تقرير/عبدالكريم مطهر مفضل//وكالة الصحافة اليمنية//
يحبس العالم أنفاسه إزاء التطورات الأخيرة في المشهد اليمني التي باتت تداعياتها لا تختلف كثيراً عن تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية في زعزعة السلم والاستقرار الدولي، حيث يخشى الكثير من المراقبون خروج المواجهات والمعارك الجارية في اليمن وداخل الحد الجنوبي للسعودية عن نطاقها الجغرافي، ما قد يؤدي إلى نشوب صراع دولي وإقليمي مباشر.
التطورات العسكرية الأخيرة في المشهد اليمني، أثرت فعلياً في تفاقم التوترات الدولية والإقليمية، بشكل أكبر وأوسع من السابق، والتي بدأت تلوح معالمها في الأفق جراء تنامي الصراع الدولي بين روسيا والغرب وتضارب المصالح فيما بين دول التحالف، بشأن تقاسم كعكة اليمن.
توجس دولي
مراقبون للمشهد اليمني، أكدوا أن ما حدث في اليمن إثر التدخل الأجنبي طوال 7 سنوات، أدى إلى تفاقم التوترات الإقليمية والدولية بشكل كبير، حيث أبدت العديد من الدول الغربية التي دعمت ذلك التدخل قلقها الكبير، جراء ظهور تنافس كبير فيما بين دول التحالف على تقاسم ثروات اليمن من جهة، وفيما بينها وبين قوى دولية ودول إقليمية من جهة أخرى، بشأن السيطرة على الموقع الاستراتيجي الهام لليمن الذي يربط بين قارتي آسيا وأفريقيا والمحيط الهندي والذي يعتبر أيضاً من أهم الطرق البحرية للبضائع وسفن النفط.
كما لم تخفي دول التحالف والقوى المساندة والداعمة للغزو الأجنبي لليمن عن قلقها الكبير، من التطور الكبير والمتسارع للقدرات العسكرية اليمنية في صناعة الصواريخ والطائرات المسيرة، الذي نفذ العديد من الهجمات داخل عمق دول التحالف واستهداف منشئات نفطية في السعودية والإمارات الأمر الذي تسبب في ارتفاع كبير لأسعار المشتقات النفطية، وإيجاد فجوة كبيرة في ضمان إمدادات الأسواق العالمية بالنفط.
صراع المصالح
ويُنظر المراقبون، إلى أن الحرب في اليمن على أنه جزء من صراع إقليمي فيما بين دول المنطقة خاصة بين إيران وخصومها الغربيين والخليجيين، حيث بررت دول الخليج مشاركتها في التدخل الأجنبي بأنه يأتي بهدف وقف تمدد إيران في المنطقة ودعمها ماليا وعسكريا لقوات حكومة صنعاء، وهو ما تنفيه طهران بقوة، والتي تتهم بدورها جيران اليمن الخليجيين بتنفيذ أجندات القوى الغربية وعلى رأسها أمريكا وكيان الاحتلال الصهيوني في المنطقة بشكل عام وفي اليمن بشكل خاص.
وأشار المراقبون، إلى أن موقع اليمن الاستراتيجي الذي يقع على مضيق يربط البحر الأحمر بخليج عدن والمحيط الهندي، والذي يمر عبره الكثير من شحنات النفط العالمية، يأتي أيضاً ضمن أجندات الصراع الدولي والإقليمي.
وأكد المراقبون، أن تدخل القوى الإقليمية والدولية في الحرب على اليمن ، بما في ذلك الولايات المتحدة وبريطانيا والكيان الصهيوني ودول الخليج، تسبب في فقدان “حكومة هادي” وحكومة الإنقاذ في صنعاء على حد سوى، سيطرتهما على العديد من المدن والموانئ والجزر وحقول النفط اليمنية لصالح بناء قواعد عسكرية للعديد من دول التحالف وحلفاؤها وعلى رأسها دولة الكيان الصهيوني والإمارات وبريطانيا وأمريكا، كما هدد بجر البلاد إلى الانقسام وعودة التشطير .
