيّنته مصادر عاملة في المنظّمة الدولية في مدينة عدن.
وأكدت المتحدثة باسم الأمم المتحدة، إيري كانيكو، حادثة الاختطاف، لكنها لم تَذكر الجهة الخاطفة، والتي تحفّظت عن ذكرها حكومة الرئيس المنتهية ولايته، عبد ربه منصور هادي، أيضاً، زاعمةً أن الخاطفين «مسلّحون مجهولون»، في ما اعتُبر تستّراً على «القاعدة» الذي صار جزءاً من التكتّلات الموالية لحكومة هادي، والمموَّلة من التحالف السعودي – الإماراتي.
وعلى رغم إعلان الأمم المتحدة، الأحد الماضي، أنها تعمل مع حكومة هادي للإفراج عن موظّفيها الخمسة، إلّا أن المصادر المعنيّة أكدت أن مصير الموظّفين يلفّه الغموض؛ «كون الخاطفين ينتمون إلى تيار متشدّد يتبع تنظيم القاعدة المنتشر في عدد من مديريات محافظة أبين الواقعة تحت سيطرة حكومة هادي، ويتّخذ من مديرية الوضيع، مسقط رأس الرئيس المنتهية ولايته في أبين، معقلاً رئيساً له، بعلمٍ من تلك الحكومة ومن السعودية التي أوكلت مهمة دعم عناصر التنظيم للقيادي السلفي، قائد لواء الأماجد الموالي لها، صالح الشاجري، بعدما فقد هؤلاء معاقلهم في الصومعة والزاهر في محافظة البيضاء العام الفائت، إثر تحريرهما من قِبَل الجيش اليمني واللجان الشعبية».
وفي وقت تَجري فيه عملية تفاوض منذ أيام بين الأمم المتحدة وعناصر «القاعدة»، تقودها لجنة مشكّلة من أربعة وسطاء من بينهم مديرا مديريتَي مودية والوضيع، تُواجه اللجنة صعوبات في مهمّتها، بسبب الشروط التعجيزية التي وضعها التنظيم، وتتضمّن الإفراج عن عدد كبير من قياداته وعناصره من سجون تابعة لـ«المجلس الانتقالي الجنوبي» في مدينة عدن، وهي سجون خارجة عن سيطرة حكومة هادي، فضلاً عن طلب فدية مالية تتجاوز مليون ريال سعودي.
طلب «القاعدة» مليون ريال سعودي والإفراج عن عناصره من سجون «الانتقالي» مقابل تحرير الموظفين الأمميّين
وكان محافظ أبين المحسوب على حكومة هادي، العميد أبو بكر سعيد، شكّل لجنة محلية للتفاوض مع خاطفي موظّفي الأمم المتحدة، بعد أن التقى، برفقة وفد أممي، قائد «اللواء الثالث – حماية رئاسية» التابع للرئيس المنتهية ولايته، لؤي الزامكي، وهو قيادي متشدّد مقرّب من «القاعدة»، وكان أحد أعضائه قبل أن ينضمّ إلى قوات هادي.
وبحسب المعلومات، فإن الزامكي هو من يتولّى عملية التفاوض مع «القاعدة»، فيما «أدارت الرياض ظهرها للأمم المتحدة ولم تتدخّل حتى الآن للإفراج عن الموظفين المختَطفين». وجاءت هذه الحادثة بعد أسبوعين من استدعاء وزارة الدفاع في الحكومة الموالية للرياض، الزامكي، من محافظة أبين إلى محافظة مأرب، للترتيب لتصعيد جديد يخوضه التنظيم، بدعم من «التحالف»، في مناطق التماس الواقعة بين محافظتَي أبين والبيضاء.
ووفقاً لمصادر استخباراتية، فإن الزامكي، وأثناء لقائه بوزير دفاع هادي، محمد المقدشي، نقل طلب «القاعدة» في أبين ضمانات أبرزها إبقاء سيطرته على المناطق التي يُفترض أن يستولي عليها إثر العملية الجديدة، إضافة إلى استيعاب بعض عناصره في إطار القوات الموالية للرئيس المنتهية ولايته.