تحليل/ عمرو عبدالحميد/ وكالة الصحافة اليمنية
نستطيع القول إن الاجتياح الروسي لأوكرانيا هبة من الله للشعب اليمني لعدة أسباب كما أنها منحت قوات صنعاء، التحكم بزمام المبادرة على المستوى الإقليمي.
الحرب الروسية الأوكرانية كشفت عن حقيقة الحرية والإنسانية الزائفة التي تتغنى بها الدول الغربية وازدواجية المعايير لتلك الأنظمة بالإضافة إلى العنصرية الفجة بكل وضوح إلى درجة أنهم يرون العرب بشر من الدرجة العاشرة.
لم تعد أمريكا صاحبة القرار وشرطي العالم الذي يفرض ما يريد وما يكون فالحسابات تغيرت تماماً سيما بعد فرض العقوبات الاقتصادية الكبيرة على روسيا كمغامرة أمريكية أوروبية غير محسوبة العواقب وهو ما خلط الأوراق على الجميع وبالذات بعد فرض بوتين شراء نفط بلاده بالروبل الروسي وسبق أن ذكرنا أن هذه الحرب ستخلق نظام اقتصادي عالمي جديد.
العقوبات الغربية على النفط الروسي جعلت “واشنطن” وحلفائها تبحث عن بديل ومن المفاجآت إرسال الإدارة الامريكية وفد إلى فنزويلا والتفاوض حول ضخ النفط الفنزويلي إلى السوق العالمي وبحصة أكبر للأمريكي العدو التقليدي لكاركاس مقابل تخفيف العقوبات السابقة المفروضة على فنزويلا.
البديل الآخر إلى جانب فنزويلا وتعول عليه الولايات المتحدة الامريكية بشدة أكثر من غيرها (السعودية والإمارات) واللتان تمثلان الورقة الرابحة لـ واشنطن لكن هذه الورقة مهددة بالاحتراق ولضمان التدفق النفطي وتغطية السوق الامريكية والأوروبية من “الرياض وأبو ظبي” تحتاج إلى استقرار تام وهو ما يبدو أنه مفقود منذ ثمانية أعوام نتيجة الحرب على اليمن كونهما قطبا هذه الحرب العدوانية وهو وصف صحيح وعلى المشككين فيه أن يأخذوا بعين الاعتبار وصفهم للهجوم الروسي على أوكرانيا بالعدوان والغزو ولم يُعد يجدي نفعاً الكيل بمكيالين أمام تقلبات المشهد العالمي.
ما بين “الرياض وابوظبي” لتنفيذ الطلب الأمريكي عوامل غير مشتركة نتاج الحالة التي خلقتها الحرب الروسية الأوكرانية، فالرياض مثلاً رفضت طلب الأمريكيين المتمثل بزيادة دول أوبك معدل الإنتاج والضخ إلى الأسواق العالمية رفض الرياض له مآرب وذلك للضغط على الإدارة الامريكية فيما يتعلق بتزويدها بالسلاح وبالأخص هنا منظومات الدفاعات الجوية للحماية من الهجمات اليمنية وزيادة الضغط على أنصار الله من خلال مجلس الأمن الدولي الرفض السعودي حمل أيضاً رسائل لـ موسكو لإتقاء غضب الدب الروسي.
فيما (أبوظبي) لم تكن مع زيادة معدل الإنتاج وشهدت علاقتها مع واشنطن توتراً نوعاً ما على إثر الرفض والتي تهدف منه الإمارات كغاية أولى هو التقرب إلى روسيا بشكل أكبر وجذب الأموال الروسية إليها للتهرب من العقوبات ولتكون المتنفس الوحيد لرجال الأعمال الروسيين لتستفيد من أموالهم في المقابل يضمن الروس بقاء أموالهم بعيداً عن العقوبات الامريكية.
آمال السعودية والإمارات لن تستطيع تحقيق رغبة الأمريكيين أو الروس إلا في حال استقرار وهو ما لا يمكن حدوثه بسبب استمراراهم في الحرب على اليمن وفرض حصار خانق.
القيادة الثورية والقوات المسلحة اليمنية لم يفوتها هذا الأمر الذي يمثل طبق من ذهب وتمكنت من تسديد عمليات عسكرية في العمق السعودي كلفه الكثير، ثلاث عمليات متتالية حملت اسم كسر الحصار الأولى والثانية والثالثة في غضون شهر، واستمرار هذه العمليات من دون أدنى شك يخلط الأوراق على الجميع.
الولايات المتحدة الامريكية أدركت صعوبة الوضع وكعادتها بإصدار الإدانات إلا أن الخارجية الامريكية كشفت بأنه يجب إيقاف الحرب في اليمن وإصدار قرار دولي لإنهاء الحرب التي دخت في عامها الثامن.
واشنطن تعلم أن استمرار الحرب على اليمن في ظل الحرب الروسية الأوكرانية يعمل على تعقيد الوضع الدولي خصوصاً أن اليمن يقع على أهم مضيق مائي في العالم المتمثل بمضيق باب المندب وبما أن قرار الحرب ليس بيد السعوديين والإماراتيين كما هو معروف إذا ما استذكرنا أن إعلان الحرب على اليمن كان من واشنطن فالقرار بيد الأمريكي وإذا ما تحرك الأمريكي بشكل جاد لإيقاف الحرب فعليه طمأنة حليفه الكيان الإسرائيلي ووكيله الرسمي في المنطقة وشريك “السعودية والإمارات” بالحرب على اليمن وفق تأكيدات مسؤولي الكيان ووسائل إعلامه المختلفة طوال الفترة الماضية، وأمام هذا الوضع لا يمتلك الأمريكيين من عوامل الاطمئنان سوى أنه يقدم المساعدة بشكل اكبر للإسرائيليين بإنشاء قواعد عسكرية على الجزر اليمنية في البحر الأحمر كتلك المتواجدة في جزيرة “سقطرى وميون” وبغطاء إماراتي ومنح الإسرائيليين أيضاً فرصة لترتيب أوراقهم مع عملائهم بالداخل اليمني، وهو ما أكد عليه رئيس وزراء كيان العدو السابق “بنيامين نتنياهو” بوجود شريحة في الوسط اليمني تعمل معهم ووصفهم بالأصدقاء وستكون مهمتهم في الأغلب العمل على تنشيط ملف الفساد الأخلاقي والملف الأمني لزعزعة الاستقرار