“في المواقف تُعرف الرجال”، وفي الحرب يظهر المنتمون للأرض، المدافعون عن الكرامة والعرض، المجاهدون ضد أي عدو غاشم، يوجه آلياته الحربية المدمرة ومقاتلاته ليغتال المدنيين كبيرهم والصغير، الرجال والنساء دون رحمة.
في يوم الخميس الـ 24 من فبراير الماضي، أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بدء عملية خاصة في إقليم دونباس الذي يضم منطقتي لوغانسك ودونبتسك، لتحقيق استقلال كامل للبلدين بعيدًا عن السيطرة الأوكرانية عليهما.
في ذات اليوم (الخميس) وفي الـ 26 من مارس 2015م، استيقظ اليمنيون على وقع غارات عنيفة، تبعها بيان لقوات التحالف بقيادة أمريكا أُعلن فيه الحرب على اليمن، تحت مبرر استعادة شرعية حكومة المستقيل (هادي)، هذه الحرب التي ستدخل عامها الـ 8 ، قُتل على إثرها 377 ألف مدني، ووصل الحال بـ 20 مليون إلى هاوية المجاعة، يقابل كل هذه الارقام، صمت مخزٍ للأمم المتحدة، ومراوغة مستمرة، ودعم غربي للاستمرار في قتل شعب اليمن.
ما حصل في أوكرانيا، هو أن رموز سياسية وفنية ورياضية وحتى ملكات الجمال والعديد من النساء المسنات والأطفال، حملوا الأسلحة وبذاو يتدربون على كيفية استخدامها؛لمواجهة الجنود الروس في حال وصلوا إلى داخل المدن وشوارعها, بينما في اليمن، كان أبرز من يدعون انتمائهم للوطن من رموز السياسة يتجهون إلى الرياض وأبو ظبي لتأليب دول العالم على مسقط رأسهم “اليمن” وحشدوا المقاتلين داخليًا وخارجيًا لمساعدة دول التحالف في إسقاط صنعاء ووأد قيادة تتخذ من القرآن الكريم منهجًا لتحقيق العدل وعزة المسلمين في سائر الدول المستضعفة التي أشبعتها السياسة الأمريكية- البريطانية قتلا وفقرًا واستغلالًا لمواردها وثرواتها.
تحرك شعبي أوكراني
في اليمن، عمد عملاء التحالف داخليًا إلى تشكيل خلايا لرفع الإحداثيات سواء عن معسكرات أو أماكن تجمع الجيش واللجان الشعبية أو منازل واجتماعات حكومة الإنقاذ، ليتم قصف تلك المناطق، وتدميرها وقتل ساكنيها وفقًا لمعلومات كاذبة هدفها إراقة دماء المدنيين، أما في أوكرانيا فقد لجأ السكان إلى تغيير لوحات الطرق الإرشادية في عددٍ من المدن لإرباك القوات الروسية على أراضيهم وتشتيتهم للوقوع في الكمائن التي تم نصبها بمجهودات السكان بالتنسيق مع عناصر من الجيش الأوكراني.
قنابل المولوتوف
في مبادرة خادعة تحت مبرر”الدفاع عن الوطن” دعا أعضاء حكومة المستقيل (هادي) أمريكا وبريطانيا، مجلس الأمن إلى تصنيف أنصار الله جماعة إرهابية، كما حثوا السعودية والإمارات على تزويد ميليشياتهم بالأسلحة، وهللوا لقصف صنعاء والمحافظات المحررة من العدوان بالقنابل العنقودية المحرمة وغيرها من الأسلحة الخطيرة، فيما قام المواطنون في أوكرانيا بتصنيع قنابل ” المولوتوف” لمواجهة الآليات العسكرية الروسية، فهبوا في عدة مدن لتعبئة قناني زجاجية بالبنزين والزيت لتصبح قنابل مولوتوف، ودخلوا بكثافة إلى مئات المواقع على الإنترنت التي تعرض مجانا صورا ولقطات فيديو لكيفية تصنيع هذه القنابل بصورة سهلة وبسيطة وغير مكلفة.
خنادق ومتارس
لم يتوان المرتزقة في استخدام كل الوسائل من أجل أن يمكنوا دول التحالف من تثبيت أقدامها في اليمن، فمن تسليم سقطرى إلى باب المندب والمخا، قدم المرتزقة ا أرواحهم لخدمة المشروع الصهيو أمريكي الذي يطمع بالسيطرة على المنافذ البحرية، وفي العاصمة كييف وريفها عمد السكان إلى حفر الخنادق وفرض نقاط تفتيش تحسبًا لأي هجوم روسي.