ورأي المراقبون والمحللون، أن إضعاف السيادة اليمنية من خلال اقتطاع أجزاء منه لاحتلاها ستدفع دول أخرى في المنطقة إلى تدخل عسكري مباشر سوى من أجل حماية أمنها القومي مثل إيران أو من أجل حماية مصالحها كروسيا والصين أو من أجل اغتنام ما يمكن اغتنامه من كعكعة اليمن كتركيا ودول أخرى، مشيرين إلى أن الصراع على اليمن قد طال بعض دول التحالف كما يحدث حالياً في المحافظات المحتلة بين الإمارات وقطر.
دعوة سعودية لحماية دولية
طالبت السعودية أمس الإثنين، بتدخل عسكري مباشر من قبل أمريكا والغرب لحمايتها من الهجمات الصاروخية والطيران المسير على خلفية العملية العسكرية الجديدة لقوات صنعاء التي حملت اسم “عملية كسر الحصار”.
وأكدت الخارجية السعودية، في بيان، أن المملكة لم تعد بمقدورها حماية المنشئات النفطية لشركة أرامكو من الهجمات القادمة من اليمن.
وأشار البيان، إلى أن السعودية تخلي مسؤوليتها عن أي نقص في إمدادات النفط للأسواق العالمية.
وأكد المراقبون، أن ذلك البيان الذي صنفه العديد منهم بـ”الانهزامي” يأتي في إطار الاعتراف السعودي الصريح بفشل المملكة وحلفاؤها بالاستمرار في الحرب على اليمن، الذي باتت موازين القوى فيه تنقلب لصالح قوات صنعاء، وبأنها اصبحت على وشك أن تخسر بشكل كلي منشئاتها النفطية والقدرة على إمداد الأسواق العالمية بالنفط.
وأضاف المراقبون، أن المملكة وجهت من خلال بيان خارجيتها، دعوة صريحة لتدخل عسكري أوسع وبشكل مباشر من قبل الغرب
يأتي ذلك بعد شهر واحد من طلب إماراتي مماثل بحمايتها من هجمات قوات صنعاء على منشاتها النفطية والحساسة في أبوظبي ودبي بعد استهدافهما بصواريخ بالستية وطائرات مسيرة ضمن عملية “اعصار اليمن”.
وأشار المراقبون، إلى أن الطلب السعودي والإماراتي من الولايات المتحدة والغرب بحمايتهما وتدخلهما العسكري بشكل مباشر، يؤكد جلياً أن المنطقة مقبلة على أحداث وتطورات ساخنة.
اليمن قوة ردع إقليمية
اليمن لم تعد بعد اليوم عن منأى الصراعات الدولية لكون الأحداث والتطورات المتسارعة طوال سنوات الحرب الماضية كشفت أن القوات اليمنية باتت قوة ردع استراتيجي للدول المشاركة في الحرب عليها، وأنه بمقدورها أن تكون لاعب استراتيجي قوي في المنطقة وحليف استراتيجي لخصوم دول التحالف وعلى رأسها روسيا والصين الخصوم الأكبر للولايات المتحدة والغرب.
روسيا بدورها لم تخفي أن قوات حكومة الإنقاذ الوطني في صنعاء هي الأنسب في المنطقة لتكون حليف استراتيجي جيد لموسكو على المستوى العسكري خاصة في مواجه دول الخليج في حال استجابت لتوجيهات الغرب بزيادة إنتاج النفط أو المشاركة في حرب العقوبات الاقتصادية التي تشنها الولايات المتحدة والغرب ضد روسيا على خلفية حلاب الأخيرة مع أوكرانيا.
وأشار المراقبون، إلى أن موسكو سربت الأسبوع الماضي، بشكل متعمد تهديد صريح لدول الخليج من إمكانية تزويد قوات صنعاء بصواريخ استراتيجية متطورة، من خلال نشر مقال تحليلي للكاتب والمحلل الروسي “الكسندر نازاروف” في كافة وسائل الإعلامية الروسية.
وألمح نازاروف، إلى إمكانية تزويد موسكو لقوات صنعاء بتكنولوجيا صناعة الصواريخ الاستراتيجية المتطورة في حال أقدمت دول الخليج وعلى رأسها السعودية على رفع إنتاجها من النفط بما يساعد أوروبا على سد حاجتها من الطاقة.
كما أن الرئيس الروسي فيلاديمير بوتين وكبار المسؤولين الروس، تطرقوا للمرة الأولى في العديد من الخطابات والتصريحات الصحيفة إلى جرائم الحرب التي ترتكب في اليمن، الأمر الذي فسره المراقبون أنه محاولة من موسكو للتقرب من حكومة صنعاء.