يضع محافظ محافظة مأرب المحتلة عضو ما يسمى بالمجلس الرئاسي، سلطان العرادة نفسه في مأزق التصريحات التي تبدو أكبر من قدراته، خاصة تلك التي تتعلق بالأوضاع المأساوية التي تسبب بها التحالف في حربه على اليمن.
العرادة الذي بالكاد غادر الرياض عائدا إلى مأرب، بات يضع نفسه في مرمى “السخرية” جراء تصريحاته الرنانة التي لا يملك من تنفيذها حتى قرارًا واحدًا، بل وكشف حواره مع قناة ” بي بي سي” البريطانية أن الرجل يعيش دور مواليد برج الأسد، فيما هو مجرد بيدق شطرنج يحركه التحالف بخطوات بطيئة ومحدودة لا تسمح له بالتنقل في مربعات السياسة اليمنية، حسب صلاحياته التي يفترض أن تكون ممنوحة له.
من مهازل العرادة “لهجة التحدي” التي ظهر بها مناوشًا حكومة صنعاء، متحدثًا عن استعداده لربط كهرباء غازية مأرب إلى العاصمة في حواره لـ “بي بي سي” ، مستدركًا تصريحه بالقول أن “الحوثيين” رفضوا هذا العرض الذي سبق وقدمه في 2016م، حد قوله.
مالم يتوقعه العرادة أن رد صنعاء جاء حاسمًا وصريحًا، حيث أكد نائب وزير الخارجية حسين العزي في تغريدة على حسابه بـ “تويتر” قبول العرض، وطالب بتشكيل لجنة مشتركة لبدء تنفيذ إعادة الكهرباء إلى صنعاء، وهو الرد الذي عززه عضو المجلس السياسي محمد علي الحوثي بتغريدة مماثلة على “تويتر” قال فيها “في 2016م، جهزنا فريق لإصلاح شبكة الكهرباء وإعادة التيار من المحطة الغازية، ورفض المرتزقة”، وأضاف “واليوم ندعوهم مجددًا إلى إعادة الكهرباء من هذه المحطة، ونحن مرحبين بأي عرض يعيد التيار للمواطنين، كونهم يعانون بشدة من الكهرباء التجارية، وأي حل لعودته مرحب به”.
هذا الترحيب والقبول، بمثابة تعرية للعرادة وتحدي بنقل تصريحاته من حافة اللسان إلى أرض الواقع، وفيما يبدو أن ترحيب صنعاء واستعدادها لإعادة ربط التيار الكهربائي من مأرب، فضح المستفيد الفعلي من انقطاع الكهرباء، وحدد بشكل قاطع من يستلذ بمعاناة اليمنيين، العرادة لم يرد حتى اليوم على قبول صنعاء مبادرته، وهو ما يعكس أنه قطع وعدًا أكبر منه، يفوق صلاحياته الشطرنجية الرتيبة.
حوار عقيم.. استخفاف مزري
من جهة ثانية حمل حوار العرادة العقيم استخفافًا بعقول الناس في اليمن، حين قال العرادة بأن تمديد الهدنة يعتمد على الوفاء بصرف رواتب الموظفين وفتح طريق تعز، هذا الاستخفاف جاء من منطلق أنه بمعية التحالف يتحكمون في موارد النفط والغاز بمأرب، فيما لا يتم توريد أي أموال إلى بنك عدن المركزي، بعد نقله من صنعاء، بعد أن اعترف العرادة بأن مبالغ كبيرة من هذه العائدات تورد إلى البنك الأهلي السعودي، مشيرًا في ذات الحوار إلى أن هذه الأموال تُشرف عليها حكومة ما تسمى بـ ” الشرعية”، ومع هذا يُطالب صنعاء بصرف رواتب اليمنيين، فهل كان الرجل واعيًا لما قاله للقناة الإنجليزية؟
وبالنظر إلى فتح بعض الطرقات، ومنها طريق تعز، فقد تعمد العرادة تجاهل مبادرة صنعاء بفتح طريق تعز (الستين – الخمسين) بالتنسيق مع الأمم المتحدة؛ وتغافل عن رفض قوات التحالف وعناصره في تعز فتح الطريق وعبور أي وسائل نقل للخط المقترح، في استهتار جديد بمعاناة اليمنيين.
هدنة بشروط تخفيف المعاناة
كانت الهدنة التي خططت لها الأمم المتحدة، فرصة لتخفيف معاناة الناس في اليمن، من خلال فتح الطرقات والسماح لسفن النفط والغذاء بالدخول إلى ميناء الحديدة دون عراقيل، إضافة إلى صرف رواتب الموظفين دون استثناء.
قدمت حكومة صنعاء كافة التسهيلات لتحقيق هدنة تحفظ لليمنيين كرامتهم وحصولهم على أبسط حقوقهم على الأقل في ظل استمرار الحرب، لكن شعب اليمن لم يلمس حتى الآن أي جدوى من تلك الهدنة ، بينما أكد نائب وزير الخارجية حسين العزي في حكومة صنعاء أن الهدنة إذا لم تحقق اتفاقات صادقة وواسعة وموثوقة وملموسة الأثر، تشمل كل الجوانب الإنسانية والاقتصادية، بما في ذلك الإيرادات النفطية والغازية والمرتبات، فإنه الهدنة “زائفة”.
وهي الشروط التي توقعت حكومة صنعاء أن تكون ذات أولوية لأي اتفاق خاصة بعد سريان الهدنة السابقة منذ إبريل الماضي، قبل أن يتم تمديدها 60 يومًا تنتهي في الـ 2 من أغسطس المقبل؛ إلا أن تعنت التحالف يحول دائمًا دون تحقيق أي نتائج مثمرة تمضي بالحرب قدمًا نحو النهاية.