المصدر الأول لاخبار اليمن

واشنطن تفقد السيطرة.. شواهد على انحسار الهيمنة الأمريكية في الشرق الأوسط والعالم

تقرير/ وكالة الصحافة اليمنية//   تبرز العديد من المتغيرات في الساحة الدولية، وفي الشرق الأوسط على وجه الخصوص، بما يؤكد انحسار الدور الأمريكي في العديد من القضايا الدولية بشكل واضح، منذ صعود دونالد ترامب. ولعل أبرز هذه المتغيرات هي تحجيم مشاركة الولايات المتحدة في  الاتفاقيات والانسحاب من المعاهدات الدولية، بالإضافة الى تراجع دور الولايات المتحدة […]

تقرير/ وكالة الصحافة اليمنية//

 

تبرز العديد من المتغيرات في الساحة الدولية، وفي الشرق الأوسط على وجه الخصوص، بما يؤكد انحسار الدور الأمريكي في العديد من القضايا الدولية بشكل واضح، منذ صعود دونالد ترامب.

ولعل أبرز هذه المتغيرات هي تحجيم مشاركة الولايات المتحدة في  الاتفاقيات والانسحاب من المعاهدات الدولية، بالإضافة الى تراجع دور الولايات المتحدة كقوة دولية فاعلة، مع ظهور أزمة الثقة بينها وبين الحلفاء واضطرار واشنطن إلى تبني مواقف صريحة تدعم الأنظمة الاستبدادية.

في حين أن الاحداث الداخلية الأمريكية ربما كانت أسوأ بكثير، كاقتحام مبنى الكونغرس ، لينكشف المشهد أمام دول العالم دون أن تتمكن واشنطن من مواربة حقيقة فقدانها لدفة الهيمنة المطلقة على النظام العالمي.

فمنذ أن رفض الرئيس السابق “دونالد ترامب ” نتائج الانتخابات التي فاز فيها “جو بايدن” ووصفه العملية الانتخابية بالتزوير والسرقة، لم يكن هناك من يتصور أن نقاشاً من هذا النوع قد يحدث في “أمريكا” التي كانت تعتبر نفسها البلد الديمقراطي الوحيد في العالم .

ومما يؤكد اهتزاز الديمقراطية الأمريكية بصورة غير مسبوقة، هو مشهد احتشاد الآلاف من أنصار ترامب، الكثير منهم مدجج بالسلاح، لاقتحام مبنى الكابيتول وحدوث مواجهات أدت الى سقوط عشرات الجرحى وستة من القتلى، وهروب أعضاء الكونغرس، وسط مشاهد من الفوضى ، بثتها عدسات العالم أجمع لحظة بلحظة.

الحرب على اليمن 

من الوضع الداخلي المضطرب في امريكا إلى سياسة واشنطن الخارجية، لا ننسى عبارة “أمريكا” التي رفعها الرئيس “جو بايدن” شعارا لإدارته، على غرار شعار ترامب ” أمريكا أولاً” وهي شعارات تؤكد أن مأزق الولايات المتحدة لم تتغير بين إدارتي ترامب وبايدن، حيث تشير تلك الشعارات أن واشنطن تخوض صراعاً مريراً للمحافظة على مكانتها في العالم.

فكانت أول القرارات التي اتخذها “بايدن” بشأن ملفات الشرق الأوسط هي إعلانه وقف الدعم الأمريكي للسعودية والإمارات في العمليات العسكرية للتحالف على اليمن، مطلع فبراير 2021 ، وتعيينه لمبعوث أمريكي خاص باليمن ، وظن الجميع انها تهدف الى  “إنهاء الحرب على اليمن”.

وها هو العام 2021 قد رحل بينما الحرب على اليمن لا تزال مستمرة وتزداد مأساويتها على اليمنيين.

قرارات “بايدن “وخطاباته الحماسية لم تحقق أي تقدم من أي نوع في مأساة الحرب على اليمن، وهو دليل واضح على مدى تراجع التأثير الأمريكي في منطقة الشرق الأوسط، التي كانت منطقة نفوذ أمريكي خالصة تقريباً على مدى عقود طويلة.

