كشف جنود سابقون في جيش الاحتلال الإسرائيلي، كيف يسمح قادتهم بشن ضربات في غزة وهم يعلمون أن المدنيين سيقتلون ومن بينهم الأطفال والنساء.
ونشرت مجلة “+972” العبرية تقريرا، تفاخر فيه مسؤولون في جيش الاحتلال بنسبة القتلى من غير المقاتلين في قطاع غزة.
وأوضح معد التقرير يوفال أبراهام؛ الصحفي والناشط المقيم في القدس، أن جيش الكيان الإسرائيلي اعترف بأنه أطلق النار على أشخاص عزل؛ وذلك بحسب ضابطة أجرت مقابلة مع الموقع ذاته الذي تعاون مع المجلة العبرية.
وقالت؛ إنه خلال الهجوم الأخير: “نزل عنصر من حركة الجهاد الإسلامي من بيته وكان أعزل، ولكنني فتحت النار عليه، وعندما سقط، أطلقت النار أكثر”.
ويكشف الموقع عن أن غالبية الصهاينة يعتقدون أن أي أطفال أو أُسر مدنية قتلوا في غزة خلال العمليات العسكرية الإسرائيلية، يُقتلون عن غير قصد، حيث يذهب التفكير إلى أن قوات العدو الإسرائيلي لا تقتل الأبرياء عن علم.
وقال؛ إن هذه الآلية تتيح للمجتمع الصهيوني أن ينسى مشاهد الدم والرعب، وأن يطرد من الوعي مئات الأطفال الذين قتلهم جيش الاحتلال الإسرائيلي في غزة على مر السنين.
ويؤكد الموقع أن الواقع أكثر تعقيدا من ذلك بكثير؛ حيث تكشف المحادثات مع الصهاينة الذين خدموا في وحدات مختلفة من فيلق المخابرات الإسرائيلي خلال الأشهر الماضية، أنه خلال عملياته العسكرية، وفي كثير من الحالات، يعرف الجيش قبل الهجوم أنه سيقتل المدنيين العزل.
وتكشف الشهادات أن قرار قتل المدنيين ليس بالخطأ، بل هو قرار محسوب وواع؛ حيث شهد الجنود السابقون بأن رؤساءهم أخبروهم أنه يسمح للجيش بقتل عدد معين من “غير المقاتلين” – أي العائلات والأطفال – في أثناء الأنشطة العملياتية؛ وطالما أنه لم يتم تجاوز هذا الحد، فيمكن الموافقة على القتل مسبقا.
وينقل الموقع عن دانا -التي استخدمت اسما مستعارا؛ مثل جميع الجنود السابقين الذين تمت مقابلتهم في هذا المقال- وهي معلمة روضة أطفال تعيش في شقة مفروشة من الخشب، مليئة بكتب الفلسفة في وسط تل أبيب؛ أنها خلال خدمتها العسكرية، شاركت في عملية اغتيال قُتِلَ فيها طفل يبلغ من العمر خمس سنوات في غزة.
وقالت: “عندما خدمت في قسم غزة، كنا نتبع شخصا من حماس؛ لأن الجيش كان يعلم أنه يخفي الصواريخ، ولقد اتخذوا قرارا بالقضاء عليه”.
ويبين الموقع أن دانا عملت كضابطة تحليل حركة المرور في غرفة العمليات؛ حيث كانت وظيفتها تأكيد أن الصاروخ أصاب الشخص المناسب.
وقالت: “أرسلنا طائرة بدون طيار لمتابعة الرجل لقتله، لكننا رأينا أنه كان مع ابنه، الذي كان صبيّا، في الخامسة أو السادسة من عمره، على ما أعتقد”، مضيفة: “قبل الاغتيال؛ يجب الرجوع إلى معلومات من مصدرين مختلفين حتى نعلم أننا نقتل الهدف الصحيح، ولقد أخبرتُ القائد، الذي كان برتبة مقدم، أنني لا أستطيع تحديد الهدف بالكامل، وطلبت عدم تأكيد إطلاق النار، ولكنه قال: لا يهمني، وأكد ذلك، وكان على حق أيضا، فلقد كان الهدف صحيحا، ولكنهم قتلوا العنصر العسكري الحمساوي والصبي الصغير الذي كان بجانبه”.
ووفقا للموقع، فقد قالت دانا إنها كانت في حالة إنكار حينها، وتابعت قائلة: “القادة قالوا إن هذا يتوافق مع القواعد، ومن ثم فهو مسموح به، فقد كانت لدينا قواعد في الجيش تتعلق بعدد غير المقاتلين المسموح بقتلهم في غزة مع الأهداف المسموح بقتلها”.
وأشار الموقع إلى أن العديد من المسؤولين الآخرين في فيلق المخابرات رددوا كلمات دانا؛ حيث إنهم خدموا في المكان ذاته خلال الحروب السابقة على غزة في السنوات الأخيرة.
وذكر الموقع نقلا عن ثلاثة منهم، بمن فيهم دانا، أنه في أعقاب أي قصف إسرائيلي على غزة يُقتل فيه فلسطينيون؛ يُطلب من الجنود مراقبة المحادثات الهاتفية لأفراد الأسرة، لسماع اللحظة التي يخبرون فيها بعضهم بعضا أن أحباءهم قد ماتوا.
وأوضحت دانا؛ “إنها طريقة أخرى للتحقق من القتلى، وطريقة للتأكد من وفاة الشخص الذي أردناه، وكانت هذه وظيفتها بعد مقتل الصبي البالغ من العمر خمس سنوات؛ حيث تقول: “سمعتُ امرأة تقول: “مات؛ الطفل مات”، وهكذا أكدتُ إتمام المهمة”.
بل وأكثر من ذلك، فقد كشفت الشهادات، بأن جيش الاحتلال يحول مأساة الفلسطينيين إلى دروس للغة العربية من أجل التجسس والعمليات العسكرية.
فقد قدم الموقع شهادة أخرى، لمجند سابق يدعى زيف، الذي أنهى خدمته في وحدة استخبارات سرية للغاية قبل ثلاث سنوات، والذي كشف عن أن بعض هذه المحادثات تم حفظها واستخدمت لاحقا لتعليم الجنود اللغة العربية.
ويتذكر المرة الأولى التي سمع فيها مثل هذه المحادثة في أثناء التدريب؛ ويؤكد أنها كانت لحظة محفورة في أذهان الجنود، ووصفها بأنها “مروعة بشكل خاص”.
ويتذكر زيف قائلا: “في أثناء التدريب، تعلمنا اللغة العربية من خلال المكالمات الهاتفية من الفلسطينيين. وذات يوم، قدم القادة مكالمة من أم أخبرها زوجها عبر الهاتف أن طفلهما قُتل؛ حيث بدأتْ بالصراخ والبكاء، وكان من الصعب جدا الاستماع إليها، فقد كانت تمزق القلب، وكان علينا ترجمة صراخها إلى العبرية”.