تحولت قوات الكوماندوز الأمريكية السرية التي تعمل في الخفاء بالعديد من الدول العربية والإفريقية إلى محط أنظار الإعلام الأمريكي، وسط مخاوف من أنها تشارك في انتهاكات حقوقية، في ظل عملها مع أنظمة مستبدة وميليشيات محلية دون أي رقابة.
وتبين أن قوات العمليات الخاصة الأمريكية التي تنخرط في برنامج سري يدعى “127 إي السري” لشن حروب بالوكالة على نطاق أوسع كثيراً مما كان معروفاً في السابق، حسبما كشف تقرير لموقع ” ذا انترست ” الأمريكي من خلال وثائق ومقابلات حصرية مع عدد من المسؤولين الحكوميين الحاليين والسابقين.
وأظهرت وثائق جديدة- حصل عليها الموقع بموجب قانون حرية المعلومات الأمريكي- أول تأكيد رسمي على نشاط برنامج “127 إي” في 14 دولة على الأقل في الشرق الأوسط الكبير ومنطقة آسيا والمحيط الهادئ حتى عام 2020 وأنَّ قوات الكوماندوز الأمريكية نفذت في إطار هذا البرنامج ما لا يقل عن 23 عملية في جميع أنحاء العالم في الفترة بين عامي 2017 و2020، بعدما كشفت وثائق سابقة استخدام وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) لبرنامج “127 إي” السري في العديد من الدول الإفريقية.
ووفقاً للبرنامج انتشر أعضاء قوات العمليات الخاصة الأمريكية في 154 دولة، أو ما يقرب من 80% من دول العالم، العام الماضي.
في هذا الصدد، أكَّد جوزيف فوتيل، وهو جنرال متقاعد ترأس قيادة العمليات الخاصة والقيادة المركزية المشرفة على الجهود العسكرية الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط على وجود عمليات أمريكية لـ”مكافحة الإرهاب” بموجب برنامج “127 إي” لم يُكشف عنها سابقاً في مصر ولبنان وسوريا واليمن.
وأقر مسؤول دفاعي سابق آخر رفيع المستوى، طلب عدم الكشف عن هويته، أنَّ نسخة سابقة من برنامج “127 إي” كانت تُنفّذ أيضاً في العراق وتونس. ثمة مذكرة سرية أخرى، رُفع عنها صفة السرية ونشرها موقع “The Intercept”، تسلط الضوء على السمات المختلفة لسلطات هذا البرنامج، والتي تشمل تسهيل الوصول إلى مناطق من العالم يتعذر الوصول إليها حتى من خلال أفضل القوات الخاصة الأمريكية.
توفر الوثائق والمقابلات الصورة الأكثر تفصيلاً حتى الآن لسلطة تمويل غامضة تسمح لقوات الكوماندوز الأمريكية بتنفيذ عمليات لمكافحة الإرهاب باستخدام قوات شريكة أجنبية وغير نظامية في جميع أنحاء العالم. لا تزال المعلومات الأساسية الخاصة بهذه المهام، مثل أماكن تنفيذها وتواترها وأهدافها والقوات الأجنبية التي تعتمد عليها الولايات المتحدة لتنفيذها- غير معروفة حتى لمعظم أعضاء لجان الكونغرس ذات الصلة والموظفين الرئيسيين في وزارة الخارجية الأمريكية.
وتساعد الولايات المتحدة بموجب برنامج “127 إي” في تسليح وتدريب من تصفهم واشنطن بالقوات الأجنبية الشريكة وتزودها بالمعلومات الاستخباراتية.
لكن على عكس برامج المساعدات الخارجية التقليدية الأخرى، التي تهدف في المقام الأول إلى بناء القدرات المحلية، ترسل الولايات المتحدة في إطار هذا البرنامج القوات الأجنبية الشريكة في مهام موجهة تستهدف من تسميهم بأعداء الولايات المتحدة لتحقيق الأهداف الأمريكية.
قال مسؤول دفاعي كبير سابق مشارك في البرنامج إنَّ “المشاركين الأجانب في برنامج (127 إي) يملأون الفجوات التي يتعذر على واشنطن توفير ما يكفي من الجنود الأمريكيين لملئها”.
ويقول جنرالات متقاعدون لديهم معرفة وثيقة بعمليات البرنامج– المعروف عسكرياً باسم “127- إيكو”- إنَّه فعَّال للغاية في استهداف الجماعات المسلحة مع تقليل المخاطر على القوات الأمريكية. ومع ذلك، أكَّد خبراء للموقع الأمريكي أنَّ استخدام سلطة غير معروفة يثير مخاوف جسيمة بشأن المساءلة والرقابة وربما ينتهك الدستور الأمريكي.
تحدّد إحدى الوثائق التي حصل عليها موقع “The Intercept” تكلفة عمليات البرنامج بين عامي 2017 و2020 بمبلغ 310 ملايين دولار، فيما يُمثّل زيادة كبيرة عن الميزانية المخصصة له البالغة 25 مليون دولار عندما أجيز تطبيقه لأول مرة في عام 2005.