الحرب على غزة وتماهي الدور الأمريكي لإيقافه

خلال الأشهر الأولى من العام 2021، بدا جلياً أن الصراع الصهيوني  – الفلسطيني لا يمثل أولوية لإدارة بايدن، كون واشنطن لم تعين سفيراً لها لدى تل أبيب، ولا لدى السلطة الفلسطينية، وغابت فلسطين عن السياسة الخارجية الأمريكية ، لذلك عندما اشتعلت الحرب على غزة في مايو2021 ، من قبل رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو، سعياً منه للبقاء في منصبه، كانت إدارة بايدن آخر من يعلم.

فيما ثبت أن الدور الأمريكي بعد 11 يوماً من بدء المواجهات بين الاحتلال الإسرائيلي والمقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، بدى متخبطاً وبدون أهداف استراتيجية، حيث لجأ بايدن إلى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الذي كان الرئيس الأمريكي قد توعد بعدم التساهل معه بسبب انتهاكات حقوق الإنسان، لتتوسط القاهرة ويتم التوصل لوقف إطلاق النار.

ورغم مواصلة الاحتلال الإسرائيلي انتهاكاته بحق الفلسطينيين، والسعي لتهجير الفلسطينيين من بيوتهم، وبناء مستوطنات في الأراضي المحتلة، والتنكيل بالأسرى، عادت الإدارة الأمريكية لتجاهُل الملف الأساسي في صراعات الشرق الأوسط، بعد أن بات واضحاً أن “قلة الحيلة” أصبحت السمة الأبرز للدور الأمريكي في المنطقة.

وقلة الحيلة الأمريكية في ملفات الشرق الأوسط لم تتجلَّ فقط في فلسطين، فالانقلاب الذي قام به عبد الفتاح البرهان، قائد الجيش السوداني، يوم 25 أكتوبر، مؤشر آخر على تراجع الدور الأمريكي في المنطقة بشكل بات صعباً أن يجادل فيه أحد.

إذ كشفت تقارير أمريكية أن فيلتمان، المبعوث الأمريكي لمنطقة القرن الإفريقي، الذي كان متواجداً في الخرطوم حتى قبل ساعات من الانقلاب، اجتمع مع البرهان مساء الأحد 24 أكتوبر2021 ، ووجه الأول للثاني “تحذيراً” من الإقدام على الانقلاب على المرحلة الانتقالية والشراكة مع المدنيين، “حسب ما فادت بعض المصادر”.

فيما استيقظ السودانيون والعالم، صباح الإثنين 25 أكتوبر 2021، على حملة اعتقالات، شملت رئيس الوزراء عبد الله حمدوك وعدداً من وزرائه ومستشاريه، وقادة قوى “إعلان الحرية والتغيير”، المكون المدني في السلطة الانتقالية في البلاد، ثم ألقى البرهان بياناً في اليوم نفسه، أعلن خلاله جملة قرارات أنهت عملياً الشراكة بين العسكر والمدنيين في البلاد.

وفي ليبيا أُجلت الانتخابات، التي كانت مقررة 24 ديسمبر 2021، رغم أن انعقاد تلك الانتخابات في موعدها كان هدفاً آخر للسياسة الخارجية الأمريكية في المنطقة.

بينما فشلت الولايات المتحدة، في مساعيها لاستبعاد الحكومة السورية، وفرض نظام بديل موالي لواشنطن في سوريا، ويبدو أن عودة سوريا إلى محيطها العربي بشكل كامل باتت مسألة وقت.

الانسحاب من أفغانستان

كان الانسحاب الأمريكي من أفغانستان، في أغسطس 2021، واحداً من أبرز الدلائل على غروب شمس الهيمنة الأمريكية على العالم ايضاً، حتى إن ترامب وصفه بالمشهد “المهين”، وطالب بايدن بالاستقالة.

