مُنذ العصر الجاهلي وإلى وقت قريب من العصر الحديث كانت فريضة الحج متاحة لكل إنسان لإداء شعائر هذه الفريضة وزيارة بيت الله الحرام بكل سهولة ويُسر .. فريضة يجب أن تسمو فوق أي صراعات وخلافات سياسية لأنها متعلقة بجانب روحي مهم في حياة الإنسان حيث يقف في بيت الله الحرام أمام الخالق بخشوع وتجرد من كل نوازع الشر والأحقاد .. كان الحج وما يزال بمثابة تطهير لمسيرة العمر من كل الشوائب والأخطاء والتجاوزات حتمت على المرء الوقوف بخشوع أمام الخالق في بيته العتيق طلباً للصفح والغفران عن ذنوب وآثام قد ارتكبت خلال مسيرة الحياة.
اليوم وبكل أسف وأمام مرأي ومسمع العالم كله هذه الفريضة الجليلة والعظيمة يتم إقحامها في الصراعات السياسية وظفتها مملكة الشر كمناسبة لتصفية الأحقاد والنزاعات والصراعات الأخرى دون الأخذ بعين الاعتبار قدسية هذه الفريضة العظيمة والعمل بها وفقاً بما أمر الله به عباده والتجرد من كل شيء حين الوقوف أمام الله في بيته المعظم.
لقد سيست مملكة آل سعود ونظامها القمعي الذي يعود إلى أنظمة القرن التاسع عشر كل شيء لخدمة أهدافها واستمرارية نظامها وأوجدت جيشاً من المرتزقة تحت تسمية علماء للعمل على تطويع أحكام الله وشرائعه الواضحة لخدمة النظام السعودي وأوجدوا الفتاوى اللازمة والمزيفة لذلك وحولوا فريضة الحج إلى مجرد مطية لتحقيق أهداف النظام الملكي السعودي وارتكبوا كل المحرمات في تلك البُقعة الطاهرة.
تاريخياً لم يحدث أن أمر خليفة أو حاكم بغلق أبواب بيت الله الحرام أمام أي مسلم نوى الزيارة للحج والعمرة إلا في عهد أسرة آل سعود حيث حولوا الحج إلى عامل ابتزاز والضغط على الخصوم السياسيين وهذا ما حصل بالفعل للحجاج الإيرانيين من عملية صد لهم ومضايقتهم وقتلهم داخل الحرم المكي وكذلك الحال بالنسبة للحجاج اليمنيين الذين مورس في حقهم الأساليب السعودية في الصد والتضييق والمنع من زيارة بيت الله الحرام وأداء فريضتي الحج والعمرة في الوقت الذي فتحت فيه آراضي المملكة بشكل عام والمدينتين المقدستين مكة والمدينة بشكل خاص أمام شذاذ الأفاق من كل أصقاع الأرض بما فيهم اليهود والنصارى.
لقد تجاوز النظام السعودي كل الخطوط الحمراء والمحظورات فيما يتعلق بأداء فريضتي الحج والعمرة لكن دوام الحال من المحال وكما يقول المثل اليمني “أشتدي يا أزمة تنفرجي” لعل في تلك الإجراءات التعسفية السعودية يكتب الله الفرج منها للخلاص من نظام آل سعود.