عمدة قرية خوموتينتسي التي تبعد 225 كيلومتر جنوب غرب العاصمة كييف، أوكسانا مودريك قالت، “أنا فخورة جدا بشعبنا”. وأردفت: “قريتنا صغيرة جدا لدرجة أنني كنت أفكر هل لدينا أي شخص يقوم بدوريات في الشوارع؟ اعتقدت أنه ربما يأتي ثلاثة رجال على الأكثر لشغل هذا الدور معي. ولكن في يوم واحد بعد اندلاع الحرب، قمت بتسجيل أكثر من 30 شخصا”.
مشاهير في قلب المعركة
كان لطبقة المثقفين والمشاهير الأوكرانيين في مختلف المجالات رأيًا ثابتًا تجاه بلادهم، لم ينضموا إلى الصف الروسي، ولم يصرحوا ضد قيادتهم كما حصل في اليمن، حين تحول عددًا من الشخصيات المعروفة إلى أبواق تناصر التحالف، سواء بالكلمة أو الأغنية أو عبر المسرح والدراما والبرامج الساخرة، في حين بذل البعض من رجال المال والأعمال أموالهم لخدمة الأعمال العدوانية في اليمن، حتى أن أحدهم (حمود المخلافي) استثمر في تركيا لتقديم الدعم لما أسماهم بالمقاومة وبالمثل، تحولت عائلة الأحمر إلى عدو أول للشعب اليمني من خارج الحدود.
فيما يُساند مشهورو أوكرانيا واثرياهم حكومتهم، وتقدموا المعارك وعملوا على تجنيد مقاتلين من حسابهم الخاص.
بحسب وسائل إعلام أوكرانية وعالمية، أعلن العديد من نجوم الرياضة والفن والجمال الأوكرانيين تطوّعهم للقتال إلى جانب الجيش الأوكراني، ضد روسيا، وفي السياق، أعلنت ملكة جمال أوكرانيا السابقة أناستاسيا لينا، في حسابها على “إنستغرام”، انضمامها إلى الجيش الأوكراني. وقالت في منشور باللغة الإنكليزية السبت: “كل من يعبر الحدود الأوكرانية بقصد الغزو سيُقتل”، مصحوباً بصورة لجنود مسلحين يغلقون طريقاً.
الباريتون يورشوك
وتعهد مغني الأوبرا الأوكراني يوري يورشوك بالتوجه إلى الخطوط الأمامية لصدّ جيش الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ووصف مغني الأوبرا، البالغ من العمر 35 عاماً، الهجوم بأنه يتم “بدم بارد”، ودعاً إلى منطقة حظر طيران فوق بلاده.
وقاد المغني أندريه خليفنيوك سيارته حاملاً أطفاله إلى منزل الجدة ليكونوا في أمان قدر المستطاع، بعد اتخاذه قرارا بالانضمام إلى الحرب، بدورهما، تعهّد أسطورتا الملاكمة الأخوان فيتالي وفلاديمير كليتشكو بالقتال في الخطوط الأمامية لأوكرانيا.
وقال نجم التنس الأوكراني سيرجي ستاكوفسكي (36 عاماً) إنه سيقاتل من أجل بلاده.
التاريخ يدون
الوطن هو الوطن، غير قابل للمساومة، ولا تليق به الخيانات، كل الذين باعوا أوطانهم أو كانوا معاول يستخدمها الأعداء للقتل والتدمير، يتم التخلص منهم تباعًا وبالتدريج.
تدرك السعودية والإمارات أن ما يقوم به عملائهم هنا في اليمن، أو الذين يقطنون الفنادق، أن الأموال التي تمنحها لهم هي ثمنهم، وأنهم مجرد أدوات متى أفضى مسار الحرب إلى مفاوضات شاملة وسلام، ستتخلص منهم، حيث لم يعودوا محل ثقة مطلقًا، أما صنعاء التي اكتوت بنيرانهم ستتعامل معهم كمنبوذين ولن تقبلهم مالم يعيدوا أشلاء الأطفال لتنبض بالحياة، ويحولوا دموع الحزن في عيون النساء والآباء إلى دموع فرح.
التاريخ يدون المواقف، ويسجل الرجال في قائمة بيضاء بأحرف من نور، فيما يلفظ ذات التاريخ كل الخونة والعملاء ومن باعوا أوطانهم وشعوبهم إلى مزبلته التي تعج بقصص كثيرة مماثلة.