فبعد 20 عاماً من احتلال أفغانستان للإطاحة بحركة طالبان، انسحبت أمريكا بصورة فوضوية، ذكّرت الأمريكيين والعالم بالحرب على فيتنام والانسحاب الأمريكي منها، بعد إنفاق تريليونات الدولارات والتسبب في مئات الآلاف من القتلى وملايين المصابين والنازحين، دون أن تحقق واشنطن شيئاً، باستثناء اهتزاز ثقة الحلفاء في الالتزام الأمريكي بشكل عام.

وربما يكون خطاب الرئيس جو بايدن حول الانسحاب من أفغانستان، ووصفه لتلك الكارثة المهينة “بالنجاح غير العادي”، مؤشراً على مدى تركيز الرئيس على توجيه الخطاب إلى الداخل الأمريكي المنقسم بشدة، فقد أكد على “تحقيق الولايات المتحدة أهدافها كاملة” في أفغانستان، رغم أن طالبان عادت للحكم هناك، في تناقض صارخ مع التوجهات التي حاربت واشنطن من أجل فرضها على افغانستان.

وكانت الصورة المتداولة عبر وسائل الإعلام التقليدية ومنصات التواصل الاجتماعي حول العالم، للواء في الجيش الأمريكي “كريس دوناهيو”، قائد الفرقة الـ82 المحمولة جواً، وهو آخر عنصر من القوات الأمريكية يغادر أفغانستان، رمزاً للانكسار الأمريكي، وليست رمزاً لما وصفه بايدن بالنجاح وتحقيق الأهداف، بحسب أغلب المحللين الأمريكيين أنفسهم.

التحدي الروسي والخطر الصيني

بعد أن كانت الولايات المتحدة تكاد تكون القوة الأكثر سيطرة وقدرة على فرض رؤيتها وهيمنتها على العالم خلال السنوات والعقود الماضية، كشفت الأحداث الأخيرة، عما يمكن وصفه بعالم متعدد القوى، فالصين أصبحت منافساً فرض نفسه بقوة، بينما رفعت روسيا راية التحدي عالية، وها هو فلاديمير بوتين يستعرض قوته في أزمة أوكرانيا ويضع “خطوطه الحمراء” لساكن البيت الأبيض.

ولا يبدو أن واشنطن تمتلك الأدوات اللازمة لمنع بوتين من غزو أوكرانيا، ويتضح هذا من الحديث والتهديدات الأمريكية بفرض عقوبات “ضخمة” إذا ما أقدم بوتين على غزو أوكرانيا، في حين ان التهديدات لم تجدي نفعاً لفرض عقوبات رادعه لبوتين عام 2014، عندما ضم شبه جزيرة القرم وضمها إلى روسيا؟ على الرغم من أن  روسيا وقتها كانت أضعف كثيراً اقتصادياً وعسكرياً مما هي عليه اليوم، بينما كانت الولايات المتحدة أقوى كثيراً مما هي عليه اليوم.

أما الصين فيبدو أنها ماضية في تنفيذ خططها لاستعادة تايوان إلى الوطن الأم ، وخصوصاً بعد الانسحاب الأمريكي من أفغانستان، والرسالة السلبية التي وصلت لحلفاء واشنطن ومنهم تايوان بالطبع.

ويمكن تلخيص انحسار الهيمنة الأمريكية بدءا باقتحام الكونغرس وتحويل رمز الديمقراطية الأمريكية إلى مادة للسخرية والتهكم، والفشل الذريع في إيقاف الحرب على اليمن، أو على الأقل إيقاف تصدير الأسلحة للسعودية والامارات، بالإضافة الى فشلها في توقيع الاتفاق النووي مع إيران، بالإضافة الى الانسحاب من أفغانستان بذلك الشكل المهين، وهذا يثبت ان الولايات المتحدة تعاني من تراجع غير مسبوق في “هيبتها” ونفوذها حول العالم، وفي جميع المناطق، فهل يكون نهاية العام 2022 هو بداية النهاية للإمبراطورية الأمريكية؟

قد يعجبك ايضا