تحليل / وكالة الصحافة اليمنية //
مصداقية الاحتلال بعد جهود الوساطة المصرية والقطرية والأممية تعادل صفراً لدى الفصائل الفلسطينية مجتمعة.
ارتكب قادة الكيان الصهيوني أخطاء تكتيكية تهدد بمعركة طويلة تتحول فيها مستوطنات غلاف غزة لميدان رماية يصعب معه عودة المستوطنين.
تصعيد الاحتلال يعني وقتا أطول ومخاطر أكبر؛ بانضمام مزيد من الأطراف والساحات للمواجهة.. نتيجة محصلتها النهائية تآكل قدرة الردع الإسرائيلي.
اغتيال تيسير الجعبري القائد بسرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي فخ نصبه قادة العدو لأنفسهم يمكن أن يتسبب بإراقة ماء وجوههم.
ساحة الصراع مع الاحتلال منفتحة على مسار سياسي وأمني معقد؛ فقادة الكيان الصهيوني ارتكبوا سلسلة من الأخطاء التكتيكية؛ تهدد بمعركة طويلة تتحول فيها مستوطنات الغلاف لميدان رماية يصعب معه عودة المستوطنين إلى غلاف غزة، ويصعب معه تجنب التصعيد والمواجهة مع حركة حماس وسائر الفصائل الفلسطينية في القطاع والضفة الغربية.
المواجهة يرجَّح أن تتحول الى مازق للاحتلال بفعل عامل الوقت وعبثية الأهداف وغموضها، وغموض دوافع المخططين لها (غانتس ولبيد وكوخافي)، فالخشية من انتقال المواجهة للضفة الغربية وأراضي 48 بشكل مباغت، يزيده سوءاً اقتراب موعد عمل شركة هاليبرتون الامريكية في حقل الغاز كاريش المتنازع عليه مع لبنان في سبتمبر المقبل، بالإضافة لانتخابات الكنيست المرتقبة في نوفمبر القادم.
كل ذلك جعل ترقب قادة الاحتلال لإعلان حركة حماس انضمامها رسميا للمعركة على لسان أبي عبيدة الناطق باسم كتائب عز الدين القسام (الجناح العسكري لحركة حماس) سبباً للتوتر والشعور بالهزيمة المبكرة؛ إذ أفقد الاحتلال ميزة المبادرة، وأحبط جهودها لترميم الردع المتآكل، وتحقيق إنجاز للحكومة والجيش، وهي مفارقة مضحكة، ولكنها مؤلمة في الآن ذاته.
تكرار الإعلان عن عدم توافر النية لاستهداف أي من فصائل المقاومة في غزة، وعلى رأسها حركة حماس، أفقد الاحتلال ميزة المبادرة، علما أن مصداقية الاحتلال بعد جهود الوساطة المصرية والقطرية والاممية تعادل صفراً لدى الفصائل الفلسطينية مجتمعة.
الخشية من إعلان حركة حماس بشكل رسمي انضمامها للعمليات؛ عنصرٌ ضاغط على متخذي قرار الحرب، وهم وزير الحرب بيني غانتس، ورئيس الحكومة عديم الخبرة يائير لبيد المترقب لانتخابات الكنيست، ورئيس الأركان أفيف كوخافي الباحث عن إنجاز يُخرجه من دائرة الفشل التي وسمت بها قيادته للأركان خلال الثلاث سنوات ونصف الماضية، سواء من قبل كبار الضباط، أو التقارير الأمنية والإعلامية التي نشرت للعلن مؤخرا، والتي تتهدد مستقبله السياسي في حال قرر أن ينضم لصفوف النخبة السياسية المتنافسة على مقاعد الكنيست.
الخشية من انضمام حركة حماس وجناحها العسكري بشكل علني للمواجهة؛ بات رادعاً ومعيقاً للاحتلال من توسيع دائرة الاستهداف والمواجهة مع حركة الجهاد الإسلامي وفصائل المقاومة التي انتزعت منه زمام المبادرة؛ لتتحول إلى ورقة تفاوض تثقل كاهل الثلاثي كوخافي ولبيد وغانتس.
أكثر ما يزعج ويقلق القيادة الثلاثية؛ اضطرارها لتقديم تنازلات لغرفة العمليات المشتركة ولحركة لحماس؛ بفتح المعابر مقابل تجنب توسيع المواجهة، واقتصارها على هجمات الجهاد الإسلامي على غلاف غزة، والتي تخطط لمواصلة ضرباتها وتوسعتها تجاه الضفة الغربية.
مسار سيفتح الباب لسيناريوهات لا نهائية ومكلفة للاحتلال؛ تدفعها للتفاوض مع فصائل المقاومة في غزة، وعلى رأسها حماس، لتشمل إضافة شروط جديدة تتعلق بالمقاومة في الضفة الغربية وجنين ونابلس ومحيطها.
أو استهداف الاحتلال لحركة حماس على أمل أن يقود التصعيد الإسرائيلي إلى تهدئة شاملة تلزم حركة الجهاد الإسلامي وحماس في الآن ذاته بوقف القصف الصاروخي، ما يعيد الاحتلال الى نقطة الصفر التي بدأ منها كل شيء، وهي إطالة أمد المواجهة، وتعقّد أهدافها ومساراتها.
فرغبة القادة الثلاثة (غانتس وكوخافي ولبيد) تجنب انتصار المقاومة دون إطلاق صاروخ واحد بعد اعتقال القيادي في الجهاد الإسلامي بسام السعدي؛ دفعها لرد فعل قاد لردود فعل وفوضى لن تنتهي في أيام أو أسابيع.
ختاما.. اغتيال تيسير الجعبري قائد المنطقة الشمالية في سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الاسلامي؛ فخ نصبه القادة الثلاث لأنفسهم (غانتس ولبيد وكوخافي) من الممكن أن يتسبب بإراقة ماء وجوههم، فهل تترك لهم المقاومة ثغرة للانسحاب والتراجع؟ وما هو الثمن الذي يجب أن يدفعه الاحتلال في المقابل؟
فالتصعيد من قبل الاحتلال يعني وقتاً أطول واحتمالات ومخاطر أكبر؛ بانضمام المزيد من الأطراف والساحات للمواجهة.. نتيجة تمثل في محصلتها النهائية أحد مظاهر تآكل قدرة الردع الاسرائيلي.
* حازم عياد كاتب وباحث سياسي